في الواقعية والتفكير الرشيد (5)
في حساب الأرباح والخسائر من جانبنا
هذا أصعب جزء يمكن الكلام فيه لأنه يتعلق بحساسيتنا للمعركة التي ما زالت قائمة ومستمرة، فهذه المعركة جاءت تتويجاً لمرحلة طويلة من الأزمات عاشتها الساحة الفلسطينية، وقد جاءت اختباراً للإنجاز الحقيقي الوحيد الذي حققه الشعب الفلسطيني والمتعلق في خلق حالة مقاومة عصية على الكسر والتجاوز في قطاع غزة.
نحن منكشفون سياسياً بما يستدعي أن تؤدي المقاومة في الميدان دور الرافعة التي تجبر هذا الانكشاف السياسي.
ونحن محاصرون ومستهدفون بالقوة العسكرية الإسرائيلية والمطلوب من المقاومة هو إجبار هذه القوة على فك حصارها وإيقاف استهدافها لنا.
حجم التضحيات والدمار هائل جداً، وإذا أضفناه إلى تراكم الأزمات الاقتصادية والمعيشية والسياسية فنحن في وضع حرج يستدعي ان تكون نتائج هذه الحرب اختراقاً للوضع القائم.
المهمة التي تحملها المقاومة مضاعفة إذن، والفشل يعني انعكاسات مدمرة على كل الواقع الفلسطيني ربما تجر إلى تغيرات في كل المشهد القائم.
المقاومة أنجزت مهمة وأد الخيار الإسرائيلي لاجتياح قطاع غزة برياً في هذه المعركة، وسجلت قدرة مميزة جداً في الأداء القتالي وإدارة المعركة، وحتى على المستوى السياسي فإن توحيد الموقف الفلسطيني ولو مرحلياً كان من أهم إنجازات المعركة.
لن أعلق على الأداء السياسي المتعلق بإدارة التفاوض لأسباب عديدة أهمها عدم وضوح جوانبه حالياً بشكل كاف، ولأن المعركة ما زالت تدار في الميدان والغرف المغلقة بشكل مترابط بدرجة تشعرنا بأن إمكانيات الإنجاز ما زالت قائمة رغم المؤشرات السلبية التي تخرج من هنا وهناك والتي أعتبرها جزءاً من المعركة السياسية.
المهم هو الواقعية فلا نطالب بأقل مما يمكن أن نحصل عليه، ولا نرفض أي من الوسائل التي يمكن أن تسهل حصولنا على مطالبنا، وأن لا نحرق سفننا بالتحجر على ما لا يمكن تحقيقه، وأن لا يتحول التفاوض إلى حالة مزمنة تغطي على رغبة المحتل في عدم التنازل.