Menu
11:51الوعى الاستثنائى فى فكر  د.فتحى الشقاقى
11:47قيادي بحماس يتحدث عن "أهمية رسالة السنوار لرموز المجتمع"
11:45مستوطنون يقتحمون قبر يوسف بنابلس
11:40مقتل سيدة ورجل بالرصاص في باقة الغربية واللد
11:31مقتل 3 اشخاص وعدد من الجرحى في هجوم طعن بنيس في فرنسا
11:28الإمارات تسرق "خمر الجولان" السوري وتنصر "إسرائيل" ضد BDS
11:26صحيفة: تفاهمات بين القاهرة وحماس حول آلية جديدة لعمل معبر رفح
11:23حماس تهاجم تويتر لحظر حسابات فلسطينية بضغط إسرائيلي
11:22صحيفة: لمنع عودة أنصار دحلان.. عباس يدفع برجاله في قيادة حركة فتح بالقدس
10:35تدهور مستمر في حالته الصحية.. 95 يومًا على إضراب الأسير الأخرس عن الطعام
10:32الإحتلال تخبر السلطة بموعد تفعيل العقوبات ضد البنوك الفلسطينية
10:314 أسرى يواصلون إضرابهم عن الطعام
10:26ارتفاع عدد وفيات "كورونا" في إسرائيل إلى 2494
10:257 إصابات بـ4 حوادث سير في قطاع غزة خلال 24 ساعة
10:23وزارة الصحة بغزة : تسجيل حالة وفاة و 276  اصابة جديدة بفيروس كورونا و تعافي 145 حالة

الوعى الاستثنائى فى فكر  د.فتحى الشقاقى

بقلم/ احمد المدلل


ما كان د. فتحى الشقاقى نبياً  أو ساحرا أو كاهناً ، وإنما كان ملهما وهبه الله ملكات نادرة ... شاب (١٩٥١ - ١٩٩٥) ذو همة عالية يجللها الإيمان والقيم الدينية  التى حث عليها النبى محمد صلى الله عليه وسلم ... قرأ السيرة النبوية المحمدية بوعى حركى كنا نشعر أنها  تدفعه بثقة واصرار دون تردد بالرغم من وعورة الطريق وضعف الامكان وقلة النصير  ، بدأت فكرة (الجهاد الأسلامى) تتبلور لديه من خلال دراسته الواعية وتأملاته الثاقبة فى آيات القرآن الكريم وتفسيراته  وقيمه الايمانية والتعبدية والروحية كما أبحر فى قراءة  سنن التاريخ من خلاله ، ومن آيات الانفال وبراءة والاسراء والحشر والمطففين وغيرها من السور التقط الزاد الذى يضمن له صوابية المسار من أجل تحقيق الهدف ،  درس العلوم الكونية وتاريخ الامم والشعوب والحضارات بوعى منقطع النظير  ، سلّط ضوء بصيرته باتجاه تاريخ  الامة الاسلامية وخطّ لها منحنى الهبوط والصعود ، وكان متميزا فى شرحه لنا على السبّورة مستحضراً كتابات ابن خلدون و مالك بن نبى وسيد قطب  وعلى شريعتى وغيرهم من فقهاء الفلسفة والفكر والتاريخ ، لكنه تميز عنهم أنه ابن عصرنا الذى نحياه سوياً . حارب العلو الاسرائيلى بكل ما أوتى من قوة ووعى وإرادة ليحافظ على مركزية فلسطين  فيما جيوش وأنظمة تسعى راكعة وذليلة لإرضاء أمريكا واسرائيل  وبيع فلسطين بثمن بخس بعد أن قادوا الأمة نحو هزائم متكررة أمام عصابات اليهود  ... حاول احياء المشروع الحضارى حتى تنهض الامة من جديد ... هزم بفكره ودمه سيف الصهاينة ... استشرف هشاشة أنظمة الحكم العربية منذ هزيمة ال٦٧ وأدرك أن هيجانها جعجعة وجيوشها فقط لقمع الشعوب وانحراف بوصلتها عن فلسطين ...
منذ اعلان الملك فهد  عام١٩٨١م الذى يمثل بداية الانهيار والقبول بصنع السلام والاعتراف بدولة الاحتلال الصهيونى مقابل انسحابها من أراضى احتلتها عام ١٩٦٧م استشعر خطورة ما سيصيب القضية الفلسطينية من تراجع بعد ذلك على المستوى الفلسطينى والعربى  وأن العدو الصهيونى سيأخذ كل شئ وسيُبقى كانتونات صغيرة يعيش فيها الفلسطينيون وأن الدور الذى سيقومون به لن يتجاوز مهام  الطبيب والشرطى والخباز ، وفى عام ١٩٨٢م عندما تعرضت بيروت للغزو الصهيونى وتم محاصرة منظمة التحرير طالب أبا عمار حينها عدم الخروج من بيروت لأنه سيكشف ظهر المخيمات الفلسطينية هناك ،  وبعد أن خرج مقاتلوا منظمة التحرير أُرتكبت أفظع المجازر ، مما دفعه للكتابة عن "فتح من الانطلاقة الى البقاع" سفر الخروج ، وبداية انهيار منظمة التحرير الفلسطينية ... وهو ينطلق فى كل ارجاء فلسطين يطرح الفكرة التى لم تكن مجرد تنظير بل تمثلت فعلاُ جهاديا على الارض من خلال تشكيل الخلايا العسكرية والاستفادة من خبرات عسكرية انتمت للثورة الفلسطينية من قبل وبقيت مرتبطة وطنيا بالعمل الفدائى على الارض الفلسطينية حيث اقتنعت بفكرة الجهاد الاسلامى وانتمت اليها ونفذت عمليات عسكرية فى الضفة والقدس وغزة فى بداية الثمانينات ، ولنا نماذج حية تعيش بيننا من أسرى تحرروا فى صفقة شاليط الأخ احمد ابو حصيرة والأخ محمد الحسنى وابطال عملية باب المغاربة  وأبطال الهروب الكبير القائد الشهيد مصباح الصورى  وابطال عملية الشجاعية الشهداء سامى الشيخ خليل وأحمد حلس ومحمد الجمل وزهدى قريقع ، ومن ثم كانت  "ثورة السكاكين"  ومن ابطالها خالد الجعيدى ونضال زلوم ومحمد ابو جلالة .
منذ بدايات انتشار فكرة الجهاد الاسلامى فى فلسطين لم تغفل المخابرات الصهيونية عن خطورة طرحها على دولة الكيان وأذكر انها تدخلت بقوة اكثر من مرة لمنع صلاة العراء التى كانت تدعو اليها حركة الاسلامى سنة ٨١ و ٨٢ و ٨٣ فى رفح وغزة وجباليا وكانت تطارد القائمين عليها وتبعث استدعاءات لهم لمقابلة الحاكم العسكرى ، واعتقال العشرات ممن انتموا للحركة عام ٨٣ فيما سُمّى حينها بضربة الطليعة الاسلامية المجلة التى أصدرتها  الجهاد الاسلامى وكانت توزع فى الضفة والقطاع والقدس وفى المؤسسات والجامعات والمدارس والنوادى والتجمعات الشبابية وتم اعتقال الدكتور فتحى حينها وحُكم عليه بالسجن احدى عشر شهرا وأعيد اعتقاله عام ٨٦ بعد اعتقال مجموعات عسكرية تابعة للجهاد وحُكم عليه بالسجن الفعلى أربع سنوات وخمس سنوات مع وقف التنفيذ ... واصلت الحركة نشاطاتها الثقافية والدعوية والعسكرية فى كل أنحاء فلسطين وظهرت بصمتها  قوية فى اشعال انتفاضة ١٩٨٧ انتفاضة الحجارة التى فجرت المكنون النضالى لدى الشعب الفلسطينى بكافة فصائله وفئاته وشرائحه . الى ان تم ترحيل الدكتور فتحى  الى لبنان فى اغسطس عام ١٩٨٨م وتوسع بعدها آفاق العمل الحركى خارج فلسطين بنسج علاقات وتحالفات على مستوى الوطن العربى والاسلامى ... وقبل ان تؤتى الانتفاضة ثمارها تم الالتفاف عليها باتفاقيات أوسلو التى دمرت  المشروع الوطنى الفلسطينى وأنهت دور منظمة التحرير الفلسطينية التى ذابت مؤسساتها فى سلطة اوسلو وما زاد الطين بلة انقسام سياسى حاد فى الساحة الفلسطينية وبدلاً من محاربة الاحتلال تجذر العداء بين السلطة والمقاومة وسفك الدم الفلسطينى بالبندقية الفلسطينية التى عملت حارساً للاحتلال ، وبالرغم من قتل واعتقال كوادر حركة الجهاد من أجهزة سلطة اوسلو إلا أن الدكتور فتحى رفض بشكل قاطع ان يستخدم سلاح الجهاد فى سفك دم فلسطينى وطالب أتباع الحركة ومجاهديها بالعض على الجراح  وابقاء السلاح موجها الى صدر  الاحتلال الصهيونى فقط ...  أدرك الدكتور فتحى خطورة اتفاقية اوسلو على الفلسطينيين واعتبرها المأتم للقضية الفلسطينية مما دفعه لتصعيد وتيرة العمل العسكرى ومحاولة نسف اوسلو من اساساته بعمليات عسكرية واسعة وبكافة اشكالها فى كل أنحاء فلسطين وقد توّج العمل العسكرى بعملية بيت ليد البطولية فى الثانى والعشرين من يناير عام ١٩٩٥م، التى طيّرت احلام الساسة والعسكريين والمجتمع الصهيونى وضربت المنظومة العسكرية والامنية الصهيونية وأقضّت مضاجعهم حينما استهدف الشهيدان صلاح شاكر وأنور سكر بتخطيط دقيق وإقدام الأبطال تجمعاً عسكرياً صهيونياً ينطلق الضباط والجنود الصهاينة من خلاله الى مراكز قوات الاحتلال فى مناطق ال٦٧ ليمارسوا جرائمهم ضد أبناء شعبنا فى الضفة والقدس، وقُتل فى العملية ٢٢ جندياً وضابطاً صهيونيا فيما جُرح ١٠٨ آخرين ...لقد أدرك الصهاينة حينها الخطر الكبير الذى يمثله فتحى الشقاقى على دولة اسرائيل وتحركت الاجهزة الامنية الصهيونى بنشاط منقطع النظير للعمل على التخلص من زعيم الجهاد الاسلامى الذى قال عنه زئيف شيف مراسل الشؤون العسكرية فى صحيفة هآرتس "لقد قتلنا 
الشقاقي دفاعا عن دولة اسرائيل حيث قرأنا فكر الشقاقي من رأسه حتى  أخمص قدميه ووجدنا أننا لا نلتقى معه لا  فى أول الطريق ولا فى المنتصف ولا فى نهاية الطريق  لأنه يمتلك رؤية واحدة فقط كيف يمحو اسرائيل لذلك قررنا التخلص منه" لم يغب عن بال الدكتور فتحى لحظة أن الاحتلال يلاحقه وان الشهادة تنتظره فى كل لحظة ، عندما سأله صحفى بعد عملية بيت ليد ان كان خائفا من الموت . رد عليه الدكتور رحمه الله :اننى عشت أكثر مما أتصور .   
وفى مالطا كان محط الشهادة والارتقاء يوم ٢٦/١٠/١٩٩٥ ، ترجّل الفارس عز الدين ، ليخط بدماءه مرحلة جديدة فى تاريخ حركة الجهاد الاسلامى أقوى مما تصوره قادة الاحتلال الصهيونى ...