في الواقعية والتفكير الرشيد ( 1)
الكثيرون يتساءلون عن مدى عقلانية خوض معركة كهذه في ظل عزلة المقاومة والوضع الإقليمي والدولي المنحاز لإسرائيل وتراكم الضغط وسوء الأوضاع على الشعب الفلسطيني وخاصة في قطاع غزة تحت الحصار والانقسام السياسي...إلخ
ما يغفله أصحاب هذه النظرة هي أن حالات الإنسداد السياسي تكون بالعادة هي السبب في اندلاع النزاعات المسلحة، فهنا طرف لم يعد يرى وسيلة للخروج من الانغلاق الحاصل والهادف إلى تدميره وتدمير قضيته، لم يعد قادراً على الانتفاع من علاقاته السياسية ومصادر تمويله ويخضع لعملية تجفيف قاسية.
وفي الجانب الآخر طرف يراقب أزمة عدوه ويعتقد بتوفر الفرصة للقضاء عليه.
هذه هي الظروف المثالية لاندلاع الحرب وقد توفرت، ربما كان العدو الإسرائيلي يملك رفاهية دراسة جدوى مثل هذه الحرب وهي التي قادته للدخول فيها لكننا لا نملك ذلك، لسبب بسيط وهو أننا نتعرض للتصفية ولا يمكن إلا أن ندافع عن أنفسنا.
التحفظات التي يمكن أن يعرضها البعض كلها تدور في دائرة التساؤل حول مشروعية موقف المقاومة، فلماذا تربط مصير شعب وحياته بمصيرها؟ ولماذا لا تتنازل وتعترف بالهزيمة بدلاً من خوض حرب تقضي على الأخضر واليابس.
مسألة ربط مصير الشعب بمصير المقاومة متعلقة بدرجة الترابط بين الجانبين، البعض يريد أن يرى أن المقاومة تفرض نفسها على الشعب والبعض يرى أن الشعب يريد المقاومة، والفيصل بين الجانبين هو الواقع فما دامت المقاومة مسيطرة والشعب لا يسعى لتغيير هذا الواقع فالطرفان في قارب واحد ووجود من يعارض هذا لا يغير شيئاً في الواقع.
طلب الاعتراف المسبق بالهزيمة من المقاومة غير واقعي وغير عادل أيضاً، فمقاومة تعرف ما تملكه وما استعدت له لا تتخلى عنه لمجرد رغيتك في ذلك، وحينما تفرض عليها المعركة ستخوضها بكل ما تملك.
وقد فعلت.