لم يكن تنظيم «داعش» مسجلا على قائمة المدعوين لحضور المؤتمر الاقتصادي دافوس في منطقة منتجعات على شواطئ البحر الميت الى جانب المئات من كبار رجال الأعمال في الشرق الأوسط، لكن كان لداعش حسب المراقبين حضور واضح في المناقشات التي جرت على وقع مشاعر القلق، خشية أن يفسد تمدد تنظيم الدولة الجهود الرامية إلى تعزيز التجارة والاستثمارات والراساميل في المنطقة الملتهبة.
رغم تناول المديرون التنفيذيون للمشروبات في شرفات تطل على البحر الميت في ليل غص بأنباء توسع الدولة الإسلامية في سورية والعراق، حيث كان يبدوا اليوم الذي تصل فيه داعش للعاصمة الأردنية عمان قريبا.
الأمر الذي عبر نفسه بتجمع رجال الأعمال حول هاتف محمول لمعاينة خريطة تظهر الأراضي المتزايدة التي سيطر عليها تنظيم الدولة وانضمت إلى الأراضي التي صبغت باللون البني على خريطة الشرق الأوسط.
" نحن هنا وعلى بعد 200 كيلومتر أصبحت داعش على الأبواب"، لا غرو فعشية انعقاد المؤتمر سيطر تنظيم الدولة على تدمر التاريخية في سورية، وقبلها بثلاثة أيام سيطروا على الرمادي الاستراتيجية في الأنبار العراقية التي تفوق مساحتها مساحة ثلاث دول شامية من بينها الأردن.
مسيرة سفر أقل من يوم واحد بالسيارة هي المسافة التي تفصل الرمادي او تدمر عن مكان المؤتمر الذي يخضع لإجراءات أمن مشددة.
الإجراءات المشددة هذه لم تمنع تنفيذ تنظيم الدولة للهجوم الذي أودى بحياة نحو 21 شخصاً في أحد مساجد القطيف بالسعودية.
خلق فرص عمل، وتوظيف الشباب الساخط الذين يستهويهم نهج المتشددين، باتت مجرد مقترحات لرجال الأعمال ربما تكون متأخرة لأن الحكومات جربتها بالفعل ولم تفلح في تأخير ساعة الانفجار التي بدأت تدق في المنطقة.
وهذه الأفكار رغم وجهاتها فإنها تأتي في مرتبة متأخرة على جدول رجال الأعمال قياسا باهتمامهم بتبعات تعطيل طرق التجارة البرية للأردن مع العراق وسورية على خنق آمالهم في ازدهار تجارتهم في المنطقة بسبب توسع تنظيم الدولة والحرب الدائرة في سورية.
بينما تحتل خطط الأردن لتطوير قطاع السياحة، كمصدر رئيسي من مصادر العملة الصعبة، في ذيل سلم اولويات المؤتمر، أيضا بسبب المخاطر التي يشكلها تنظيم الدولة الإسلامية على فرص تنفيذ تلك الخطط.
ربما يكون الأردن قد نجا من الأزمة الاقتصادية بفضل المليارات من المساعدات الأجنبية، إلا أنها قد لا تنجو من تنظيم الدولة الذي يقترب حثيثا من حدودها، ويكاد يسمع هدير هتاف جنودها في صالونات عاصمتها.
الزواج الكاثوليكي للسياسة مع المال حال دون تأثر اقتصاديات دول الخليج، إلا أن خطر تنظيم الدولة الإسلامية يهدد هذا الزواج بالطلاق الحتمي لأنه يقوض ثقة المستثمرين، ما يتيح للكأبة ان تنصب خيمتها القاتمة على مستقبل المنطقة .
يبدوان ضفاف البحر الميت الذي نظم المؤتمر الاقتصادي على ضفافه اصاب المؤتمر بعدوى الموت في شرق أوسط يحترق.
إلا أن الأردن ربما يهدئ من روعه قليلا ويطمئن، لأن تنظيم الدولة ربما سيحتاج الى السيطرة على بغداد قبل ان ييمم تجاه المملكة.