منذ ربع قرن ومنظمة التحرير الفلسطينية تتغنى بإعلان الاستقلال وقيام الدولة الفلسطينية من الجزائر، وسنوات أقل من ذلك قليلا ونحن ،بل هم ينتظرون ولادة دولة من رحم أوسلو، وما بين بداية الحلم واليوم سالت دماء وتبخرت وعود وأنشئت مدن إسرائيلية ومستوطنات، وكل يوم لاحقوا فيه السراب كانت دولة اوسلو تبتعد ووثيقة الاستقلال تبلى، لأن وثائق الاستقلال لا تكتب بالحبر بل بالدم والتضحيات.
السيد الرئيس محمود عباس أعلنها في الأمم المتحدة بأن ساعة الاستقلال قد دقت، فصفق له الحضور بحرارة، لا ندري أكان التصفيق لقوة العبارة أم تشجيعا لنا حتى نصمد عشرين عاما أخرى على المماطلة الإسرائيلية والتلاعب الدولي بقضيتنا بل وبحياتنا وأمورنا اليومية، ما يزيد عن عقدين من الزمان ونحن لم نحقق ممرا آمنا بين مدن الضفة الغربية فضلا عن ممر امن بين الضفة وغزة، لم نحقق عيشة كريمة كباقي البشر، نطارد خلف لقمة العيش وحبة الدواء رغم مرور ربع قرن على إعلاننا عن قيام دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس الشريف التي حرمنا من زيارتها والصلاة فيها في الوقت الذي يأتيها المطبعون العرب من كل فج عميق ليس من اجل الصلاة وإنما من اجل التأكيد على شرعية الاحتلال ومباركتهم له، فلا شكر الله سعيهم ولا ربحت تجارتهم.
أنا أتفق مع السيد الرئيس بأن ساعة الاستقلال قد دقت، ولكن حسب توقيت المقاومة الفلسطينية وليس حسب توقيت الأمم المتحدة، وربما كان يدرك الرئيس أن الموقف الفلسطيني أصبح أقوى بعد انتصار المقاومة والشعب الفلسطيني في معركة العصف المأكول، ولذلك فإن المطلوب من السيد الرئيس وكافة القيادات الفلسطينية استثمار النصر في غزة من اجل قيام دولة فلسطينية على حدود 67 دون اعتراف فصائل المقاومة الفلسطينية بشرعية الاحتلال حتى لو اعترفت منظمة التحرير بها، واستثمار النصر يتطلب دعم المقاومة والإبقاء على سلاحها وعدم المساس به ماديا أو معنويا،فالمقاومة دون برنامج سياسي وهدف محدد تتعثر وتستهلك ذاتها،و" الصراع" الدبلوماسي في الأمم المتحدة دون الاستناد إلى قوة المقاومة لن يحرك ساكنا حتى لو تحركت الأيدي بالتصفيق.