في مقابلة له مع صحيفة "الحياة اللندنية" اقترح د.سلام فياض رئيس الوزراء السابق لحكومة رام الله خريطة طريق جديدة؛ من أجل الخروج من دائرة الانقسام الفصائلي وإقامة الدولة الفلسطينية، ولما كان فياض يعده المجتمع الدولي شخصية موثوقة ومهمة في السياسة الفلسطينية؛ فإننا نعتقد أن اقتراحه لم يأت من فراغ، ولا هو مجرد اجتهاد شخصي، ولابد من أخذ أفكاره بعين الاعتبار ودراستها، والنظر في إمكانية التعاطي معها.
فياض عد مبادرته "عملية سياسية جديدة" تشارك فيها جميع الفصائل الفلسطينية، وفيها حركة حماس، وهذا يعني أنها قد تكون مختلفة عن اتفاقية أوسلو، وتراعي مواقف حماس المبدئية، وخاصة فيما يتعلق بالمقاومة والاعتراف بشرعية الاحتلال الإسرائيلي.
ففياض اعترف ببعض الحقائق التي قد يكون المجتمع الدولي نفسه بدأ يقر بها، ومنها أن التأييد للمقاومة العنيفة _حسب وصفه_ في الشارع الفلسطيني أكبر من التأييد للمقاومة السلمية، وأن هناك جمهورًا فلسطينيًّا واسعًا يؤيد عدم اعتراف حماس بـ(إسرائيل)، وتبنيها المقاومة المسلحة، وأشار إلى وجود تحول دولي في التعامل مع القوى الإسلامية بسبب الحرب على "داعش".
فياض يرى أن الهدنة مع حماس والمقاومة في غزة يجب ألا تكون فقط من أجل إعادة إعمار غزة، وإنما من أجل الحل النهائي المتمثل في إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وهذا الكلام نفسه أشرت إليه سابقًا أثناء الحرب على قطاع غزة أن المجتمع الدولي _وخاصة بعد اجتماع فرنسا المتعلق بالحرب_ لا يريد الاكتفاء بتهدئة، وإنما بحل دائم للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ولذلك رفع الاتحاد الأوروبي حماس من قائمة المنظمات الإرهابية.
أعتقد أنه لابد من أخذ مبادرة فياض بجدية؛ لأنها تتوافق إلى درجة كبيرة ورؤى المجتمع الدولي، وفي الوقت نفسه لا تتعارض مع حقوق وثوابت الشعب الفلسطيني، وتوجهات حماس والفصائل المقاومة.
إجمالًا يمكننا تأكيد أنه أصبح هناك اقتناع غربي وعربي بأنه لابد من إيجاد حل عاجل، شامل أو جزئي؛ لتخفيف حدة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، خاصة بعد أن فشل الاحتلال في إخضاع المقاومة، وفشل الحصار العربي الإسرائيلي في تركيع شعبنا في قطاع غزة، فضلًا عن المتغيرات العربية والتحديات الخطيرة التي فرضتها التنظيمات المتشددة على المجتمع الدولي بأسره.