Menu
12:19محكمة الاحتلال ترفض الإفراج عن الأخرس
12:13المالكي : دعوة الرئيس بمثابة المحاولة الاخيرة لإثبات التزامنا بالسلام
12:10الاردن يعيد فتح المعابر مع فلسطين بعد اغلاق استمر لأشهر
12:07الخارطة الوبائية لـ"كورونا" بالقطاع
12:05"إسرائيل": التطبيع مع السودان ضربة لحماس وايران
12:02"اسرائيل " علينا الاستعداد لما بعد ترامب
12:01الاحتلال يقتحم البيرة ويخطر بإخلاء مقر مركزية الإسعاف والطوارئ
11:59"الاقتصاد" بغزة تجتمع بأصحاب شركات مستوردي فرش الغاز
11:51«الديمقراطية»: سيقف قادة الاحتلال خلف قضبان العدالة الدولية
11:51الوعى الاستثنائى فى فكر  د.فتحى الشقاقى
11:47قيادي بحماس يتحدث عن "أهمية رسالة السنوار لرموز المجتمع"
11:45مستوطنون يقتحمون قبر يوسف بنابلس
11:40مقتل سيدة ورجل بالرصاص في باقة الغربية واللد
11:28الإمارات تسرق "خمر الجولان" السوري وتنصر "إسرائيل" ضد BDS
11:26صحيفة: تفاهمات بين القاهرة وحماس حول آلية جديدة لعمل معبر رفح

وللعيد في غزة خواطره وأوجاعه:دمعة على روح أخي الشهيد..د. أحمد يوسف


 

وللعيد في غزة خواطره وأوجاعه:دمعة على روح أخي الشهيد.

بقلم : د. أحمد يوسف


كلما حلَّ علينا العيد تواردت إلى خواطرنا – بشكل عفوي - كلمات أبي الطيب المتنبي: "عيدٌ بأيةِ حالٍ عُدت يا عيد؟!!".. فنحن الفلسطينيون، ومنذ أكثر من ستين عاماً، نردد – بحسرة وأسى - أن "عيدنا يوم عودتنا"، في محاولة لاختصار الفرحة واحتساب الأحزان.


بعد عودتي من صلاة عيد الأضحى، وقفت أتملى - للحظات - صورة أخي الشهيد أشرف، والمعلقة على حائط قاعة الاستقبال بمنزل العائلة، كانت هذه اللحظات كافية لتحريك الدموع في عيني، والعمل على تهيج مشاعري، وفتح ملفات الذكرى لأخٍ تركته طفلاً، عندما غادرت أرض الوطن للدراسة في الولايات المتحدة الأمريكية، وعندما عدت إلى قطاع غزة بعد ربع قرن من الزمان، كان أخي أشرف (أبو محمود) ما زال معتقلاً في سجون الاحتلال. وقبل ثلاثة سنوات فقط خرج من السجن، وأخذ يروي لي ذكرياته مع رفقاء دربه داخل الزنازين في نفحة وهادريم، حيث سمعت منه الكثير من المواقف واللطائف حول من جاورهم وتعامل معهم من إخوانه في قيادات حركة حماس؛ الشيخ حسن يوسف، والدكتور عزيز دويك، والإخوة توفيق أبو نعيّم وحسن المقادمة وعبد الرحمن القيق وروحي مشتهى ويحي السنوار ...الخ


لقد مرت بخاطري بعض الأحاديث التي تبادلتها مع بعض أصدقائه الذين خرجوا في صفقة تبادل الأحرار، خلال حفل تدشين مدينة الشيخ حمد في خانيونس قبل عدة أيام، وقد وجدت في أحاديثهم عنه ما يزيد من إعجابي به واحترامي له.


كما لفت نظري – بعد استشهاده - سرعة الكثير من أصحابه في الاتصال، والحرص على ردِّ الأمانات إلى أهله، كما أن بعضهم تولى مسئولية المتابعة مع الدوائر الحكومية لتخليص ممتلكاته وجلب مستحقاته المالية.


لقد كان الشهيد (أبو محمود) رجلاً وأخاً لأخيه، وحتى يبتعد عن دائرة الشبهات التي تطال كل من يعمل في الهيئة الحدودية، كان يرجوني - دائماً - التدخل لدى وزير الداخلية أو نائب رئيس الوزراء لنقله إلى عمل حكومي آخر، بعيداً عن الأنفاق ومشاكلها التي لا تنتهي.. كنت أعده، ولكنني – للأسف - لم أفعل شيئاً.


لقد كان أبا محمود – بالرغم من صغر سنه – مغامراً، ويمتلك شجاعة تذكرني بأخيه خالد (عز الدين) والذي كان يكبره بعدة سنوات، حيث استطاع الهرب مع ستة من إخوانه في حركة الجهاد الإسلامي  من سجن غزة المركزي عام 1986.. وبدلاً من مغادرة قطاع غزة والنجاة بأنفسهم، عادوا للقيام بعملياتهم العسكرية، ونجحوا في قتل العديد من ضباط جيش الاحتلال.


لله درك يا أبا محمود؛ لقد سبقتنا بالشهادة، وجدد لنا دمك "ملحمة الثأر" مع الصهاينة المحتلين.


أخي أشرف في ذمة الله


في يوم الأربعاء الموافق 19 سبتمبر الماضي عدت للبيت متأخراً, أي حوالي التاسعة مساءً، وقبل أن أنتهي من الصلاة وتناول طعام العشاء، هاتفني أخي، قائلا: علينا الإسراع الي مستشفى "أبو يوسف النجار", فهناك أخبار تتحدث عن إصابة أشرف في قصف إسرائيلي قبل قليل.. في دقائق، أنهيت استعداداتي لمغادرة البيت واللحاق بأخي، الذي كان ينتظرني بسيارته في الخارج.


ونحن في الطريق إلى المستشفى، وصلتني العديد من المكالمات من الإخوة والأصدقاء، تستوضح إذا ما كان الشهيد أشرف هو أخي؟ قلت لهم: أنا - حقيقة - لا أعلم، ولكن أنا - الآن - في طريقي للمستشفى لاستيضاح الأمر.


قبل ان نصل محيط المستشفى، اتصل بي ابني ليخبرني مؤكداً - بصوته الباكي ودموعه - أن أخي (أبو محمود) قد استشهد .


رددت عليه أني في الطريق إليه.. وصلنا على عجل إلى المستشفى، وإذ بنا نجد المئات من الشباب قد سبقونا إلى هناك.. الوجوه بعضها مألوف، والأخر غير معروف.


كان الوجوم يبدو واضحاً على كل الوجوه, فالجريمة كانت في منتهى القبح والبشاعة, حيث استهدفت طائرة الاستطلاع "الزنانة –Drone " السيارة التي كان يقودها بصاروخين، جعلت اشلاءه تتطاير في كل اتجاه وإلى أماكن متباعدة, وأن ما وصل منها للمستشفى كان مجرد بعض الأجزاء المتناثرة؛ فالرأس والصدر غابا عن الجسد, وما تبقى من ملابسه وحذائه كان يكفي - بالكاد - للتعرّف عليه.


فتح لنا أحد الممرضين – بعد تردد - باب الثلاجة التي تحتضن الجثامين، فشاهدت وجه زميله الشهيد أنس أبو العينين، والذي طار نصف رأسه، أما باقي الجسد فمجرد أوصال شلوٍ ممزّع. أما أخي فلم يكن هناك من جسده إلا إحدى رجليه، وبعض قطع اللحم التي تم انتشالها من بين حديد سيارته المدمرة.


تمالكت دموعي، وواسيت إخوتي وأبناء أعمامه ومن حضر من الأقارب، ودعوت له أن يتقبله الله في الصالحين من عباده، وأن يسكنه فسيح جناته، وسألته سبحانه أن يُلحقنا به شهداء.


كان الشباب بالعشرات يهرعون لرؤية جسد الشهيد؛ بكى من بكى بدموع صامتة, وآخرين نهجوا بصوت مسموع.. إلا أن الدعاء للشهيد كان هو سيد الموقف داخل المستشفى وفي الساحات القريبة منه.


تطلعت في وجوه الحاضرين, فوجدت أن الحشد كان - بحق - تعبيراً عن الإجماع الوطني, تلقينا التهنئة والعزاء في الشهيد، وانصرفنا لعمل التحضيرات اللازمة لعرس الوداع في اليوم التالي.


في الصباح تحركت ماكينة العمل الجماهيري في حركة حماس, لتقوم بإعداد خيمة العزاء, ومتطلبات الجنازة والموكب وتجهيزات الطعام والشراب, في جهد لا يكفي فيه الشكر على السرعة وحسن الأداء، حيث يمنح أهل الشهيد الشعور بأن "الفقيد" هو فقيد الوطن كله.


فتح وشبابها وقفة مشكورة


لم نستطيع النوم تلك الليلة، انشغلت أفكارنا وذهبت في كل اتجاه، وأخذت الاتصالات تردنا من إخوتي وأقاربي وأصدقائي في الخارج، الكل يُبلغ عزاءه ويدعو لأهله أن يُلهمهم المولى (عزَّ وجلَّ) الصبر والسلوان.


صلينا الصبح بوضوء العشاء، ثم غفونا لساعةٍ أو ساعتين لنصحوا على صوت نصب خيمة العزاء.
بدأ الناس يتوافدون منذ الثامنة صباحاً، وفي التاسعة كانت الساحة خارج البيت تعج بالأهل والأقارب والأصدقاء والجيران، وقد ساهم الجميع في تهيئة المكان وانتظار وصول الجثمان.


تحرك البعض في اتجاه المستشفى للمشاركة في نقل جسد الشهيد إلى بيت العائلة، حيث كانت والدته وزوجته وأخواته وجميع أفراد عائلته في انتظار إلقاء نظرة الوداع الأخيرة على جسده المسجى على النعش، وحيث إن منتصف الجسد من جهة الرأس لم يكن داخل الكفن، اكتفينا أن تكون مشاهدة النساء فقط للتابوت ولدقائق معدودة دون الاقتراب منه.


كانت لحظة وصول جثمان الشهيد مؤثرة جداً على الجميع، ولم أنجح في حبس بعض ما تسرب من دموعي، وأدركت أنني رغم إيماني وتسليمي بقدر الله يبقى  الجانب الإنساني الذي لا نملك معه إلا القول: "إن العين لتدمع.. وإن القلب ليحزن.. وإنا على فراقك يا أشرف لمحزونون".


ونحن نهيئ أنفسنا للصلاة على الشهيد جاءني أبنه نضال، البالغ من العمر عشرة أعوام مستعطفاً، بالقول: "أمانه يا عم.. خليني أشوف أبويا".. خرجت الدموع من عيني، وانتابتني رعشة هزت كياني، إذ ليس هناك من جسد أبيه ما يمكن مشاهدته.. قلت له: "ماشي يا عم.. بعد الصلاة إن شاء الله".


أمَّ الصلاة على الشهيد الشيخ د. أحمد بحر؛ نائب رئيس المجلس التشريعي، ثم انطلقنا مباشرة إلى مقبرة "تل السلطان" في مشهد مهيب، حيث تحركت الألاف خلف جثمان الشهيد.. وبعد الانتهاء من مراسم الدفن، تحدث د. أحمد بحر والعديد من الشخصيات الوطنية والإسلامية لوسائل الإعلام حول جريمة الاغتيال الجبانة، كما  أشاد البعض بمآثر الشهيد وسجاياه.


وفي طريق عودتنا إلى البيت، سررت لما قاله البعض بأن مشهد الجنازة يُذكره بأيام الانتفاضة، حيث كان الجميع يشارك في تشييع الشهداء، ويأخذ المشهد بُعداً وطنياً.


وبعد صلاة العصر، بدأت الاتصالات - من داخل الوطن وخارجه - تصلنا بشكل متواصل، إضافة إلى قوافل المعزّين بعناوينها السياسية والمجتمعية المختلفة، والتي تقاطرت حشودها على مدار الساعة وحتى العاشرة مساءً.


في ساعات الليل، وردت إلينا الكثير من المكالمات على المستويين الرسمي والشعبي، وكنا نجد في كلماتها المعزّية ما يجعلنا نشعر بالفخر والعزة ؛ لأن الفقيد قد نال الشهادة التي يتطلع لها كل فلسطيني ويتمناها لنفسه، هذه الشهادة التي تجعلك تردد – باعتزاز - كلمات المفكر الإسلامي الكبير سيد قطب رحمه الله: "يا شهيداً رفع الله به جبهة الحقِّ على طول المدى.. سوف تبقى في الحنايا علماً، حادياً للركب رمزاً للفدى.. ما نسينا أنت قد علمتنا، بسمة المؤمن في وجه الردى".


لا شك ان الاتصالات التي وصلتني من الأخ إسماعيل هنية والرئيس محمود عباس والسيد د. سلام فياض والأخ د. موسى ابو مرزوق، ومن شخصيات عربية وإسلامية وأخرى غربية من أمريكا وأوروبا، قد خففت من وقع الاحزان والدموع, وانتابني وأنا اشهد جموع المعزين من كافة فصائل العمل الوطني والاسلامي, ومن ابناء حركة فتح الذين توافدوا بأعداد كبيرة، وشاركوا بهمة ونشاط في خدمة جموع الوافدين لتقديم واجب العزاء.. لقد شعرت بأننا "رجعنا توحدنا من جديد".


لقد اطلقت الرصاص - مع وصول الجثمان الى منزل الأهل - كوادر فتحاوية وحمساوية, جعلتنا جميعا نشعر بأن الشهيد (أبو محمود) هو شهيد الوطن والحارة؛ بكل توليفاتها الحزبية والسياسية والمجتمعية.


كان مشهد الصلاة على الشهيد في مسجد بلال بحي "تل السلطان" ثم انطلاق الجنازة الى المقبرة مهيباً, حيث شارك فيها بالحضور ممثلين عن الحكومة وعن جميع فصائل العمل الوطني والإسلامي، وعلت الأعلام بألوانها الزاهية لتمنح الشهيد "وسام الوطن"؛ فليس لآل صالح من المشهد ألا أن الشهيد شهيدهم, لكنَّ العرس كانت أهازيجه ونغماته وطنية بامتياز، وعنوان كبير عبر عنه أحد اقرباء الشهيد بالقول: "إنها عودة الروح للوطن من جديد".


 كانت أيام العزاء الثلاثة تشهد بأن شعبنا شعب عظيم، ويغلب على طبعه الصفح والتسامح، وأن بإمكانه أن ينسى كل ما جرى في يونيه 2007 مع قطرات دم الشهيد, وأن يتحمل معك الهمَّ والحزن, ويمسح بحنانٍ وإنسانية كل الدموع من مآقيك.


 لقد غمرتني عطاياك يا أعظم شعب, وجعلتني وأهلي نودع شهيدنا بمشاعر تغمرها الفرحة لا الأسى، والاعتزاز لا الحسرة .


قلت لمن كان حوالي - ونحن نتفحص وجوه القادمين الي العزاء – انظروا لقد حضروا جميعاً؛ لم تتردد قيادات حركة فتح من شمال القطاع الى جنوبه في المجيء الى خيمة العزاء, ومن كان خارج قطاع غزة بادر – مشكوراً - بالاتصال معزّياً ومهنئاً.


لقد شعرت بأن الانقسام هو مجرد كذبة صنعناها, لأن مكونات هذا الشعب العظيم وجيناته متسقة ومتجانسة، وأن ما بيننا من توافقات وتفاهم هو أكبر بكثير مما يعتقده البعض خلافاً حول رؤيتنا لمشروعنا الوطني في التحرير والعودة.


لا شك، أنها الغشاوة التي تحجب رؤية البعض، فتجعله يمشي مكباً على وجهه، ولكن إذا انجابت ضبابتها وصدقنا العزم، وضح لنا جميعاً هدفنا والسبيل.

لقد عشنا أياماً ثلاث نتقبل فيها العزاء، ظللتنا فيه عمامة الوحدة والشعور الحقيقي بالمحبة والتأخي والانتماء الصادق للوطن، ولشهدائه وجرحاه ومعتقليه وأسراه.


شكراً لإخواني في حركة فتح؛ من الرئيس "أبو مازن" إلى النواب عزام الأحمد وماجد أبو شمالة وأشرف جمعة ومحمد حجازي وعلاء ياغي، والصديقين العزيزين روحي فتوح وصخر بسيسو، وكذلك الأخوة: د. زكريا الأغا، والأستاذ عبد الله أبو سمهدانة، والدكتور أسامة الفرا، والدكتور عاطف أبو سيف والدكتور صلاح أبو ختله وطارق جودة والدكتور فايز أبو عيطة والأخت آمال حمد..

والشكر موصول كذلك لباقي الأخوة في فصائل العمل الوطني والإسلامي؛ النائب جميل المجدلاوي، والنائب مصطفى البرغوثي، والدكتور محمد الهندي، وأخوتي الأحبة في هيئة الوفاق الفلسطيني؛ د. جميل سلامة والدكتور عبد العزيز الشقاقي والدكتور كمال الشرافي والدكتور بهاء الغلايني وفهمي كنعان، ورابطة علماء فلسطين؛ الشيخ د. سالم سلامة والدكتور أحمد أبو حلبية، ومجلس أمناء الجامعة الإسلامية؛ المهندس جمال الخضري، والأستاذ خالد الهندي، ورابطة أساتذة الجامعات؛ د. حسام عدوان، والمبادرة الفلسطينية؛ د. عائد ياغي، ومن السادة العلماء والشيوخ؛ الشيخ يوسف سلامة والشيخ أحمد قرطام، ومن أسرانا المحررين؛ الأخ توفيق أبو نعيّم، والأخ حسن المقادمة، والأخ عوض السالمي، ومن قافلة أميال من الابتسامات؛ الأخوين عصام يوسف وإبراهيم هويت، ومن هيئة الإغاثة التركية؛ الأخ محمد كايا، ومن نقابة المقاولين؛ السيد أسامة كحيل، ومن معهد بال ثينك؛ الأستاذ عمر شعبان، ومن مؤسسة بيت الحكمة؛ الأخ د. غازي حمد والنائب سيد أبو مسامح والأخوين محمود المدهون ومحمد القطاوي.


ومن أصدقائي العاملين في القطاع الإعلامي، الأخوين تامر المسحال ووائل الدحدوح من فضائية الجزيرة، وعماد عيد وعبد الناصر أبو عون من تلفزيون المنار، وعادل الزعنون وناصر أبو بكر من وكالة الأنباء الفرنسية، ومحمد جودة من تلفزيون فلسطين، وتوران كشلاكجي ومتين كايا من وكالة أنباء الأناضول، وصلاح جمعة من وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية، ومحمد خضير من صحيفة القدس المقدسية ...الخ


في الواقع، لم يبخل علينا أحدٌ بالحضور أو الاتصال، فالكل شاركنا ومنحنا الإحساس بأن الشهيد هو بحق شهيدنا جميعاً.


أما إخوتي في حكومة غزة والمجلس التشريعي وحركة حماس فقد غمروني وأهلي بكرم حضورهم الواسع، ومشاركتهم كأهلٍ للشهيد.. ولإخواني الأحبة في الضفة الغربية، الذين بادروا بالاتصال وتقديم العزاء، ومواساتهم التي تعبر بصدقٍ عن رابطة الإخوة وروح الولاء التي تجمعنا، فلهم مني جميعاً عظيم الشكر وبالغ التقدير والعرفان، ومنهم: د. ناصر الشاعر والشيخ إبراهيم أبو سالم والشيخ جميل حمامي والنائب أحمد عطون والدكتور عزيز دويك.


ختاماً: وللشهادة مذاقٌ آخر


سبحان الله؛ لقد برهن الشهداء بدمائهم أنهم "سلعة الله الغالية"؛ بهم تتحرر الأوطان، وبتضحياتهم تعلو الرايات وترتفع الهامات، وتصحو الجموع من السبات.


يا أبا محمود.. لقد منحنا دمك الطاهر فرصة لكي نجتمع ونتبادل الحديث، وأن يعتب بعضنا على البعض الآخر؛ لأن الانقسام – للأسف - مازال قائماً، فيما النفوس قد ضجرته، وأصبح الكل يتطلع بشغف إلى اللحظة التي تتحقق بها المصالحة الوطنية والشراكة السياسية.


ولكل إخواني في فصائل العمل الوطني والإسلامي أقول: لقد أكدتم بحضوركم - يا أبناء شعبنا العظيم - وبكلماتكم الطيبة أن الوطن ما زال بخير, وأن المصالحة - طال الزمن أم قصر - قادمة، وسيلتأم الشمل وما تشظي من علاقاتنا الوطنية؛ لأن شارعنا الفلسطيني الغاضب في الضفة الغربية وقطاع غزة قال بصرخة مدوية؛ وفي أكثر من مناسبة، بأن "الشعب يريد إنهاء الانقسام".