تخيلوا قصة إنسان ينتظر بلهفة وشوق مولوده الأول وبينما هو في الانتظار يعتقل ظلماً ويحكم عليه بالسجن سبعةً وعشرين عاماً وتضع زوجته مولودهما الأول وهو في الأسر فيكبر الطفل دون أن يرى أباه، وبعد أحد عشر عاماً تبلغ المأساة ذروتها حين يسمع وهو في السجن عبر إحدى الإذاعات خبر مصرع ولده الوحيد الذي لا يزال ينتظر احتضان أبيه على أحر من الجمر..
هذه هي قصة الأسير الفلسطيني أحمد السكني من غزة وولده الوحيد طارق، إذ كان السكني قد اعتقل على حاجز أبو هولي وسط قطاع غزة في العاشر من ديسمبر عام 2001 ، وولد ابنه الوحيد طارق أثناء اعتقاله، ولم يتمكن طوال فترة الاعتقال من رؤية ولده سوى مرتين بفعل السياسة الإسرائيلية المتبعة بحرمان الأسرى داخل السجون من زيارة ذويهم..
لقي طارق مصرعه في يوم الاثنين الرابع والعشرين من يونيو 2013 بعد مشاركته في احتفالية لنصرة الأسرى ألقى خلالها كلمته الأخيرة إلى العالم جاء فيها:
"أيها العالم النائم..إن هناك قطعةً من هذا العالم تسمى فلسطين يعيش شعبها حالةً من الظلم والبطش.. بأي حق يستيقظ أطفال فلسطين دون أن يرى الطفل أباه.. بأي حق يحرم الطفل من رؤية والده منذ الولادة؟ أبي ليس مجرماً وليس قاتلاً وليس خائناً ولكنه يقبع في زنزانة لا يرى فيها الضوء ولا تصح إلا للقتلة والمجرمين.. أيها العالم الذي أغلق أذنيه في وجه أطفال فلسطين: أين حقوق الإنسان أين الضمير أين الإنسانية؟؟ منذ أن ولدت لم أر أبي!! في أي مكان من الكون يحصل هذا؟؟ أريد أبي أريد أبي أريد أن أسمع صوته"
انفجرت هذه الكلمات من قلب الطفل طارق المليء بالحزن والقهر، وهو لا يدري أن لحظات قليلةً تفصله عن الموت حيث الرحيل إلى الله، هناك في دار أبدية لا يظلم فيها أحد..
أما الأب المفجوع في سجنه فلم يحتمل صدمة الخبر الذي سمعه عبر إحدى الإذاعات المحلية ففقد وعيه وانهار من الصدمة وقال وهو في حالة يرثى لها: "السجن والأسلاك الشائكة بكت من هذا الخبر , فكيف أنا أبوه .. " ابني طارق .. ابني طارق .. مات وهو ينتظر الإفراج عنى ليحتضنني!!
الطفل طارق أحمد السكني قبل لحظات من مصرعه:
https://www.youtube.com/watch?v=RIkxNrdXx6w