أرض كنعان / ثلاث حالات قتل سجلت خلال فترة الطوارئ برصاص عناصر أجهزة الأمن في الضفة الغربية المحتلة على خلفية فرض إجراءات الطوارئ خلال جائحة كورونا، وسط انتقادات واسعة للتساهل في إطلاق النار لفض الإشكالات.
وكان أمين سر حركة فتح في بلاطة البلد بنابلس عماد دويكات آخر الضحايا، حين أصيب برصاصة في القدم عقب سجال على خلفية عدم الالتزام بإجراءات الإغلاق، ولكن الإصابة في المكان غير القاتل تحولت إلى رصاصة قاتلة ما أثار موجة كبيرة من الانتقادات.
ولكن كما في كل الحالات تم استيعابها بقرار مشابه لكل الحالات وهو "تشكيل لجنة".
وسبق مقتل دويكات، مقتل الفتى صلاح زكارنة في بلدة قباطية جنوب جنين في مارس الماضي لدى قيام عناصر الأمن بفض تجمع مسلحين لاستقبال أسير محرر من البلدة، ما أثار حالة من التوتر الشديد بين فعاليات البلدة والأمن انتهت بقرار رئاسي بتشكيل لجنة تحقيق، ونقل مسئولين أمنيين لمواقع أخرى.
وبين هذه وتلك؛ كانت حادثة قتل الشاب علاء عمرية في بلدة العيزرية في ضواحي القدس في يونيو الماضي، خلال محاولة الأمن السيطرة على أرض وإخلائها من أصحابها لصالح بلدية العيزرية، حيث أطلق النار على صاحب الأرض ما أدى لوفاته وهو ما أشعل احتجاجات كبيرة ضد السلطة انتهت بتشكيل لجنة تحقيق، ودفع الدية وإجراءات عطوة أخرى.
ولئن كانت الحالات الثلاث انتهت بالقتل؛ فإن القاسم المشترك بينها أنها تمت نتيجة استسهال إطلاق النار دون أن يشكل ذلك أي خطورة على حياة رجال الأمن، فيما كان إطلاق النار في مناطق غير قاتلة في الجسم ولكنها انتهت بشكل مأساوي.
ففي الحوادث الثلاث، كانت الأجهزة الأمنية تطبق إجراءات حالة الطوارئ المرتبطة بجائحة كورونا، ولم تكن تتعرض لاعتداءات أو مخاطر.
فالطرف الآخر في حالة العيزرية لم يكن مسلحًا، وكذلك الحال في حالة بلاطة، حيث كان السجال على إغلاق سوبر ماركت، بينما في حالة قباطية كان إطلاق النار مرتبطاً بالفرح لاستقبال أسير فيما كان يمكن ملاحقة المسلحين بطريقة أسهل وبشكل مسبق.
وقالت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في بيان لها تعقيبًا على تكرار حالات القتل برصاص الأمن إن "حادثة بلاطة ليست معزولة، حيث سجل تكرار حالات إساءة استخدام السلاح من قبل أفراد أجهزة الأمن بشكل ملحوظ ومقلق في الفترة الأخيرة".
وطالبت الهيئة قوى الأمن الفلسطينية "بمراجعة شاملة للتعليمات المعطاة لأفراد الأمن، وطبيعة التدريبات التي يتلقونها فيما يخص استخدام الأسلحة النارية، بما يضمن عدم تكرار هذه الأحداث، وبفتح تحقيق جنائي وتقديم مطلق النار للمساءلة أمام القضاء المختص والكشف عن نتائج التحقيق".
بينما قال المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان في تقرير له تعقيبا على الحوادث "إنه وعلى الرغم من حق السلطة بفرض القانون، لكنها ملزمة بضرورة التزام قوات الأمن بمعايير إطلاق النار، والتي تلزم رجال الأمن باستخدام السلاح الناري فقط في حال الدفاع عن النفس أو الغير من خطر محدق، ووفق قواعد التناسب حسبما أقرته المعايير الدولية".
واعتبر المدير العام للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان عمار الدويك في حديث لوكالة "صفا" أن تكرار حالات القتل برصاص الأمن وسوء استخدام معايير إطلاق النار أمر مقلق خاصة حين يتعلق الأمر بسقوط ضحايا وهو ما حذرت منه الهيئة مرارا.
وأضاف أن عوامل عدة تقف وراء ذلك، منها نوعية الأسلحة التي تمتلكها الأجهزة الأمنية وهي من نوع واحد (كلاشينكوف) وهو "سلاح فتاك غير متناسب مع الاستخدام في كثير من الحالات التي تضطر الأجهزة الأمنية لفضها بين مدنيين".
وأشار إلى أن عوامل أخرى مرتبطة بكفاءة التدريب على استخدام السلاح، أو التعامل مع المواطنين خلال حالات الاحتكاك والكفاءة في إدارة هذه الأحداث، ما يتطلب مراجعة شامل وتقييم والأخذ بتوصيات لجان التحقيق والتعامل بشفافية مع التوصيات.
وطالب الدويك بالتزام الأجهزة الأمنية بمدونتي السلوك التي تضبط عملها، سواء المتعلقة بآلية التعامل مع المواطنين، أو المتعلقة بقواعد إطلاق النار، وأن يكون الالتزام عمليا وفق إجراءات صارمة.