الأمن الوظيفي كلمة افتقد معناها الموظفين, وبات الراتب هاجس أو كابوس يراود خيال كل موظف لاسيما موظفين قطاع غزة ,الذي أصبح الراتب مصدر تهديد مستمر لهم "فلم يعد أي كان في غزة امن من استهداف راتبه" أو على الأقل هذا هو الشعور السائد لدى الغالبية العظمى منهم, الموظف الذي بات ينتظر موعد الراتب ليس فقط من اجل سد حاجاته المتعاظمة ولكن لكي يطمئن على وجود هذا الراتب في ظل غياب القانون وانتهاك حرمة قانون الخدمة المدنية وقانون الخدمة في أجهزة الأمن .
شعور بالانكسار و الاهانة ولد فجوة وأزمة ثقة بين الموظفين و السلطة خلفتها قطع الرواتب فيما عرف بقضية التوكيلات ذلك الشعور بالمرارة الذي لامسناه بشكل مباشر خلال تواصلنا مع الموظفين والذين عبروا عن استيائهم من هذا الإجراء الذي اتخذ بحقهم وأحس الموظفين بشكل فعلي في هذه القضية بصعوبة التواصل مع وزاراتهم وأجهزتهم التي ينتسبون إليها عندما أرادوا الرجوع لهذه المؤسسات من اجل التأكيد على وجودهم فلم يجدوا عنوان واضح للتواصل معه .
وقد أكد مئات من هؤلاء الموظفين على أنهم قاموا في المرة الأولى التي ابلغوا فيها بحجز رواتبهم في البنوك بأنهم حدثوا بياناتهم ومنهم من قام بإلغاء الوكالة رغم قناعاته بان الوكالة إجراء قانوني معتاد في البنوك وآخرين كانت صدمتهم عالية لأنهم لم يغادروا البلد مطلقا و وكلوا أبنائهم أو زوجاتهم أو أزواجهم لأسباب خاصة لها علاقة بالمرض أو الحج أو غير ذلك منذ سنوات طويلة ,ولا يمتلكون جوازات سفر ومع ذلك تم وقف رواتبهم .
نحن لسنا ضد أن يتم وقف راتب من يتقاضاه دون وجه حق ولكن هل يستحق الأمر أن يوقف آلاف من رواتب الموظفين من اجل عشرات من التجاوزات؟ وهل الإجراء الذي اتخذ هو الإجراء الأمثل؟ ألم يكن هناك بدائل أخرى له!! كإجراء تحريات من خلال الوزارات والأجهزة التابع لها الموظفين والطلب منهم تحديث بياناتهم وما هو الداعي للمماطلة والتسويف في هذه القضية؟ رغم التأكيد على إنهائها أكثر من مرة على لسان أكثر من مسئول وتأكيد رئيس الوزراء د.فياض على السرعة في انجاز ملفات الموظفين .
وما هو المبرر في عدم الاستجابة لطلب رئيس الوزراء منذ ثلاث شهور مضت من الوزارات والأجهزة العسكرية تحديث بيانات المنتسبتين؟ وهل من المنطقي أن السلطة لا تعرف موظفيها الذين خرجوا من البلد كنتيجة لقيامهم بمهام للسلطة؟ كالإخوة الذين ابعدوا بعد الانقلاب ومنتشرين في الساحات الخارجية مصر والجزائر وغيرها وهل من اللائق أن لا تعرف السلطة معتقليها!! وإذا كانت معاملة إضافة مولود أو عمل تامين صحي تحتاج إلى شهور لموظفين القطاع فما هي الآلية التي سيتبعها الموظف للإبلاغ عن خروجه من البلد لأسباب طارئة؟.
يجب أن يتفهم المتصدرين للمشهد في السلطة والحكومة إن كرامة الموظف المهدورة هي من كرامتكم وان الدوائر قد تدور عليكم ويصبح أحدكم من فئة مقطوعي الراتب فلا يجوز التعامل مع الموظفين بهذا الاستخفاف وهذه المهانة وإرغام الموظف على الشعور الدائم انه يساق من أمعائه وان ما يربطه بالسلطة هو فقط الراتب فان ما يتخذ من إجراءات متلاحقة فيها تعسف واضح بحق الموظفين من شانها أن تفقدهم الولاء بشكل تدريجي .
ورغم إدراكنا بان رئيس الوزراء يسعى لإنهاء هذه الأزمة بأسرع وقت لكننا نرى تباطؤ غير مبرر في التنفيذ ونسمع عن فلسفات لا حصر لها وكأن الموظف سيتم تعينه من جديد وليس الهدف التأكد من وجوده في قطاع غزة أو الضفة الغربية وعليه ندعو وزير المالية القادم أن يجنبنا أزمات جديدة لان خطوة الوكالات كانت البداية حسب ما سمعنا وكان سيتبعها من يتقاضون رواتبهم عبر الصراف الآلي أو الشيكات ونطالبه بوضع الآلية المناسبة لاستلام الراتب والبيانات التي يريدها من الموظفين وان يقوم بمطالبة الوزارات والأجهزة بفحص أماكن تواجد موظفيهم قبل اتخاذ أي خطوة لوقف الرواتب لان وقفها بهذا الشكل المهين "عيب" واهانه للموظف والسلطة خاصة وان وقف الرواتب طال إخوة يخرجون على الإعلام يوميا واستمرار اخذ العاطل بالباطل واستسهال قطع أرزاق الموظفين وقوت أطفالهم "مس بكرامة الموظف والسلطة الوطنية الفلسطينية" .