Menu
21:11"الخارجية": تسجيل 99 إصابة جديدة بفيروس "كورونا" في صفوف جالياتنا
21:08"الصحة" بغزة تصدر بيانًا بشأن ازدياد أعداد الإصابات بكورونا
21:06حماس تعقب على إعلان وزير الخارجية الأمريكي بخصوص الأمريكيين المولودين في القدس
21:05واشنطن تصدر أمرا يخص الأمريكيين المولودين في القدس
20:00جيش الاحتلال ينهي مناورات واسعة تحاكي حربًا متعددة الجبهات
19:57"الأوقاف" بغزة تقرر إغلاق 4 مساجد بمحافظتي الوسطى والشمال
19:55إدخال المنحة القطرية لقطاع غزة عبر حاجز "ايرز"
19:54السعودية تسمح بقدوم المعتمرين من الخارج بدءا من الأحد
19:50قيادي بـ"الديمقراطية" يتساءل: ماذا بعد جولات الحوار الأخيرة؟.. وإلى أين؟
19:49نتنياهو يعلق على قرار بيع الولايات المتحدة 50 مقاتلة "إف 35" للإمارات
19:48اسرائيل تبعث رسالة للرئيس عباس عبر ايطاليا.. إليك تفاصيلها
19:46رئيس الوزراء: سنرفع نسبة صرف الرواتب خلال الاشهر المقبلة.. وهذا ما طلبناه من البنوك بشأن الخصومات
12:19محكمة الاحتلال ترفض الإفراج عن الأخرس
12:13المالكي : دعوة الرئيس بمثابة المحاولة الاخيرة لإثبات التزامنا بالسلام
12:10الاردن يعيد فتح المعابر مع فلسطين بعد اغلاق استمر لأشهر

محمد رشيد يكتب : عقدة دحلان !!

في غضون اقل من شهر ، يعرض محمود عباس ، مقايضة رأس القيادي الفلسطيني محمد الدحلان في صفقتين متناقضتين تماماً ، و هي عروض غريزية ، تعزز اقتناع الكثيرين ، في عالم السياسة العربية و الفلسطينية ، بان عباس شخص لا يؤتمن على عهد أو وعد ، و بأنه لا يحترم كلمته ، و انه اعتاد المناورة و الخداع عبر التلاعب بمصائر العباد .

قبل عدة أسابيع استدعى محمود عباس ، قياديا فلسطينيا معروفا ، و سلمه طبقا من الفضة ، عليه رأس محمد الدحلان ، طالبا منه السفر على عجل ، و مقايضة ذلك الرأس بمئات الملايين من الدولارات الأمريكية ، في محاولة إغواء دولة سيادية ، تحتفظ بمسافة سياسية مع عباس ، لأسباب تتعلق بالمصداقية و حفظ العهود و الوعود بين الرجال .

التكليف العباسي لزميله القيادي ، لم يتضمن محاكمات و محاكم خاصة ، اعتاد عباس على إنشائها و تكريسها خدمة لمصالحه الشخصية البحتة ، و في المقدمة منها تصفية حساباته مع خصومه الشخصيين ، أو المعترضين على " فجور " أبنائه ، بل ذهب عباس ابعد من ذلك مبلغا زميله القيادي ، بان دحلان يستطيع العودة الى فلسطين متى شاء ، و ان كل القضايا " المفتعلة " بحقه ستعلق ، كيف لا و عباس هو الخصم ، و عباس هو القاضي ، و هو المحكمة !!

الدحلان رفض العرض دون نقاش ، و عاد الموفد " العباسي " خالي الوفاض إلى صاحبه الإجباري ، ثم جاء اليوم الوطني لحركة " فتح " في الرابع من يناير ، ليخرج أهل غزة عن بكرة أبيهم ، مستذكرين بحنين و شوق زمن ياسر عرفات ، و مطالبين بصورة لا تحتمل التأويل بتصحيح أوضاع " فتح " ، خاصة في وقف سلسلة المظالم المدبرة بحق رجل واحد ، و قامت جماهير غزة بتذكير عباس في لوحة لا تخطئها العين ، و لا يشت عنها الانتباه ، بان الدحلان قائد فلسطيني مرغوب ، و يتمتع بقاعدة شعبية عريضة في القطاع تحديدا ، و عودته مطلوبة لإدارة صراعات هذه المرحلة الفلسطينية الصعبة و الحساسة .

بعض أصدقائي الطيبين ، اعتقدوا أن موسم المصالحات قد حل علينا ، و بعضهم الآخر قال لي أن أعراس انطلاقة " فتح " في غزة ، بما صاحبها من حضور طاغي لمحمد ، من شانه أن يساعد " الرئيس " في اجتياز الأمتار الأخيرة من عقدته " الدحلانية " ، لما يتصف به عباس من روح مهادنة مع الجميع ، بما في ذلك مع إسرائيل ، بل أن بعضهم طلب مني شخصيا التخفيف في ما اكتب ، و التركيز على تهدئة " الخواطر " قدر الإمكان ، لعل ناس " فتح " تجني بعض ثمار موسم المصالحات .

احتفظت برأيي لنفسي ، فقط لعدم " خدش " ذلك التفاؤل المفرط ، أو التقليل من الفرحة العظيمة لفتح أهل غزة ، فتح ياسر عرفات و خليل الوزير و صلاح خلف ، لكني كنت على يقين مطلق بان ما حدث في غزة سيشعل أحقاد محمود عباس و من حوله ، ممن يخافون عودة الدحلان ، بما يمثله من كرامة و عنفوان أمام كوارث الكذب و الهيمنة و الفساد العائلي المدمر .

ذهبت ابعد ، و قلت لبعض أصحابي باني غير " متهيج " مثلهم ، و أني أكاد أرى شرر الحقد في عيون عباس ، عيون كرهت أن ترى عشرات الآلاف من صور الزعيم الخالد ياسر عرفات ، على أكف أبناء و بنات فتح ، بعد أن اعتقد لثمانية أعوام بأنه دُفن عميقا في الذاكرة الفلسطينية ، أو عشرات الآلاف من صور الدحلان ، و قلت لهم ، إن عالمكم الافتراضي ، بعيد كل البعد عن العالم الواقعي لمحمود عباس ، ذلك العالم المليء بالحقد و الكراهية و الضعف الوطني و الأخلاقي ، لكن فلننتظر و نرى !! .

واقع الأمر ، لم ننتظر طويلا ، لان الأغبياء لا يضيعون الوقت ، و تلك ميزة استثنائية لديهم ، و حتى قبل أن تكتمل " سبوعية " وليد غزة الجديد ، اختار محمود عباس ، أن يساوم مجددا على رأس الدحلان ، فوضعه على طبق من ذهب هذه المرة ، و ذهب به إلى القاهرة ، رمزا و عربون " إخلاص " لكل كارهي الدحلان دفعة واحدة ، مكررا بان لا مشكلة شخصية لديه !! ، و لكن على الأخير مواجهة المحاكم المختصة !! ، دون أن يقول لنا ما هي التهم الموجهة لهذا القيادي الفلسطيني ، غير مواجهته لفساد و طغيان عباس و أسرته .

تعمد عباس أن يفعلها من القاهرة هذه المرة ، و تعمد أكثر أن يسبق بها لقاءه مع وفد قيادة حركة حماس ، و تعمد أن يفعلها في العلن ، لإيصال الرسائل عبر قناة السويس ، كما يتعمد يوميا تحريض البعض في سلطته ، على ممارسة " البلطجة " السياسية و الإعلامية ، مع دول و حكومات سيادية ، لا ترى سببا لدفع المزيد من الأموال ، قبل التحقق ، من جدوى صرف ، أكثر من 40٪ من تلك الأموال المقدمة ، على التنسيق الأمني و نفقات عباس .

البلطجة العباسية ذهبت ابعد من ذلك ، و تخطت حدود فلسطين ، كما تخطت حدود اللياقة و الأدب السياسي ، ليقف الوزير رياض المالكي ، رأس الدبلوماسية العباسية ، و يهدد دول الخليج العربي علنا ، بل و يضع شرطا ، بان تتقاسم دولها الخمسة مسؤولية تامين 100 مليون دولار شهريا لسلطته ، عشرون مليون دولار من كل دولة شهريا ، و لما لا ، و هم لديهم وفرة مالية ، و إلا ، كما هدد معاليه ، فانه سيذهب إلى مؤتمر صحفي ، و يقلب الطاولة على رؤوس أغنياء العرب ، و يفضح خضوعهم للإرادة الأمريكية- الإسرائيلية !!

لسوء طالع الشعب الفلسطيني ، يعتقد محمود عباس بانه " عبقري " محنك ، بل " بهلوان " هذا الزمن الرديء ، مع انه ليس أكثر من نتيجة مأساوية ، لحالة الغياب و الانهيار القيادي في العمل الفلسطيني ، و هو ليس أكثر ، من محصلة مجموعة جرائم و تدابير إسرائيلية صرفة ، أدت إلى تغيب قيادات عظيمة لشعب جبار ، و قطفت حياة ياسر عرفات في لحظة مفصلية استثنائية مدروسة ، لحظة لم يكن لغير عباس فرصة التربع على " عرش " ، تتحكم تل أبيب بقوائمه الأربعة مجتمعة .

و إلا ، كيف يستطيع " رئيس " ثورة أن يشتم الثوار و يصفهم بأبشع الأوصاف و ينام هانئا في سريره ؟ ، و كيف يستطيع لص يسرق 200 ألف دولار من قوت شعبه يوميا ، و على عينك يا تاجر ، ثم يدعي النظافة و النزاهة ، و الناس تسكت !! ، و يعلن صراحة عن التفريط بحق العودة لأكثر من ثمانية مليون لاجئ فلسطيني ، و يبقى في مكانه !! ، و كيف لشخص مثل هذا يهدد استقرار و حياة مئات الآلاف من الأسر الفلسطينية ، المقيمة و العاملة في دول الخليج العربي ، يسمح لمن يسمى بوزير خارجيته بممارسة " البلطجة " السياسية و الإعلامية بحق شعوب و دول سيادية ، لم تبخل يوما على الشعب الفلسطيني .

بإمكان عباس أن ينسى و يتنكر لشعوب و دول الخليج العربي ، و أفضالها الكبرى عليه و على أسرته ، كما تنكر لياسر عرفات و ساهم في قتله ، و كما تنكر لمحمد الدحلان و حاول قتله في رام الله ، و هو يحاول تصفيته سياسيا و معنويا بصورة يومية ، لكن موقف عباس هذا لا يعكس و لا يمثل مشاعر و مواقف حركة " فتح " و أبناء الشعب الفلسطيني ، فسجلات هذه الحركة العظيمة مليئة بالفخر و الاعتزاز ، و هي تعلم أن كل رصاصة أطلقتها ، و كل مقاتل دربته و أهلته ، و كل نشاط سياسي نفذته ، كانت أيادي خليجية و عربية معطاء تقف ورائه بالمال ، بل و بأكثر من المال .

و ربما الأهم من ذلك أيضاً ، هو تذكير بعض الأغبياء ، أن زمن التهديد و الوعيد ، زمن الابتزاز السياسي و العاطفي قد ولى إلى الأبد ، و خزائن العرب لم تكن ، و لا هي اليوم ، بخيلة على الفلسطيني ، لكنها لن تفتح على مصراعيها ، دون معرفة مصير هذه الأموال مسبقا ، و لا يجدي نفعا محاولات تشويه الواقع ، و تسويق مفهوم بان المال العربي يُجوع الفلسطيني ، و بدلا من ذلك ، لا بد من الإقناع و النزاهة ، و استخدام الموارد الوطنية كلها ، و دون استثناء ، و ترشيد الإنفاق ، بالتخفيف من الإنفاق الأمني غير المبرر .

العرب أنفسهم لا ينفقون كل تلك النسب المالية المهولة على أمنهم ، فلماذا عليهم قبول أنفاق 40% من أموالهم على امن إسرائيل و التنسيق معها ، من خلال الإنفاق على مؤسسة أمنية منزوعة من أهدافها و مبرراتها الوطنية ؟! و هذا ملف خطير يتطلب نقاشا وطنيا واسعا ، خاصة مع اتساع رقعة البطالة في صفوف الطاقات الجامعية الفلسطينية ، و تراجع الخدمات الصحية و التعليمية ، و الأمعاء الخاوية لرسل التعليم الفلسطيني .