أرض كنعان _ فلسطين
لا زال شهداء الشعب الفلسطيني، يسطرون بدمائهم أعظم ملاحم القوة والفداء والتضحية، من أجل ان ينال شعبنا كامل حريته المسلوبة من دولة الكيان الصهيونية.
شهداء فلسطين الذين خطوا بدمائهم أروع معالم البطولة، عملوا بعيداً عن العلو في الحياة، من أجل ان ينالوا العلو في الجنان، فعملوا بصمت طوال حياتهم.
الشهيد باسل الأعرج أحد هؤلاء الشهداء، الذين قدموا حياتهم ووقتهم فداء لفلسطين، من اجل أن تعلوا كلمة الحق عالية، في وجه الصهاينة الذين يستبيحون مقدسات فلسطين يومياً.
للشهيد مواقف وذكريات عظيمة، فهو المثقف الذي لطالما كتب في مقالته العظيمة عن القتال الفردي كبديل عن غياب الانتفاضات الجماعية، وهو يعتبر صاحب فكرة الاختفاء والمقاومة الفطرية في معظم كتاباته.
والشهيد باسل معروف بثقافته الواسعة، وحفظه لتاريخ فلسطين عن ظهر قلب، ولديه العديد من الدراسات والأبحاث المميزة في مجال الثورة الفلسطينية، وهو أحد الشباب الناشطين والبارزين في مدينته، وكان دائم الحضور في كل المناسبات الوطنية والثقافية والتاريخية.
الباسل المثقف
يقطن الشهيد الأعرج في بلدة الولجة قضاء مدينة بيت لحم، وهي إحدى أهم البؤر الساخنة في المقاومة الشعبية ضد الجدار والاستيطان بالضفة المحتلة، حيث كان الشهيد من أحد اهم شبابها الناشطين والمبادرين في مكافحة الاستيطان وجدار الفصل العنصري.
الشهيد باسل الأعرج حامل لشهادة الصيدلة من جمهورية مصر، وكان يعمل كباحث في التاريخ الفلسطيني الشفوي، وله اهتماماته بالتاريخ والفلسفة، وعمل في توثيق أهم مراحل الثورة الفلسطينية، منذ ثلاثينيات القرن الماضي ضد الاحتلال البريطاني، وصولا للاحتلال الصهيوني، وذلك من خلال تنظيم رحلات ميدانية لمجموعات شبابية متنوعة للتعريف بها على أرض الواقع.
وعُرف عن الشهيد حبه الكبير لمعرفة تفاصيل المقاومة، حيث اشترك في إعداد دراسة خاصة وكبيرة عن الشهداء منفذي عمليات الطعن والهس في الأعوام الماضية، وعند سؤاله بعض الإعلاميين عن دراساته التي كان يجريها عن الشهداء، أجاب "لقد تملكني هؤلاء الشباب وسكنوا بي.. ولا أستطيع الحديث عنهم بالكلام!".
للشهيد مدونات عديدة في حياته العلمية والفكرية، فمنها حديثه حرب العصابات بوصفها "قاطع طرق بمشروع سياسي، إضافة للمراحل التي مرت بها ثورة 1936، وفي كتيبة الجيش العراقي التي قاتلت في فلسطين عام 1948، ونموذج ريف مدينة جنين في المقاومة قديما وحديثا، وأهم عمليات المقاومة الحديثة عام 2002 في واد النصارى بمدينة الخليل".
حكاية قبل الشهادة
قبل نحو عام، وتحديدا في 30 آذار الماضي، أُعلن عن فقدان آثار باسل الأعرج، مع شابين آخرين هما محمد حرب وهيثم السياج، ليُعلن في وقت لاحق، وتحديدًا في 9 نيسان 2016 أن الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة اعتقلتهم في قرية عارورة شمال رام الله، بعد اعتقال 3 آخرين والتحقيق معهم، ليتعرض الشبان الستة منذ اعتقالهم لتحقيق قاس من عناصر جهاز المخابرات.
واتهم الشبان حينها بالإعداد لتنفيذ عمليات فدائية ضد قوات الاحتلال، واستمرت عملية توقيف الشبان الستة 5 شهور دون محاكمة، خاضوا خلالها الإضراب عن الطعام لمدة شهر، قبل أن يتم نقلهم إلى سجن أريحا، ويتعرضوا هناك لتعذيب شديد.
وفي التاسع من أيلول، قرر أمن السلطة الافراج عن الشبان، ومن بينهم الأعرج، على إثر ضغوطات شعبية وحقوقية، ليعتقل الاحتلال، بعد ذلك بأسابيع، أصدقاء الأعرج، ويصبح هو مطارداً لقوات الاحتلال منذ ذاك الوقت.
وكانت قوات الاحتلال تداهم بشكل شبه يومي منزل الأعرج في محاولة لاعتقاله دون جدوى، فيما عائلته تشير إلى انقطاع جميع الأخبار عنه منذ إطلاق سراحه من سجون السلطة الفلسطينية، وسط سلسلة استدعاءات لهم للضغط عليهم.
نال ما تمنى
فجر اليوم الاثنين الموافق 6/3/2017، وفي مدينة رام الله، وسط الضفة المحتلة، ارتقى الشهيد باسل الأعرج "33 عاما"، بعد اشتباك مسلح استمر لمدة ساعتين مع قوة صهيونية خاصة اقتحمت منزلا مهجورا كان يتحصن به.