Menu
23:12برشلونة يُعلن عن رئيسه المؤقت ومجلس الإدارة
23:10تفاصيل رسالة الرئيس عباس للأمين العام للأمم المتحدة
23:09الخارجية: 11 إصابة جديدة بفيروس كورونا بصفوف جالياتنا
20:42الحية يكشف تفاصيل زيارة وفد حماس للقاهرة
20:25كهرباء غزة تصدر تعليمات ونصائح مهمة للمواطنين استعدادا لفصل الشتاء
20:24بيان من النيابة العامة حول الحملات الالكترونية
20:21قائد جديد لشعبة التخطيط في الجيش الإسرائيلي
20:20الاحمد: ننتظر رد حماس منذ بداية أكتوبر.. ولا اجتماع للأمناء العامين قبل إصدار مرسوم الانتخابات
20:18ابو حسنة: استئاف العملية التعليمية لطلبة المرحلة الاعدادية بمدارس الاونروا بغزة بدءا من الاثنين المقبل
20:14صحيفة اسرائيلية: كهرباء غزة و"التنسيق الخفي" بين إسرائيل ومصر وقطر والفلسطينيين..!
20:13السلطة الفلسطينية تنوي مقاضاة إسرائيل لترخيصها شركات اتصال بالضفة
20:12بري: ليس وارداً بأن تفضي مفاوضات الترسيم للتطبيع.. والحكومة اللبنانية سترى النور قريباً
20:10الأوقاف بغزة تغلق ثلاثة مساجد بخانيونس بسبب ظهور إصابات بفيروس كورونا
20:09بعد مشاركته في لقاءات القاهرة.. حماس: عودة القيادي الحية إلى غزة ودخوله للحجر الصحي
14:08لهذا السبب .. "حزب الله" يعلن الاستنفار و يستدعي عددا من عناصره

%20من الوفيات والاصابات بالأمراض في الضفة وغزة سببها عوامل بيئية

أرض كنعان - جورج كرزم/ ربع الوفيات والإصابات بالأمراض في العالم سببها عوامل بيئية وفي الضفة وغزة تقدر النسبة بنحو 20%... أمراض القلب المسبب الأول للوفيات والأمراض السرطانية المسبب الثاني

قدرت منظمة الصحة العالمية في تقريرها الشامل الأخير حول الوفيات والأمراض في العالم بسبب عوامل بيئية، بأن نحو ربع الوفيات في العالم، أي حوالي 12.6 مليون، سببها عوامل بيئية في أماكن العمل أو السكن؛ علما أن العامل البيئي الأساسي هو تلوث الهواء.  كما أن العوامل البيئية مسؤولة عن 22% من إجمالي الإصابات بالأمراض في العالم.  العوامل البيئية تشمل بشكل أساسي الهواء، الماء، التربة، التعرض للمواد الكيميائية (بما في ذلك تلك التي في المواد الغذائية)، وتغير المناخ والتلوث الإشعاعي.

النسبة العالمية للوفيات بسبب عوامل بيئية قريبة من نسبة الوفيات بسبب ذات العوامل في منطقة شرق البحر المتوسط، حيث بلغ عدد الوفيات عام 2012 بسبب عوامل بيئية نحو 854 ألف، وتحديدا بسبب المعيشة والعمل في بيئة غير صحية.  عدد الوفيات المذكور يعادل حوالي 20% من إجمالي الوفيات في هذه المنطقة.  منطقة شرق المتوسط تضم أساسا فلسطين التاريخية (الضفة وقطاع غزة وإسرائيل)، وسوريا ولبنان والأردن وقبرص. 

وكي نمتلك تصورا تقريبيا لحالات الوفيات التقديرية في الضفة الغربية وقطاع غزة بسبب عوامل بيئية، فلنسحب النسبة العامة في شرق المتوسط (20%) على المنطقتين الفلسطينيتين المذكورتين؛ عندئذ سنجد بأن أكثر من 2600 فلسطيني (في الضفة وغزة)، من أصل نحو 13,300 وفاة سنويا (لعام 2014 بحسب وزارة الصحة الفلسطينية) يموتون بسبب عوامل بيئية.  هذه النسبة التقديرية تنسجم مع حقيقة أن الأمراض السرطانية (بحسب وزارة الصحة) تأتي في المرتبة الثانية للأمراض المؤدية إلى الوفاة عند فلسطينيي الضفة والقطاع، وبنسبة تفوق 14%؛ بينما 30% من الوفيات في ذات المنطقة سببها أمراض القلب الوعائية التي تعد المسبب الأول للوفيات (في الضفة وقطاع غزة).  واللافت أن هناك زيادة بارزة في نسبة وفيات السرطان المبلغ عنها في الضفة الغربية تحديدا، خلال الفترة 2007-2014؛ إذ ارتفعت النسبة من 10,3% إلى 14,2% على التوالي (وزارة الصحة الفلسطينية).  ويعد سرطان الرئة المسبب الأول للوفيات من مجموع الوفيات (المسجلة) بسبب السرطان، وذلك بنسبة 19,6%.

مقدار الارتفاع في حالات السرطان المسجلة سنويا بين عامي 2000 و2014 كان نحو 114% (1073 حالة عام 2000 و2294 حالة عام 2014)؛ بينما بلغت نسبة الزيادة السكانية خلال نفس الفترة حوالي 49% (الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني).

عوامل التلوث كثيرة جدا

عوامل التلوث البيئي في المستوى الفلسطيني كثيرة جدا، وأبرزها فوضى الكيماويات والمبيدات الزراعية المستخدمة في الضفة الغربية وقطاع غزة، إلى جانب الفوضى القائمة في تسويق السلع الغذائية المصنعة التي تحوي مكونات كيميائية خطرة، وأحيانا كثيرة تتستر تلك المكونات بأسماء مضللة؛ فضلا عن تسويق السلع الغذائية التي تحوي مكونات معدلة وراثيا، دون معرفة المستهلك؛ ما يعد انتهاكا صارخا لحق المستهلك في معرفة ماذا يأكل ولحقه في الاختيار. 

يضاف إلى ذلك النفايات الإسرائيلية السامة والخطرة التي يدفنها الإسرائيليون في مناطق مختلفة بالضفة الغربية (قلقيلية، بعض قرى غرب رام الله، مناطق الخليل-بيت لحم...)؛ فضلا عن عشوائية طرق التخلص من النفايات الفلسطينية السامة، وبخاصة النفايات السائلة الناتجة من معاصر الزيتون (الزيبار)، النفايات الطبية والإلكترونية والبطاريات وما إلى ذلك.  وللأسف، نسبة تدوير النفايات الصلبة في الضفة الغربية لا تتجاوز حاليا 1% من إجمالي النفايات الصلبة المتولدة سنويا.
وهنا نشير أيضا إلى التلوث الإشعاعي الناتج عن المفاعلات النووية الإسرائيلية، والنفايات النووية التي تدفن في أراضي الضفة الغربية (صحراء الخليل)، وبالطبع الملوثات الإسرائيلية السامة المنبعثة إلى الهواء والأرض والمياه من المنشآت الصناعية الإسرائيلية.

يمكننا أيضا إضافة عوامل التلوث الناتجة عن مقالع الحجر والكسارات الإسرائيلية الآخذة في توسيع نشاطاتها بالضفة الغربية؛ إلى جانب مقالع الحجر والكسارات الفلسطينية.  يضاف إلى ذلك ظاهرة التصحر في قطاع غزة، والمخلفات الإشعاعية والكيميائية الخطرة الناتجة عن الأسلحة الإسرائيلية-الأميركية المستخدمة ضد الإنسان والبيئة في قطاع غزة.

ومن عوامل التلوث الخطرة جدا أيضا الاقتلاع المتواصل للأشجار والمساحات الخضراء بالضفة الغربية لأغراض التوسع الاسمنتي وحطب التدفئة وصناعة الفحم، دون تعويض المساحات التي تم تشويهها وتخريبها.  وليس أقل خطراً من ذلك مستويات التلوث الإشعاعي (الراديوي غير المؤين) الناتج عن أبراج الخليوي المنتشرة عشوائيا في الضفة وغزة.

أكثر من عشرين عاملاً بيئيًا يتسبب بأمراض سرطانية

يشير التقرير المذكور إلى أن 1.7 مليون حالة سرطان مرتبطة بعوامل بيئية تظهر سنويا في العالم، ومعظمها سرطانات الرئة، علما أن هناك ما لا يقل عن عشرين عاملا بيئيا يؤثر على نمو الأمراض السرطانية؛ بما في ذلك تلوث الهواء في المنزل بسبب التدفئة، والتعرض لغاز الرادون السام (السبب الثاني لسرطان الرئة بعد التدخين)، وتلوث الهواء من الصناعة والسيارات والتعرض للإسبست.  كما أن العوامل البيئية تحفز سرطان الغدد الليمفاوية واللوكيميا (سرطان الدم)؛ ونخص بالذكر التعرض للملوثات الصناعية وملوثات المواصلات مثل البِنْزِن والفورمالدهيد.

تلوث الهواء يشمل التلوث داخل المباني والناتج من التدفئة والطبخ؛ إضافة إلى التلوث من وسائل المواصلات والصناعة وتوليد الكهرباء من مصادر الوقود الأحفوري (الفحم، النفط والغاز).   

يمكننا أن نستنتج من تقرير منظمة الصحة العالمية المذكور، بأن نحو ثلثي الوفيات الناجمة عن عوامل بيئية (أكثر من 65%) سببها تلوث الهواء، وتحديدا 8.2 مليون فرد سنويا. تلوث الهواء يشمل التدخين السلبي، أي تعرض غير المدخنين للدخان المنبعث من المدخنين فعليا.  ولو تنبهنا إلى ما ورد في التقرير بأن نصف الوفيات الناجمة عن تلوث الهواء سببها تحديدا أمراض القلب والجهاز التنفسي، يمكننا أن ندرك سبب ما ذكرناه سابقا بأن الوفيات من أمراض القلب الوعائية تحتل المرتبة الأولى في مجموعة الأمراض المؤدية إلى الوفاة عند فلسطينيي الضفة والقطاع، وتحديدا 30%؛ بينما تحتل أمراض الجهاز التنفسي المرتبة الخامسة (5.4%).  لكن، منظمة الصحة العالمية تقدر بالإجمال أن التلوث البيئي يتسبب في نحو ثلث الوفيات الناجمة عن الأمراض المزمنة في الجهاز التنفسي.

إلى جانب المعطيات السابقة، من المفيد التذكير هنا بما توصلت إليه الدراسة البيئية التي نفذتها جامعة "ييل" الأميركية والتي نشرت في كانون ثاني الماضي، ومفادها أن ما يحفز التلوث الهوائي هو واقع أن مساحات ضخمة من الغابات تقدر بنحو 180 ألف كيلومتر مربع في المتوسط تباد سنويا في العالم.  توصلت الدراسة إلى هذه النتيجة من خلال احتساب المساحات المشجرة في العالم التي تم اجتثاثها خلال السنوات 2000-2014، والتي بلغت 2.5 مليون كيلومتر مربع؛ بما يعادل نحو 93 ضعف مساحة فلسطين التاريخية (27,000 كم2).  وخلال العقدين الأخيرين خسرت دولة جنوب إفريقيا 17% من مساحة غاباتها، بينما تقف دولة باراغواي في طليعة دول العالم من ناحية الميزان السلبي، إذ خسرت خلال الفترة 2000-2014 نحو ربع مساحة غاباتها.

وفي إطار اتفاقية تغير المناخ في باريس، تعهدت البرازيل بأن توقف الاجتثاث غير القانوني للغابات في محيط الأمازون، وذلك حتى عام 2030، علما أنه في سنة 2015 ارتفعت نسبة اجتثاث الغابات فيها بمقدار 16%، بالمقارنة مع سنة 2014.

كما تفيد ذات الدراسة بأن ربع عدد الدول في العالم ليس فيها منشآت لتنقية المياه العادمة، إضافة إلى أن 80% من إجمالي المياه العادمة في العالم تتدفق إلى البيئة دون معالجة أو تنقية.  وحاليا، فإن حوالي 3 مليار نسمة في العالم لا يزالوا يفتقرون إلى مياه الشرب الآمنة والنظيفة أو للتدابير الصحية.

يضاف إلى ذلك، أن خُمس دول العالم فقط طبقت إجراءات لزيادة كفاءة استعمال الأسمدة وبخاصة الأسمدة النيتروجينية التي تفاقم تلويث المياه.  وتقدر دراسة جامعة "ييل" بأن التلوث الناتج عن الأسمدة النيتروجينية يتسبب لدول الاتحاد الأوروبي بأضرار سنوية لا تقل عن 70 مليار يورو.  وفي المقابل، جاء في ذات الدراسة، أن دولة فنلندا تقف في طليعة دول العالم من حيث الإنجازات البيئية، وبخاصة التزامها بالقانون الذي شرعته والقاضي باستهلاك 38% من الطاقة من مصادر متجددة.  وفي مؤخرة القائمة نجد الدول الفقيرة جدا أو الدول التي تتميز أنظمتها السياسية المركزية بالهشاشة والاختلال الوظيفي وتدور فيها حروب أهلية، مثل دولتي أفغانستان والصومال.

استنادا إلى معطيات تقرير منظمة الصحة العالمية، يمكننا القول بأن الوقود الأحفوري وتحديدا النفط والفحم والغاز يعد من أخطر مصادر التلوث البيئي؛ ما يتطلب العمل الفني والعلمي الجدي لتقليل استعمال هذا النوع من الوقود، وصولا إلى التخلص النهائي منه، من خلال التحول نحو الوقود النظيف أو الاستخدام الواسع للمواصلات العامة.  علاوة على حظر استعمال المواد التي تأكد ضررها الصحي بشكل قاطع.  التوقف عن استخدام المواد السامة يتضمن بعدا اقتصاديا وجيها أيضا؛ فعلى سبيل المثال، ورد في تقرير منظمة الصحة العالمية بأن التوقف عن استخدام الرصاص لأغرض منزلية مختلفة في الولايات المتحدة الأميركية، أدى إلى فوائد اقتصادية تقدر قيمتها بنحو سبعين مليار دولار.  لذا، يحث التقرير المذكور على ضرورة تقييم الجدوى الاقتصادية للأساليب المختلفة الهادفة إلى منع التلوث وبالتالي تقليل الأضرار الصحية.