Menu
12:19محكمة الاحتلال ترفض الإفراج عن الأخرس
12:13المالكي : دعوة الرئيس بمثابة المحاولة الاخيرة لإثبات التزامنا بالسلام
12:10الاردن يعيد فتح المعابر مع فلسطين بعد اغلاق استمر لأشهر
12:07الخارطة الوبائية لـ"كورونا" بالقطاع
12:05"إسرائيل": التطبيع مع السودان ضربة لحماس وايران
12:02"اسرائيل " علينا الاستعداد لما بعد ترامب
12:01الاحتلال يقتحم البيرة ويخطر بإخلاء مقر مركزية الإسعاف والطوارئ
11:59"الاقتصاد" بغزة تجتمع بأصحاب شركات مستوردي فرش الغاز
11:51«الديمقراطية»: سيقف قادة الاحتلال خلف قضبان العدالة الدولية
11:51الوعى الاستثنائى فى فكر  د.فتحى الشقاقى
11:47قيادي بحماس يتحدث عن "أهمية رسالة السنوار لرموز المجتمع"
11:45مستوطنون يقتحمون قبر يوسف بنابلس
11:40مقتل سيدة ورجل بالرصاص في باقة الغربية واللد
11:28الإمارات تسرق "خمر الجولان" السوري وتنصر "إسرائيل" ضد BDS
11:26صحيفة: تفاهمات بين القاهرة وحماس حول آلية جديدة لعمل معبر رفح

فايز أبو شمالة يكتب.. 2016م عام التفاؤل بالقياس

في الأيام الأخيرة من عام 2004م كنت على تواصل مع إذاعة الأقصى، أنقل عبر الخط الهاتفي تفاصيل اقتحام الدبابات الإسرائيلية لحي الأمل في خان يونس، كان المذيع ذكيًّا، هو يسأل عن أدق التفاصيل، وأنا أنقل له التحركات العسكرية حتى علا ضجيج الدبابات، وسيطر على المكان أزيز الرصاص، حينها قلت للمذيع: "أنا لا أسمعك، فقد اقتحم الجنود الإسرائيليون بيتي، ولا أسمع إلا وقع أقدامهم على السلالم"، وأغلقت الهاتف.

سيطر الجنود الإسرائيليون على البيت، واتخذوه موقعًا عسكريًّا متقدمًا، بعد أن فتحوا في الطابق العلوي عدة فتحات، وراحوا يطلقون منها النار على كل من يتحرك في المنطقة، أما نحن سكان البيت (أربعة عشر شخصًا) فحشرنا الجنود في غرفة واحدة، ولا حق لنا بممارسة الحياة إلا بإذنهم، فقد صاروا هم أصحاب البيت، وصرنا نحن الغرباء.

كنت حزينًا وفرحًا، حزينًا على أفراد أسرتي السجناء معي في غرفة واحدة، ولوجود بناتي تحت رحمة الجنود، وكنت فرحًا في الوقت نفسه لأننا مازلنا في بيتنا، ومازال بيتنا قائمًا، أربعة أيام بلياليها من العذاب، على أمل انسحاب الجنود في كل لحظة، ولم يخطر في بالنا عشية رأس السنة (2005م) أن يأمرنا الجنود الإسرائيليون بالخروج من البيت ليلًا، والابتعاد عن المكان. 

وداعًا يا بيتنا، وداعًا يا أمننا واستقرارنا، سيهدمه اليهود بمجرد خروجنا منه، حفاظًا على أمن المستوطنين وسلامة المستوطنات، هذا ما توقعناه، لذلك بكت أمي كثيرًا، وقبلت جدران البيت قبل أن تخرج، فقد عرفت الهجرة سنة 1948م حين غادرت قريتها يبنا، وبكى الجميع، وأنا أتلمس الحيطان مودعًا، وأفكر بالمصير المجهول، وأنا أتخيل بيتي كومة من الركام.

خرجنا من بيتنا مكرهين، وكلما ابتعدنا عن البيت خطوة نزف القلب دمعة، خرجنا من البيت ونحن نسترق السمع على صوت انفجار يؤكد لنا نسف البيت، فكانت المفاجأة بعد يومين حين انحسب الجنود الإسرائيليون من المكان على عجل، وعادوا إلى موقعهم العسكري الحصين الذي كان يبعد عن بيتي مسافة مائتي متر تقريبًا.

ولكن المفاجأة الكبرى كانت بعد تسعة أشهر، يوم 12/9/2005م من العام نفسه، حين دمر اليهود مستوطناتهم بأيديهم على بعد مئات الأمتار من بيتي، لقد انسحبوا تحت ضربات المقاومة من قطاع غزة، وكان الفرح برؤية الموقع العسكري الإسرائيلي الأضخم على مستوى الشرق الأوسط وقد انطفأت أنواره، وفر منه الجنود، لقد صار دمارًا في غضون تسعة أشهر، ليظل بيتي قائمًا يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وأن سيف المقاومة هو البتارُ، وأن عدونا الإسرائيلي سيصير رمادًا إن أحرقته النارُ.

عشية رأس السنة أبشركم بنهاية حصار قطاع غزة بعد تسعة أشهر من هذا اليوم، وأبشركم بتواصل الانتفاضة الفلسطينية في الضفة الغربية، وتصاعدها الذي سيرعب المستوطنين اليهود، وأبشركم باختلال موازين القوى الإقليمية لمصلحة قضيتنا السياسية، وأبشركم بارتباك الحسابات الإسرائيلية لتصير القدس عصية على التطويع، وتغدو مدن الضفة الغربية عصية على التنسيق الأمني، وأبشركم بسحق الانقسام تحت أقدام التوافق الوطني على مبدأ تصعيد المقاومة، ليمشي الشعب الفلسطيني كله مرفوع الرأس خلف قيادته الجديدة الشجاعة الجريئة، يمشي بعزم وثبات على طريق تحرير الأرض من دنس الأعداء.

وكل عام وشعبنا الفلسطيني مبدعٌ لأشكال المقاومة، رائع الوفاء، دائم العطاء.