مع استلام العاهل السعودي الجديد سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في المملكة يمكننا القول إن التحالف ضد جماعة الإخوان المسلمين بدأ يتفكك كما توقعنا في وقت سابق، حيث كشفت التسريبات الأخيرة مدى تورط عدة أطراف ضد جماعة الإخوان والربيع العربي، ولكن علينا أن ندرك أن الملك الجديد لا يمكنه تغيير السياسة الخارجية تجاه مصر 180 درجة دفعة واحدة، فالأولوية بالنسبة للملك سلمان هي تثبيت حكمه وتطهير مملكته ممن يسعون في الخفاء إلى علمنة الوطن العربي بما فيه دول الخليج ومنها السعودية، ومع ذلك فإن سياسة السعودية تجاه مصر بدأت تتغير ولكن بشكل تدريجي.
وكذلك فإن سياسة السعودية تجاه جماعة الإخوان لن تتغير بين عشية وضحاها، ولكن هناك مؤشرات إيجابية وقوية تدل على أن المملكة لها موقف مغاير ناحية الإخوان، حيث لا ترى في وجود الجماعة أي ضرر أو خطر, وأن الأخطار الحقيقية تتمثل في دول إقليمية طائفية وتنظيمات متطرفة مثل "داعش" وكذلك الخطر الإسرائيلي، نحن لا نتوقع أن تقوم السعودية بدعم جماعة الإخوان المسلمين وإنما وقف الظلم عنها والتراجع عن تصنيفها كمنظمة إرهابية وما يترتب على ذلك من منحها الحرية لممارسة نشاطاتها الدعوية والإنسانية وربما السياسية. حماس كتنظيم وحركة مقاومة لم تتعرض لما تعرضت له جماعة الإخوان بسبب مكانتها المميزة في قلوب العرب والمسلمين وما حققته من إنجازات لصالح القضية الفلسطينية وخاصة قهر جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي تغلب على جيوش العرب في حروب عديدة، ولذلك فإن المتآمرين على جماعة الإخوان ما كان لهم أن يتجرؤوا على المجاهرة بالعداء لحماس مع أنهم حاولوا تشويهها بأبواق مصرية وعربية أخرى، ولا شك أن حماس ستتأثر إيجابا بالتغيير الذي حدث في السعودية، حيث إن السياسة الحالية للمملكة ترى في الخلافات الداخلية الفلسطينية وفي الحصار المضروب على قطاع غزة عقبات أمام الاستقرار في المنطقة، ولا بد من تخطيها من أجل التفرغ للأخطار الحقيقية، ومن هذا الباب يمكن للمملكة السعودية أن تضغط على نظام الأمر الواقع في مصر من أجل تخفيف أو فك الحصار من جانبه عن قطاع غزة والكف عن التحريض ضد غزة والمقاومة وخاصة حركة حماس، وقد يكون موقف الحكومة المصرية والطعن على قرار اعتبار حماس منظمة إرهابية مؤشرا إيجابيا للتغيير.
السياسة الجديدة في السعودية مخيبة لآمال (إسرائيل) وبعض الأنظمة العربية، ولذلك يمكننا القول إن الفترة الذهبية والأشهر السمان بالنسبة للسيسي قد انتهت، ليس فقط بسبب سقوط حلف خالد التويجري وجماعته وإنما لاعتبارات أخرى كثيرة منها تصاعد الثورة المصرية وتقدمها بشكل مضطرد، وكذلك بسبب تدمير الانقلاب لمصر اقتصاديا, حيث لم ينجُ أي مصري من المعاناة في عهد السيسي سواء داخل أو خارج مصر، وكذلك تسبب السيسي في ضياع الأمن وتصاعد أعمال العنف وتعزيز قدرة الجماعات المتطرفة التي باتت تسيطر على مناطق في سيناء وكذلك تعريض أفراد الجيش المصري للخطر المستمر، والأهم من كل ذلك فقدان جمهورية مصر العربية لدورها القيادي والريادي في المنطقة.