جيد أن تجتمع الفصائل بوزراء حكومة التوافق من سكان قطاع غزة. كل الاحترام والتقدير للأخوة الوزراء. الاجتماع جيد في حدّ ذاته، ولكن الأجود من اللقاء هو نجاح اللقاء في تحقيق أهدافه.
لست ادري على وجه الدقة ما هي أهداف اللقاء، ولكني أتصور أنه استهدف تبادل الأراء حول مسئولية حكومة التوافق في تفعيل عمل الوزرات في غزة، وحلّ المشاكل الإدارية والوظيفية للعاملين الناتجة عن توحيد الحكومة. لا يجوز أن تبقى غزة في حالة( فراغ ) شاملة، لأن من أهم مخرجات الفراغ (الفوضى)، وقديما قالوا: ( العسكر الذي لا يقاتل يشاغب).
جيد أن تجتمع الفصائل مع الوزراء لأنهم هم ممثلو الحكومة في غزة، وهم قناة الاتصال الرسمية مع مجلس الوزراء، وهم الأكثر إدراكا لمعاناة الموظفين، لأنهم من أهل مكة، وأهل مكة أدرى بشعابها. غير أن أهل مكة ودرايتهم في حالة غزة لا تغني ولا تسمن من جوع، لسبب بسيط هو أنهم لا يملكون القرار، ولا يستطيعون تلبية مطالب الموظفين في الوظيفة العمومية. وهم ليسوا فيما يبدو شركاء فاعلون في قرارات الحكومة. هم طيبون وأفاضل، ولكن جهت القرار قلّصت فيما يبدو دورهم بشكل متعمد، ولغرض مستهدف. لذا فهم لا يملكون الإجابة على أسئلة الفصائل.
لقد وضعت الفصائل تشخيصا واضحا للمشهد بين يدي الوزراء في الشهر الأول من عمر حكومة التوافق. وبينت حالة البطء المتعمد في إجراءات الحكومة في كل ما يتعلق بشئون غزة، وكشفوا أمامهم الأخطار المحتملة التي ترتبط عادة بحالة الفراغ وغياب المسئولية، وطالبوهم بالتواصل مع رئيس الوزراء لحلّ المشاكل المتراكمة، على رأسها حل مشكلة الموظفين وراتبهم، لأن كل تأخير يهدم جزءا من بناء المصالحة ، والتوافق.
جلّ ما يمكن أن يفعله الوزراء مع كامل الاحترام لهم جميعا، هو أن ينقلوا صوت الفصائل والقوى المدنية والشعب لرئيس الحكومة، ومن خلاله الى رئيس السلطة. إن عملية ( النقل ) هذه لا تعني أن الحلول أصبحت في متناول اليد. إن الحلّ تحتاج الى إجراءات عملية تتجاوز عملية نقل الصورة، أو الحديث عن معاناة سكان القطاع، وبالذات الموظفين.
ثمة ما يبرر أجراءات المراجعة الذاتية بعد توقف قطار المصالحة، فالأصوات تجمع على أن المصالحة أكبر من الحكومة. وإن ورقة الحكومة لا تزيد عن خطوة أولى في ملفات المصالحة. وحديث موسى أبو مرزوق حول إمكانية عودة الحركة لإدارة قطاع غزة، ينبغي أن يكون قد علق الجرس، وقرع جدران الخزان. فهل كان اجتماع الفصائل مع الوزراء بغرض قرع الخزان؟! وهل تجهزّ الوزراء للخطوة التالية، أم أن أصوات الخزان لا تصل الى هدفها؟!