هذا ليس شعاراً أطلقه أهل كفر نبل في سورية ليتضامنوا مع المحاصرين في مخيم اليرموك ويرسلوا رسالة لمحاصريهم ، هذه الرسالة لم تكتب عبثاً بل كتبت لأنهم يعرفون أن شعباً مثل الشعب الفلسطيني الذي يحاصر منذ 8 أشهر على التوالي، دون نظرة شفقة أو إنسانية من صناع القرار أو محاصري هذا المخيم، هو شعب صبور،مما حتّم على المحاصرين في منطقة كفر نبل السورية أن يصرحوا بهذا الكلام ليعلموا القاصي والداني من هم أهل اليرموك ، جائعين نعم مجهدين ومتعبين من الحصار والقهر نعم ولكن " شباعنين كرامة".
وإذا أردنا العودة بذاكرتنا المليئة بالآهات والآنات لعام 1982، عندما اجتاحت القوات الإسرائيلية لبنان وحاصرت المخيمات الفلسطينية آنذاك، وأغلقت جميع منافذ المخيمات وحاصرت الأهالي داخل المخيمات لمدة 82 يوم على التوالي، نجد أن الفلسطينيون في لبنان أيضا أكلوا العشب و القطط وحتى الكلاب.
للأسف يا أهلنا في اليرموك لقد ذاق شعبكم الفلسطيني في لبنان ما تذوقتوه في سورية، وهذا يدل أن لعنة الجوع والحصار مرافقة لهذا الشعب، كما يدل أن من ينعم بالكرامة عليه أن يخوض هذه التجربة.
هنا نشعر بأن التاريخ يلعب لعبته الدنيئة معنا، فهو من دون البشر يختارنا دائماً لنخوض مثل هذه التجارب القاسية، وهنا أطرح سؤال ألهذا الحد الصبر يؤمن بنا لكي يجربنا أكثر من مرة؟
والإجابة نعم، شعب فلسطين هو حقل تجارب لهذا الكون، تواريخ مختلفة وأماكن مختلفة تشهد على الظلم الدائر على هذا الشعب، يخرج من بلاء ليقع ببلاء أكبر ألا يكفي هذا الشعب أنه بدون أرض حتى يعامل بمثل هذه المعاملة، تجويع وتركيع وظلم واضطهاد حتى يمل ويبيع المخيم ويتنازل عن فلسطينيته.
ولكن كما قلنا اذا كان الصبر يراهن على صبرنا وبقاؤنا، فنبشره ونبشر غيره بأننا باقون حتى لو بقى من هذا الشعب طفل واحد سيبقى ويكبر ويحرر فلسطين، لن نترك مخيمنا ولن نترك فلسطيننا.
كما نود أن نعلم عربان الذل أن إسرائيل لا تحاربكم لأنها أخذت حقها منكم باحتلالها فلسطين وتركتكم تعيشون بسلام أيضاً وتتقاسم معكم المصالح.
إذن من هذا المنطلق وجب عليكم كنوع من الترضية وليس الكرم لأنها ليست من شيمكم أن تجعلونا نعيش بسلام حتى نحرر أرضنا ونعود، وعهداً علينا عندما نعود أننا لن نعترف بكم.
واذا كان قصدكم بالتخلي عنا في كل الميادين أنكم تمارسون الديمقراطية والدبلوماسية مع إسرائيل وأميركا، فاصنعوا ما شئتم، فنحن لا نريد منكم شيئاً فقط دعونا نعيش بمخيماتنا بسلام اتركوا لنا هذه الخيمة، فلستم أنتم من أعطانا اياها.
كما نقول لأبناء جلدتنا المشاركين بالقضاء علينا والمشاركين بتدميرنا وحصارنا "وظلم ذوي القربى، أشد مضاضة على المرء من وقع الحسام".
وسيشهد هذا الكون أن الفلسطيني سيبقى دوما مصدر الكرامة يتنفس كرامة ويأكل كرامة ويشرب كرامة لأنه " شبعان كرامة.
حنين العبد – رابطة الإعلاميين الفلسطينيين في لبنان
بيروت في 6-2-2014