Menu
12:19محكمة الاحتلال ترفض الإفراج عن الأخرس
12:13المالكي : دعوة الرئيس بمثابة المحاولة الاخيرة لإثبات التزامنا بالسلام
12:10الاردن يعيد فتح المعابر مع فلسطين بعد اغلاق استمر لأشهر
12:07الخارطة الوبائية لـ"كورونا" بالقطاع
12:05"إسرائيل": التطبيع مع السودان ضربة لحماس وايران
12:02"اسرائيل " علينا الاستعداد لما بعد ترامب
12:01الاحتلال يقتحم البيرة ويخطر بإخلاء مقر مركزية الإسعاف والطوارئ
11:59"الاقتصاد" بغزة تجتمع بأصحاب شركات مستوردي فرش الغاز
11:51«الديمقراطية»: سيقف قادة الاحتلال خلف قضبان العدالة الدولية
11:51الوعى الاستثنائى فى فكر  د.فتحى الشقاقى
11:47قيادي بحماس يتحدث عن "أهمية رسالة السنوار لرموز المجتمع"
11:45مستوطنون يقتحمون قبر يوسف بنابلس
11:40مقتل سيدة ورجل بالرصاص في باقة الغربية واللد
11:28الإمارات تسرق "خمر الجولان" السوري وتنصر "إسرائيل" ضد BDS
11:26صحيفة: تفاهمات بين القاهرة وحماس حول آلية جديدة لعمل معبر رفح

وائل قنديل يكتب : الدم الرخيص

ثورة يناير لم تستحل الدماء والمنشآت والممتلكات، ولم تتعامل مع أتباع مبارك باعتبارهم احتلالا يجب تطهير مصر منه.. ثورة يناير لم تطرب لقتل مؤيدى النظام، ولم ترقص فرحا فوق جثثهم، ولم تستحل دماءهم أو تسترخصها وتعتبرها بلا ثمن.

ثورة يناير واجهت بطش الشرطة وتصدت وهى عزلاء لكل آليات القتل والتنكيل بالهتاف والاصطفاف، ليس صحيحا أنها اتخذت الحرق والقتل والعنف منهجا لمقاومة أشرس منظومة أمنية فرمت أجساد المتظاهرين بمدرعاتها ونكلت بفتيات وشباب فى سراديب مظلمة وكهوف سفلية.

ثورة يناير جسدت أرقى تجليات الإنسانية المصرية وقيم التحضر المحترمة، لم نسمع أن ثوار يناير رقصوا فوق جثة خصم لهم أو مثلوا بها، ولم نعرف أن صوتا منها خرج يستبيح روحا مصرية أو يستحل جسد إنسان.

ثورة يناير بكت وانتحبت عندما سقط شهيدها محمد محسن ابن أسوان فيما عرف بموقعة العباسية الأولى على أيدى «المواطنين الشرفاء» ذلك المصطلح البائس الذى اخترعوه وأطلقوه على الثوار والمتظاهرين قتلا وتشويها».

كتبت عن الشاب محمد محسن فى أغسطس ٢٠١١ أنه «لم يكن بلطجيا، بل سقط ضحية البلطجة المنظمة، ولم يكن مارا بالمصادفة فى طريق الثورة، بل كان أحد جنودها البواسل منذ 25 يناير حين خرج من أسوان يسعى لتحقيق حلمه وحلم عشرات الملايين غيره بمصر جديدة، مصر نظيفة، مصر شريفة، مصر جميلة، مصر مقطوعة الصلة بنظيف والشريف وجمال، وفرعون مصر الجديدة.

أصيب محمد محسن فى موقعة العباسية التى كانت مظاهرة سلمية لشباب له بهاء الورد وعبيره، لكن السادة الجنرالات الكبار أرادوها معركة دامية وحرضوا «المواطنين الشرفاء» على استقبال المواطنين النبلاء بالأسلحة البيضاء والشوم والحجارة.

إن التصريحات الطاعنة فى وطنية هؤلاء الشباب ونبل مقصدهم، والمحرضة عليهم، كانت كالحجارة أو أشد قسوة، ومادام حجر شطر رأس محمد محسن وأرداه قتيلا، فإن هذا التحريض كان شريكا فى الجريمة، أو على الأقل أحد أدواتها»، هذا ما سجلته فى واقعة مقتل محمد محسن الذى لم يتم الاعتراف به شهيدا إلا بعد انتخاب محمد مرسى رئيسا.

لذلك يبدو غريبا أن تراق دماء نحو عشرين مواطنا أمام جامعة القاهرة مساء أول من أمس دون أن تهتز مشاعر أولئك الذين يقولون إن يونيو هو المكمل ليناير، على الرغم من بشاعة المقتلة، وكأن الدم صار له أكثر من معيار، فتنزع الحرمة والقدسية عن بعضه، وتمنح للبعض الآخر، بحيث أصبح عندنا مصريون يعاملون معاملة «الأغيار» فى الأدبيات الصهيونية، جزء من الشعب مقدس وجزء يجوز معه القتل والإبادة.

إن الصمت على الأرواح التى أزهقت فى ميدان نهضة مصر يبدو شيئا غريبا على أخلاقيات ثورة يناير البيضاء، فما بالك بمن لا يخفى سعادته وشماتته لمجرد أن الضحايا ونحسبهم شهداء عند ربهم من الإسلاميين؟

أى عار يلحق بإنسانيتنا ومصريتنا إذا نحن صفقنا لحصد أرواح مصريين مختلفين معنا، وصمتنا عن المطالبة بمحاسبة قاتليهم؟