لم يعد بإمكان المواطن عبد الله صوافطة من عين البيضا أن يستمتع بالجلوس على جنبات عين الساكوت بالأغوار الشمالية بعد أن أغلقها المستوطنون بشكل كامل أمام المواطنين قبل أيام.
اعتاد صوافطة وكثيرون الاستجمام بعين الساكوت والسباحة فيها والاستمتاع بمشاهدها الخلابة، فهي من المناطق المائية القليلة التي بقيت للفلسطينيين في ظل سيطرة تامة للاحتلال على كافة المصادر المائية في الضفة الغربية المحتلة.
ويقول صوافطة : "لفترات طويلة سابقة حاول المستوطنون التضييق على كل من يأتي لعين الساكوت ولم يرق لهم تواجد فلسطيني فيها، ولكن قبل أشهر بدأت عملية تسييج في محاذاة العين، وقبل أيام تم إغلاق البوابة الحديدية بشكل كامل ما يعني حرمانا من الوصول إليها".
تُطلُّ عين الساكوت بجمالها على نهر الأردن، فالحدود الأردنية وهي امتداد لسلسلة ينابيع مائية في المنطقة باتت جميعها تحت سيطرة المستوطنين، في حين ترك المزارع الفلسطيني في الأغوار يعاني فقرًا مائيًا كبيرًا وهو يعيش على نهر جارٍ.
تقع عين الساكوت في خربة "الساكوت" وهي من الخرب الفلسطينية التي أُبيدت عقب نكسة حزيران/يونيو 1967، فهي من بين 32 خربة تقع على امتداد نهر الأردن والتي كان يقطنها عائلات زراعية فلسطينية قبل عام 1967م، حيث هدمها الاحتلال عشية النكسة، وحوّلها إلى مناطق عازلة على طول الحدود مع الأردن.
تبعد الساكوت مسافة لا تزيد 150 مترًا عن نهر الأردن، وعلى مسافة 7 كيلومتر عن قرية عين البيضا من الناحية الجنوبية، وكان يقطنها قبل عام 1967م ما لا يقل عن 20 عائلة زراعية فلسطينية يعيشون في بيوت من الطين، والتي هُدمت جميعًا ورحل سكانها عقب النكسة.
مخطط ضم الأغوار
يقول الخبير الحقوقي في الأغوار عارف دراغمة: "لقد أغلق الاحتلال البوابات التي وضعها قبل ثلاثة أشهر، ولا يستطيع أحد الآن الدخول للنبعة وبعد أن كان يرتادها مئات الفلسطينيين من كافة المناطق باتت مؤصدة في وجوههم".
وأضاف لمراسلنا "ما يجري في الساكوت وغيرها من الينابيع جزء من مخطط ضم الأغوار والذي يتم تنفيذه بشكل واضح عبر إحكام السيطرة على كافة المناطق".
وتكتسي الساكوت أهمية بيئية كبيرة جدًا، فهي من أكثر مناطق فلسطين تنوعًا في الغطاء النباتي، وهي الضفة الأخرى لنهر الأردن، ومصبّ الفائض من النهر عبر الحوض الجوفي الموجود فيها، وممرًا للطيور المهاجرة؛ لذلك كانت طوال السنوات الخمس الماضية جزءًا من المسارات البيئية والرحلات التي لم ترق للمستوطنين.
يقول أحمد زيود أحد القائمين على المسارات البيئية لمراسلنا إن الساكوت تعتبر "من أهم المسارات التي نذهب إليها، ولكن الآن لم يعد ذلك ممكنًا"، منوهًا إلى أنّها كانت مغلقة أصلا بعد عام 1967، ولكن سلطات الاحتلال وبعد أن أزالت الألغام من الحدود مع الأردن عاد المستوطنون لزراعة المنطقة الحدودية.
وأردف "بعد معركة قضائية لسنوات لأصحاب أراضي الساكوت استطاعوا استرداد نحو 5000 دونم من أراض الساكوت البالغة 36 ألف دونم، وبعد ذلك أصبح بالإمكان الوصول للعين"، واستدرك بالقول إنّ ذلك قد انتهى مع قرار إغلاقها من قبل جيش الاحتلال والمستوطنين والذين ينفذون مخطط ضم الأغوار بشكل صارخ دون ردة فعل.