بقلم / هويدا نمر زعاترة
كتب الكاتب والصحفي الفلسطيني والمقيم في السويد، قيس قدري، مؤخراً عبر صفحته في فيسبوك، هو الذي عمل في السويد مستشاراً للدولة لدمج المهاجرين، بأن التقارير هناك، تظهر ارتفاعاً حاداً في معدلات الطلاق بين القادمين، بعد موجات اللجوء الأخيرة من الدول الشرق أوسطية.
وحسب قوله، فإن أهم الأسباب، والتي اطلع عليها أثناء عمله، تعود الى تخلص المرأة من قيود الدين والمجتمع الذكوري وحصولها على المساعدة والدعم المادي من مخصصات الدولة، وبهذا تحقق الاستقلال الاقتصادي، بالإضافة إلى أن الدولة وقوانينها تحميها من التعنيف.
أما السبب الأهم في كثير من الحالات، هو زوال أسباب رضوخ المرأة لزواج لم ترغب به من الأساس في موطنها. وهكذا تشعر المرأة العربية بالأمان في المجتمع السويدي ولا تخاف الانفصال، وذلك لإدراكها أن القانون سيقف إلى جانبها في كل الحالات ويوفر لها أسباب الدعم.
وحين تلجأ امرأة فلسطينية بالرغم عن هذا إلى الشرطة الإسرائيلية، ففي أحسن الحالات يسمعونها، يطبطبون على كتفها ويرجعونها إلى بيتها.
هذا يُظهر جلياً أن نفس النساء اللاتي قبلن العيش تحت رحمة أزواجهن، رغم التعنيف والإساءة، وصمتن عليهما، قمن ووقفن وواجهن، واخترن الخروج من دائرة العنف.
يُلاحظ أيضاً أن الرجل الذي كانت يده هي العليا، الرجل الذي كان الآمر الناهي وفي يديه مقاليد حياة زوجته معنوياً وفعلياً في موطنه الأصلي، فقد مركزه هذا وأصبح (مجرد) طرف ثان في معادلة الحياة الزوجية.
ماذا يمكن أن يُستنتج من ذلك؟
يمكن القول إن تغيير الظروف يؤدي إلى تغيير طرق التعامل مع الواقع، وإن المرأة العربية غير مقتنعة فعلياً وفكرياً بالتابوهات والمعتقدات والإملاءات الاجتماعية، وحين تحين الفرصة تختار كسرها، تختار أن تحقق ذاتها كإنسان متكامل.
المرأة ليست أسيرة فكرة الضلع القاصر، وهي حتماً غير مقتنعة بأنها شُكّلت من ضلع رجل، ولا بكونها كسيرة الجناح وبحاجة لظل رجل يحميها، فما تردده أحياناً مقنعة ذاتها: "ظل راجل ولا ظل حيطة"، هو مجرد جملة يمكن استبدالها بـ "ظل دولة ولا ظل راجل معنِّف"... وربما تصل إلى الاستنتاج بأنها أساساً لا تحتاج ظلاً، فهي قادرة على إعالة نفسها وأولادها، إن تهيأت لها الظروف وحمتها القوانين.
لماذا عاينت واهتممت بهذا كله؟
في الحقيقة، فإن الأمر يعنيني، لأن هذا يمكن اعتباره صورة مرآة لما كان من الممكن أن يحدث في مجتمعنا العربي الفلسطيني تحت حكم إسرائيل. هذه الدولة التي تعتبر نفسها دولة قانون ورفاه اجتماعي، وتصور نفسها كدولة حديثة متنورة، واحة الديموقراطية في صحراء الشرق! لكن كل هذا لم يحدث، بالرغم من أن قوانين إسرائيل، فيما يتعلق بالعنف ضد المرأة، مشابهة لقوانين السويد.
في الواقع حدث ما هو أسوأ، وما هو مخالف "للتطور الطبيعي" الذي يحدث في أي مكان في العالم، لقد وقعت المرأة الفلسطينية بعد النكبة بين سندان السلطة وسياسات التمييز ضد السكان الأصلانيين العرب الفلسطينيين، وبين مطرقة المجتمع وتقاليده.