أرض كنعان
طفلةٌ ذاتِ خمسِ سنواتٍ، لم تحاربْ بجسدِها النّحيل "الورم الخبيث" فحسب، بلْ وخلوّ غرفتها الصّغيرةِ الموشّحةِ بالألمِ، من أمّها الحنونة، وأبيها وأهلها جميعهم، بفعلِ ظُلم الاحتلال الإسرائيلي الذي منع أيًا منهم منْ مرافقتها لمستشفى "المطلع" بمدينةِ القدسِ المحتلة، خلال فترةِ علاجِها.
"عائشة" ماتتْ ألفَ مرة، تصحُو ليلًا تبكِي، فلا تجد أمًا تحضنها، ولا أبا يواسيها، ولا أخًا يربّت على كتفِها ويخفف من وجعها الكبير، وهيْ تكافحُ لحظةً بلحظةٍ على سريرِها الأبيضِ، وهي تلبسُ كمّامةَ الأكسجين، تريدُ يدًا حانيةً عليها، تقف معها في أحلكِ أيام حياتها القصيرة جدًا.
المرضُ والاحتلالُ معًا
شعورُ القهرِ الذّي يعتري فؤادها الصّغير، الذي يحنّ إلى اللعبِ برمالِ مخيم "البريج" وسط قطاع غزة، حيث هناك كانتْ صرخةُ مهدها الذّي حفّتها عائلتها بزغاريد الفرحِ وشموعِ الأملِ، حيث أطفأها بعد خمس سنواتٍ مرضَها والاحتلال معًا.
عائلتُها المكلومة، أرسلت نداءات استغاثة لكثيرٍ من المؤسسات المحلية والدولية، من أجلِ طفلتها، إلا أن الاحتلال المجرم، رفضَ كل النداءات ولم يسمح لأهلها بأن يكونوا معها وهي على فراش المرضِ الخطيرِ، والذي يتطلبُ رعاية نفسيةً قبل العلاجية.
ولفظت أنفاسها الأخيرة
أجريت لـ "عائشة اللولو" العملية المعقدةِ لورمٍ في الدّماغِ، لم تطل معاناتها بعد ذلك، فلفظت أنفاسها الأخيرةِ بعيدةً عن لمسةٍ تحنانٍ من والدتها، وهي تشكُو تعنّت الاحتلال وظلمه.
رحلتْ "عائشة" وهي تبتسمُ للسّماءِ، بأنّها ذاهبة لرحمةِ ربّها، بعيدةً عن حواجزِ الاحتلالِ في القدس، ومعبر "إيرز" اللعين، وتضييق الاحتلال للفلسطينيين في تنقلاتهم ورحلاتهم، تشكُو للهِ قتلَ الاحتلال لأطفال فلسطين، سواء بالطائراتِ والمدافع والقذائف، أو بالمنعِ من العلاجِ.
"عائشة" قد ذاقتْ ظلماتٍ كثيرةٍ، فهي قد عاشت في مخيم "البريج" وسط قطاع غزة، حيث خلال العام الذي اندلعت فيه الحربُ المجنونة " الجرف الصّامد" والتي راح ضحيتها أكثر من 2140 شهيدًا، وذاقت ويلاتِ الحصار مع عائلتها، وفقر المخيّماتِ وانعدام الخدماتِ، وحق اللعب والتعلم بحقٍ، كبقية أطفالِ العالم.