Menu
18:37وفاة شاب غرقًا في خانيونس
18:26حشد تطالب شركة جوال بتخفيض أسعار الخدمات للمشتركين
18:11زلزال قوي يضرب ولاية إزمير التركية
18:10الحركة الإسلامية بالقدس تدعو لإحياء الفجر العظيم ورفض أوامر الهدم
18:07اشتية: على أوروبا ملء الفراغ الذي تركته أميركا بتحيزها لإسرائيل
18:00بالصور: حماس تدعو للانضمام إلى حملة مقاطعة البضائع الفرنسية
17:58خلافات لبنانية إسرائيلية بشأن ترسيم الحدود البحرية
17:57لا إصابات في صفوف الجالية الفلسطينية بتركيا جراء زلزال إزمير
17:55إصابة شاب بالرصاص المعدني والعشرات بالاختناق في مسيرة كفر قدوم الأسبوعية
17:54الاحتلال يعتدي على المواطنين قرب باب العامود
17:53وفاة شاب غرقا في بحر خانيونس
17:52الخضري: خسائر غير مسبوقة طالت الاقتصاد الفلسطيني بسبب الاحتلال و"كورونا"
13:49مسيرات غاضبة في قطاع غزة نصرةً للنبي ورفضًا لإساءات فرنسا
13:47الصحة: 8 وفيات و504 إصابات بكورونا في الضفة وغزة خلال 24 ساعة
13:26إدخال الأموال القطرية إلى غزة

أســـامـة جـادو يكتب..دستورالحريـة والكرامـة مكتوب بدم الشهداء و تضحيات الشعب

بحمد الله تعالى تلقيتُ - كما تلقى ملايين الشعب المصرى فى الداخل والخارج - مشروع الدستور الجديد الذى يتوج مرحلة من أخطر المراحل التاريخية لشعبنا المصرى العظيم ، سهرت حتى شروق الشمس أتابع فعاليات الجلسة التاريخية للتصويت على مواد مشروع الدستور، وفى اليوم التالى حصلت على نسخة من مشروع الدستور منشورة فى صحيفة الأهرام شممتُ فيها عطر الحرية والكرامة ، و تأملتُ نصوص مواد المشروع وكأن حروفها كتبت بدماء شهداء ثورة مصر ومصابيها ودموع ذويهم وتضحيات شعب عظيم طال بذله وصبره وتحمله طيلة عقود عديدة ، هى إذاً ليست مجرد نصوص صمـــاء بل هى روحٌ تسرى فى أوصال الدستور الجديد .

أدهشنى كثيراً ديباجة الدستور وهى ما قبل المواد وتعكس روح الشعب الذى ضحى من أجل إصدار هذا الدستور ، الذى يبشر بميلاد فجر جديد يليق بمصر الحضارة والتاريخ التى قدمت للبشرية أول أبجديات الكتابة ، و أتمنى ان تتاح الفرصة لكل مصرى أن يطلع على مشروع الدستور وأن يحرص على مدارسته بروية ومهل حتى يدرك حقيقة ما حوته النصوص من أحكام وحقوق وحريات ونظام ، وسبق لى أن كتبت عن بعض المكونات الأساسية فى الدستور الجديد ، وأخصص مقال اليوم عن جانب هام جدا من الدستور ، وهو المتعلق بالحقوق والحريات العامة فى الدستور الجديد ، وأود التأكيد على أمرين هامين ، الأول منهما ان

إنتهاك حقوق الإنسان العامة كان الدافع الأساسي و المحرك الرئيسي للثورات و منها ثورة الشعب المصري

هذا أمر اتفق عليه كافة اهل الراى والعلم ، لم يشذ عنهم عاقل ، فإنتهاك حقوق المواطن المصرى خلال عهد مبارك المخلوع كان الوقود الأساسى لتفجير الثورة ، انتهاك حقه فى التعبير عن رأيه و حقه فى العمل وحقه فى التعليم وحقه فى الصحة والعلاج ، حقه فى ممارسة شعائر دينه دون خوف او ملاحقة من قبل الإجهزة الأمنية ، حقه فى الترشح للمجالس النيابية ومباشرة حقوقه السياسية على أسس ديمقراطية تتفق مع المعايير الدولية من النزاهة والشفافية ، ولقد شهد العام الأخير من حكم مبارك ذروة الإنتهاكات الشنيعة لحقوق المصريين ، حالات القتل والتعذيب على أيدى أجهزة الأمن المصرية وتحول مراكز الشرطة الى سلخانات ضجت جماهير الشعب بالشكوى منها ، ثم كانت انتخابات مجلس الشعب وقبلها مجلس الشورى كاشفة لكل عورات ومساوئ نظام مبارك ، وكان شعور المواطن بإنسداد الأفق أمامه فلا أمل فى التغيير والإصلاح والإنعتاق من هذا النظام القمعى والتحرر من كافة اشكال الانتهاك اليومى لحقوق المصرى

كل هذا فجر براكين الغضب فى نفوس المصريين فاندفعوا يكسرون حاجز الخوف ويسقطون دولة الرعب ، وينتزعون حقوقهم المسلوبة فكانت ثورة هزت عروش الطغاة ليس فى مصر وحدها بل امتدت توابع الثورة المصرية لتصل الى دول كثيرة ، فى لبيا واليمن وسوريا والبحرين والأردن والمغرب وأخيرا العراق لتؤكد أن قضية حقوق الإنسان العربى لا تنازل عنها وأنه حان وقت التغيير وهبت رياح الحرية

الأمر الثانى

من الطبيعي أن يكون إحترام حقوق الإنسان أول و أكبر ثمرة تجنيها الشعوب الثائرة عقب نجاح الثورة

.نعم كما كان انتهاك حقوق الانسان هو مفجر الثورات كان احترام حقوق الانسان هو أول أهداف الثورات وغايتها ، وكانت نسائم الحرية والكرامة الإنسانية أولى ما تنسمته الشعوب الثائرة ، وتظل حقوق الإنسان الاساسية مقاصد للثوار والإصلاحيين وهم يؤسسون نظام الحياة الجديدة التى نبتت ورُويت بدماء الشهداء والجرحى و صانتها الملايين من أبناء الوطن الثائر الحر ،ويتطلع الجميع اليوم الى نظام جديد يقدس حقوق الإنسان وتشيع فى ارجائه وجنباته ثقافة إحترام حقوق الإنسان و كرامته

و يتمثل ذلك في

وجود حاكم و نظام لا يحترم حقوق الإنسان فحسب ، بل هو يتبنى المشروع برمته و يعمل جاهداً على تكريس نظام يقدس حقوق الإنسان .

منظومة متكاملة من التشريعات و اللوائح التي تقدس نظام حقوق الإنسان ، و ثقافة جديدة ترسخ مفاهيم و قيم احترام حقوق الإنسان .

شعب تغير و تحول إلى ممارسة صحيحة لحقوق الإنسان ، كان يطالب بها و دفع ثمنها و الآن آل الأمر إليه فليبدأ عهداً جديداً من الممارسة و السلوك الصحيح

وقد جاء الدستور الجديد ليعبر عن هذين الأمرين ويؤكد على قدسية حقوق الإنسان وحرياته العامة ، وكان واضحا ان أحد المقومات الأساسية للدستور الجديد هو حماية وتقرير حقوق الانسان وحرياته العامة وان تلتزم الدولة المصرية من خلال سلطاتها العامة بأن تتحول النصوص الواردة فى الدستور الجديد الى واقع ومناخ ونظام حياة يصبغ مصر كلها ويشمل كل المواطنين

ويكفى أن يعلم المواطن المصرى أن أكثر من 59 مادة من مواد الدستور الجديد قد اشتملت على أكثر من 70 حقاً من الحقوق والحريات العامة التى كفلها الدستور الجديد لكافة المواطنين المصريين دون تمييز بينهم أو تفرقة ، وهذه الحقوق المنصوص عليها شملت واستوعبت كافة الحقوق الدستورية التى سبق أن أحتوتها الدساتير السابقة بدءاً من دستور 1923 مرورا بدساتير الحقبة الناصرية وانتهاءا بدستور 1971 ، ولا أبالغ إذا قلت أن كافة الحقوق التى وردت فى الأعلان العالمى لحقوق الإنسان الصادر فى العاشر من ديسمبر 1948 وقد حوى 30 مادة تقرر حقوق الإنسان ، وكذلك كافة الحقوق التى وردت فى العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية الصادر عام 1966 ، وكذلك البروتوكولين الإختياريين للعهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية الذين صدرا عامى 1966 ، 1989 أقول كافة الحقوق والحريات العامة التى وردت فى المواثيق الدولية قد احتواها الدستور الجديد ، وكان حرياً بالتيارات والحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدنى أن تسهم بمناقشات جادة وفاعلة فى اتجاة تكامل منظومة الحقوق والحريات العامة فى الدستور الجديد ،أستطيع الأن القول أن الباب الثانى من أبواب مشروع الدستور الجديد وهو الخاص بالحقوق والحريات ( الحقوق الشخصية ، والحقوق المدنية والسياسية ، والحقوق الإقتصادية والإجتماعية ) يُعد مفخرة لهذا الجيل الذى صنع الدستور وللأجيال القادمة .

ولم يتوقف الأمر عند مجرد النص على هذه الحقوق العامة والحريات بل جرَّم كل اعتداء على اى من الحقوق والحريات المكفولة فى الدستور واعتبر هذا العدوان جريمة لا تسقط عنها الدعوى الجنائية ولا المدنية بالتقادم ، بل وتكفل الدولة تعويضاً عادلاً لمن وقع عليه هذا الإعتداء ،وقرر الدستور للمضرور الحق فى إقامة العوى الجنائية عنها بالإدعاء المباشر ، وقرر ذات الحق للمجلس القومى لحقوق الإنسان أن يبلغ النيابة العامة صاحبة الدعوى الجنائية عن أى انتهاك ترد على هذه الحقوق والحريات ، وهذه ضمانات هامة يُنص عليها فى الدستور الجديد احماية وصيانة كافة الحقوق والحريات العامة كما ورد النص فى المادة 80 من مشروع الدستور الجديد .

ومن الضمانات الهامة التى استحدثت فى الدستور الجديد ما ورد فى المادة رقم 81 من المشروع حيث نصت على أن " الحقوق والحريات اللصيقة بشخص المواطن لا تقبل تعطيلا ولا انتقاصا ، ولا يجوز لأى قانون ينظم ممارسة الحقوق والحريات أن يقيدها بما يمس أصلها وجوهرها ، وتمارس الحقوق والحريات بما لا يتعارض مع المبادئ الواردة فى باب الدولة والمجتمع بهذا الدستور "

بإيجاز أقول هذه دستور ينتصر لحقوق الإنسان المصرى وحرياته ، ويتوسع فى تقرير الحقوق والحريات التى يكفلها هذا الدستور ، ويضع لها ضمانات دستورية لحمايتها وضمان عدم المساس بها أو تعطيلها او الإنتقاص منها وغل يد التشريع أن تفعل ذلك .

مواد مشروع الدستور أسقطت دعاوى الزيف والتضليل التى مارستها بعض الأقلام والأبواق طوال الفترة الماضية وهى تكيل بالكذب والبهتان وتدعى ان الدستور الجديد يكمم الأفواه ويكبت الحريات ويصادر الحقوق ويعود بمصر الى ما قبل لبثورة بمراحل ، وأغلب الظن انهم اطلعوا على مواد الدستور وعرفوا ما فيه ، لكنهم يكتمون الحق وهو يعلمون ، وليس هذا بمستبعد فلقد سبق لبعض طوائف البشر أن عرفت الحق فى كتاب الله تعالى القرآن الكريم ومع هذا كانوا يكتمون الحق وينكرونه وهم يعلمون ، استغربت كثيرا من تصريحات الدكتور البرادعى وهو يقول ان الدكتور مرسى يطرح للإستفتاء دستورا يعصف بحقوق المصريين وحرياتهم ، وبضيف : يوم بائس وحزين وكأن ثورة لم تقم وكأن نظاما لم يسقط ، الحق سينتصر " وليس فى كلام الدكتور البرادعى قول صحيح الا ما ورد فى الختام ان الحق سينتصر ، وأضيف وان الكذب والبهتان والتضليل الى زوال وسينكشف أمره ويعلمه الشعب المصرى والرأى العام العالمى وعسى أن يكون قريبا .
النائب السايق / أســامة جـادو
المحامى بالنقض والدستورية العليـــا