لا يبدي الفلسطينيون اهتماما بالانتخابات الإسرائيلية التي تجري غدا، ويرجع عدم الاهتمام لغياب الفروق بين الأحزاب فيما يتعلق بملفات القضية الفلسطينية من ناحية، و يرجع إلى تجارب الفلسطينيين التاريخية مع الأحزاب اليمينية، والصهيونية القومية، التي تولت حكم دولة الاحتلال من النشأة في عام النكبة، من ناحية آخرى.
جلّ المصادر التاريخية تحكي قصصا متعدة حول دور الأحزاب الصهيونية القومية في العدوان على الفلسطينيين، والتنكر لحقوقهم ، مع توسع مفرط فيعمليات الاستيطان ، وتهويد القدس. وفي الوقت نفسه تحكي قصصا مماثلة ومنافسة في المجالات نفسها قام بها اليمين المتطرف بقيادة نيتنياهو. ومن ثمة وصل الفكر العربي والفلسطيني أن ما يجري في دولة الاحتلال من منافسة تتعلق بالملفات الفلسطينية هي بين ( السيء والأسوأ؟!)
إن جلّ التحليلات السياسية التي تتناول برامج الانتخابات التي ستجري غدا، تجمع على أنه لا فروق بين الأحزاب في البرامج فيما يتعلق بالملفات الفلسطينية، وتكاد تنحصر الفروق في طرق الأداء والإدارة وفي اللغة الدبلوماسية، ليس إلا.
إنه في ضوء التاريخ، وفي ضوء الواقع، لم يعد المواطن الفلسطيني يهتم بمخرجات الانتخابات في دولة الكيان، فكل الأحزاب تؤيد ضم القدس، وتؤيد الاستيطان في القدس وغلاف القدس، وتكاد تؤمن جميعا بالفصل بين الضفة وغزة، ولا تريد أن ترى الجغرافيا الفلسطينية وحدة واحدة، رغم الإشارة التي تقرر ذلك في اتفاق أوسلو.
لقد كرر نيتنياهو قوله إنه لن يجري انسحابا آخر في الضفة، ولن يسمح بقيام دولة فلسطينية في عهده. وبالتالي هو يعلن عن نهاية تعيسة لمفاوضات عباس ذات الأعوام العشرين. ولقد قال هورتسوك إن الحديث عن مفاوضات حول القدس هو هلوسة فلسطينية وعربية. وقال إن البناء في مستوطنات غلاف القدس سيتواصل.
لقد تراجع الملف الفلسطيني في برامج الانتخابات الحالية، والسبب يرجع إلى طول سنوات التفاوض الفاشلة بقيادة محمود عباس وفتح، والي عدوان الأجهزة الأمنية في الضفة على ورقة المقاومة ، كما يرجع إلى ضعف الأداء العربي في الملف الفلسطيني وحصاره لغزة ْو لمقاومتها.
حين نظرت في برامج الأحزاب وجدت أن ملف العلاقات مع أميركا يتقدم على الملف الفلسطيني، وو جدت أن ملف الاتفاق الدولي مع إيران يتقدم أيضا على الملف الفلسطيني، وربما تراجعت مقاعد الليكود حسب استطلاعات الرأي الأخيرة بسبب موقف نيتنياهو من هذين الملفين.
ولا أحسب أن انفراجة قريبة ستحصل في المفاوضات مع عباس، كما لا أحسب أنه ثمة انفراجة أخرى ستحصل في ملف حصار غزة وإعادة الإعمار، رغم التحليلات العبرية التي تتحدث بإيجابية وتفاؤل في الملفين لأغراض انتخابية والحصول على بعض الأصوات العربية.
لكل ما تقدم لا تظفر الانتخابات الحالية باهتمام الفلسطيني، ولا يكاد يتابعها إلا نخبة قليلة من المثقفين.