Menu
12:19محكمة الاحتلال ترفض الإفراج عن الأخرس
12:13المالكي : دعوة الرئيس بمثابة المحاولة الاخيرة لإثبات التزامنا بالسلام
12:10الاردن يعيد فتح المعابر مع فلسطين بعد اغلاق استمر لأشهر
12:07الخارطة الوبائية لـ"كورونا" بالقطاع
12:05"إسرائيل": التطبيع مع السودان ضربة لحماس وايران
12:02"اسرائيل " علينا الاستعداد لما بعد ترامب
12:01الاحتلال يقتحم البيرة ويخطر بإخلاء مقر مركزية الإسعاف والطوارئ
11:59"الاقتصاد" بغزة تجتمع بأصحاب شركات مستوردي فرش الغاز
11:51«الديمقراطية»: سيقف قادة الاحتلال خلف قضبان العدالة الدولية
11:51الوعى الاستثنائى فى فكر  د.فتحى الشقاقى
11:47قيادي بحماس يتحدث عن "أهمية رسالة السنوار لرموز المجتمع"
11:45مستوطنون يقتحمون قبر يوسف بنابلس
11:40مقتل سيدة ورجل بالرصاص في باقة الغربية واللد
11:28الإمارات تسرق "خمر الجولان" السوري وتنصر "إسرائيل" ضد BDS
11:26صحيفة: تفاهمات بين القاهرة وحماس حول آلية جديدة لعمل معبر رفح

عُمان وحب الحكمة في الخامس من تشرين الثاني وغيره..تحسين يقين

حين تصبح الأحداث الوطنية أحداثا شخصية، تتحقق سعادة الإنسان والوطن، ومنذ عهود والبشرية بنظمها السياسية تطمح إلى إنجاز هذا التوازن.
في سلطنة عمان يتحقق ذلك، الوطن يفرح بمواطنيه، والمواطنون يفرحون به وله وفيه.
عرفت عمان اسم دولة عربية في كتاب الجغرافيا وأنا طفل صغير، وصرت دوما أميزها بضم العين، ثم عرفتها من خلال أمير البحار أحمد بن ماجد، من خلال مسلسل تلفزيوني، ما زلت أتذكر مكانه ظهر سفينة يموج من تحتها البحر، فأشعر كما لو كنت بينهم فأخاف من صوت الخشب. وعرفتها أكثر من خلال ما تعلمناه عنها فيما بعد في صفوف لاحقة، فتعلقت بالجبل الأخضر أكثر. وحين قرأت عن إمبراطورية عمان وزنجبار القديمة وأسطولها البحري الأعظم، شعرت أن بلادنا عظيمة وعريقة.
تعرفت عليها بصريا أكثر من خلال برامج التبادل الإعلامي بين تلفزيون السلطنة مع التلفزيون الأردني، فصارت السلطة ملموسة لنا، رأينا العمانيين وعمان، البلد وما فيه والعمانيين، وكان الحديث كما أذكر عن التنمية والعلاقات بين البلدين الشقيقين.
كان من الطبيعي أن أتعرف على العمانيين خارج فلسطين، كان ذلك خلال دراستي في مصر، هناك التقيت شبابا عمانيين ملتزمين مرحين وجادين، تبادلنا الزيارات ونشأت صحبة طيبة، سررت حديثا باستئناف العلاقة من خلال الفيسبوك مع أحد هؤلاء الأصدقاء.
رحت أكون بنفسي انطباعاتي عن هذا البلد وشعبه، فاكتشفت كم ينقصنا من تواصل قومي، خصوصا لنا نحن الفلسطينيين داخل الوطن.
في بداية الثلاثينات، نبدأ بالنضوج الفكري والسياسي، لذلك لفت نظري استقرار سلطنة عمان وتطورها، وأنها دولة تعيش بدون نزاعات وصراعات، لا في داخلها ولا في خارجها، فأعجبني نظام الحكم الذي يحقق هذا الاستقرار. وفي جلسة سياسية لتقييم حال الدول العربية قبل عقد من السنوات، أشاد الأصحاب باستقرار سلطنة عمان، بل راحوا يتعجبون من إنجازاتها في علاقاتها الدولية.
حتى التقيت قبل بضع سنوات صديق عماني، كاتب وصحفي هو حمود الطوقي، والذي جمعتنا صحبة ثلاثة أسابيع لم ندر أنها ستمتد سنوات. كنا نصف بعضنا بأصحاب جدد، وأصحاب قدامى، وكنا نكرر بيتا من الشعر، أحدنا يبدأ بالصدر والآخر يكمل العجز:
لا خير في ود امرئ متقلب  إذا الريح مالت مال حيث تميل
 
وحين ودعته في الولايات المتحدة ابتسم في حزن، فقلت له، سنلتقي في فلسطين!
بعد بضع سنوات رنّ علي حمود قائل: سآتي إلى فلسطين ضمن وفد إعلامي عماني، فقلت له ألم أقل لك سنلتقي في فلسطين!
ومن خلاله تعرفت على كوكبة من الزملاء الإعلاميين، وصرت متواصلا بشكل دائم مع صديق جديد-قديم ووفي هو الكاتب عاصم الشيدي.
إنه تاريخ شخصي وقومي لكل منا تجاه ما يعرف من بلاد، وما يكون من أفكار موضوعية، وما يتعلم وما يستخلص من عبر.
بوصولي الأخ الشيدي وكلماته المنشورة في مقال غني عن فلسفة الحكم والعلاقة بين الحاكم والمحكوم، أستأنف ما وددت الكتابة عنه، عن عمان والعمانيين، في ذكرى العيد الوطني العماني ال 44 في 18 تشرين الثاني.
ولعلي أقتبس من مقالة الزميل عاصم من مقاله المعنونة "الشعوب عندما تلتقي بأحلامها وجهاً لوجه يوم تنفست عُمان الصعداء واحتضنت بشارة السماء"  قوله "يمر المشهد العربي بحالة يرثى لها، وعواصمه ومدنه العريقة تسقط الواحدة تلوى الأخرى في براثن الجهل والتعصب والتمذهب وتسيطر عليه جماعات الفتنة والإرهاب". وجاء مقال الشيدي في سياق الحديث عن أخبار سارة عن صحة جلالة السلطان قابوس بن سعيد الذي تلقى العلاج في الخارج، وأثر ذلك على الشعب العماني الشقيق.
تساءل عاصم "لماذا يقدم العمانيون صورة مختلفة عن صور العلاقة «العربية» بين القائد والشعب، بين الزعيم وبين جموع الجماهير.." مشيرا لذكرى الثالث والعشرين من يوليو التي يستعيد فيها العمانيون سنوياً لحظة انطلاق مسيرة البناء الحديثة.
يفسّر الكاتب هذه المشاعر الفردية والجماعية تجاه القيادة والحكم، حيث يقدر العمانيون "الذين عايشوا مرحلة ما قبل السبعين" ما تم إنجازه من وحدة وبناء مع استلام السلطان مقاليد الحكم بدعم شعبي مستمر ومتعاظم. ويقدرونها على ضوء ما كان من قبل "المرحلة القاسية في تاريخ عمان الطويل" وعلى ضوء ما "يقرؤون ما يحدث في المشهد العربي والعالمي واقعهم الداخلي المقارن.
ولعلي أقف عند ما وقف عنده الكاتب و"امتدت قافلة البناء، ووضع الجميع أيديهم في أيدي القائد" فهذه من ميزات الحكم، أن يكون الحاكم قريبا من الناس. ولعلنا ننتبه إلى الازدهار الذي تحقق من خلال هذا الوفاق و"الوفق فيه الرزق".
المهم هو رأي الشعوب، وهو يتكون من المعايشة اليومية لا من وسائل الإعلام، "ذهب القائد/الحلم إلى القرى والبوادي، وإلى الساحل والجبل، خرج من حياة القصور إلى البراري وحياة الخيام من أجل أن يعرف كل ما يدور في الوطن ويحضر لحظة تجلي حلمه.."، هذا ما قيل لي قبل 24 عاما، من الطلبة، والذين حدثوني عن زيارة السلطان، وكيف كان يكون يظهر كواحد منهم، بدون مبالغة في الموكب والأمن.
كلما قرأت شيئا عن إنجاز سلطنة عمان أتذكر تعريف الفلسفة بأنه حب الحكمة، وأتذكر أمير البحار العالمي أحمد بن ماجد.
"حب الحكمة" هو العقلانية التي تحلى بها الحكم العماني في العلاقات العربية والدولية، والتي أرسى قواعدها السلطان قابوس بن سعيد، ولعل نتيجة التفكير هي ما نشهده من توازن عبقري بعيدا عن الانفعال والنزق؛ فعلاقات عمان تؤكد ذلك، وما احتضان المباحثات الأمريكية-الإيرانية إلا دليل من عدة شواهد على هذه العقلانية، والتي من خلالها لا تكون عمان مكانا فقط للقاء، بل زمان مؤثرا باتجاه السلم الدولي، وهي المعروفة بعلاقاتها الطيبة مع القريب والبعيد.
 
حين قرأت عن إمبراطورية عمان القديمة، تساءلت عن تاريخ الحضارات، وهل يمكن أن يكون لنا دور معاصر؟
لعلنا نحاول ذلك، بالكثير من العقلانية.
حب الحكمة كان بتجنيب السلطنة أية آثار للنزاعات المستمرة في الإقليم والعالم، لتكون دولة تحتذى في بناء علاقات صداقة مع دول العالم.
أما تذكري لأحمد بن ماجد، فلا يبعد كثيرا عن الموضوع ولا عن حب الحكمة.
يعرّف "ابن ماجد" بأنه أحد عباقرة الحضـــارة العربية الإسلامية، فهو "شهاب الدين احمد بن ماجـــد محمد السعدي الجدي" الملقب ب"أسد البحار" ، من أهل نجد، وينتسب إلى عائلة من الملاحين كان أبوه وجده ملاحين مشهورين، ويقول عن جده: إنه كان نادرة في ذلك البـحر (المحيط الهندي) واستفاد منه والدي، في معرفة القياسات، وأسماء الأماكن، وصفات البحر والبحار.
وهو" من كبار ربانية العرب في البحر الأحمر وخليج اليرير والمحيط الهندي وبحر الصين. ومن علماء فن الملاحة وتاريخه عند العرب، وهو الربان الذي أرشد قائد الأسطول البرتغالي "فاسكو دا جاما" في رحلته من "مالندي" على ساحل أفريقيا الشرقية إلى كالكتا في الهند سنة 1498م؛ فهو أحرى بلقب مكتشف طريق الهند.  ويشير إلى ذلك المستشرقون الغربيون من أمثال "جابريل فران" و"تيودور"، و"مسكي" و"كراتشومسكي"، وكتب المستشرق البرتغالي "كتانهيدا" يصف إرشاد ابن ماجد لفاسكو دا جاما إلى مالندي على الساحل الشرقي من أفريقيا شمال مدغشقر 1498 م وصعد إلى سفينته العماني أحمد بن ماجد وابحر معه ليدله على طريق الهند، فهو بحار العرب الأول وربان سفينة فاسكو دا جاما".(موسوعة الويكيديا)
 
بحار العرب الأول وربان سفينة فاسكو دا جاما!
هل من عظة من التاريخ؟
لعلي أقرأها في أهمية العلم كقيمة، وأهمية إفادة العالم به وعدم حجبه. وأن هناك علاقة بين أحمد بن ماجد كدليل يوصل مرتادو البحر إلى برّ السلام، وبين دور سلطنة عمان في إيصال المتنازعين إلى حلول سلام.
دور إيجابي ملتزم تجاه القضايا العربية والدولية، هو ما سلكت عليه السلطنة من تقليد طيب، يفيدها ويفيد الآخرين.
أما بالنسبة لالتزام السلطنة تجاه فلسطين، فلا ترغب السلطنة ولا السلطان بالحديث عنه، لأنه واجب كما قال الزملاء الإعلاميون العمانيون لي، فلا ضرورة لإظهار ذلك إعلاميا، المهم فائدة الشعب الفلسطيني. إنجازات عمانية كبيرة بأخبار صغيرة، ذكرتني –مع الاحترام- بمساعدات قليلة تم تقديمها لشعبنا، لكن واكبتها تقارير إخبارية كبيرة!
يقول صديقي عاصم الشيدي في مقاله: أنه مع اقتراب العيد الوطني الذي تتحول فيه عمان منذ 44 سنة إلى شعلة فرح واحتفال، ولم يسبق أن حضرت ذكرى 18 نوفمبر وكان جلالته خارج البلاد"، أما نحن فنقول: تعلمنا من حبكم لبعضكم بعضا الكثير عسى أن نمارسه هنا وفي كلا بلادنا العربية العزيزة على قلوبنا، ونتمنى أن يعود السلطان بخير وعافية، ليكون فرحكم أبهى وأجمل، لكم الحب والاحترام.