لا خيار لشعبنا الفلسطيني إلا المصالحة وإنهاء الانقسام. وليكن عام 2014 عاماً لطي صفحة الماضي وترتيب البيت الفلسطيني على قاعدة أن الوطن يجمعنا، ويتسع لنا ويحتاج لأطيافنا المختلفة وتوجهاتنا المتنوعة، مهما كانت ما دامت فلسطينية، ولنعمل من أجل فلسطين شعباً وقضية.
ولكي نُنجح هذه الخطوة البناءة والتي حملت إشاراتٍ إيجابيةٍ متعددة كالتركيز على التنفيذ لا الحوار، وكاختيار مكان اللقاء "قطاع غزة" كجزءٍ من أرض الوطن، وقدوم القيادي موسى أبو مرزوق ليشارك بنفسه في الترتيبات ووضع اللمسات الأخيرة، مع دخول الفصائل مجتمعةً للمطبخ التنفيذي إلا أنها لا تمنع الحذر من المبالغة في رفع التوقعات لتدخل عالم الأمنيات أكثر منها عالم الوقائع، فتعقيدات الأرض وتراكمات السنوات السبع قد تكون أعقد من إنهائها دفعةً واحدة أو تجاوزها جميعاً، فعلينا ألا نستعجل النتائج، ونصبر على بعضنا بعضاً، ونتخذ طريقة المتواليات في البناء فخطوة تدفع خطوة، ونجاح يتبعه نجاح، ولنبدأ بالأسهل فالأصعب.
لا شك أن الانقسام راكم واقعاً معقداً ومتفجراً، إلا أن الإرادة والتأني والحكمة والموعظة الحسنة، مع حسن النية والثقة المتبادلة ستُعالج هذا الواقع وتستثمره في المدى البعيد بشكلٍ يخدم مشروعنا وقضيتنا، وأرجو ألا يظن ظان أن يستيقظ غداً فيرى مشهداً مختلفاً، إلا أننا قد نشهد خطواتٍ إيجابيةٍ تتقدم يوماً من وراء يوم.
ولنجاح المصالحة بشكل عملي وواقعي نحتاج لخطواتٍ تفصيليةٍ صغيرةٍ وبشكل سريع ومباغت، لتعزيز الثقة وتغيير الشكل العام كمقدمةٍ للبدء بتغيير المضامين، كالسماح الفوري لتوزيع الصحف والمجلات والمطبوعات في الضفة وغزة بشكل متوازٍ ومتزامن.
ويحبذ أيضاً أن يسارع الإعلام الفلسطيني بأخذ دوره التصالحي فيبث قيم التسامح والعفو والتعاضد وليركز على القضايا الفلسطينية الجامعة، ومطلوب من إعلام المنظمة إبراز قيادت حماس والجهاد الإسلامي ليخاطبوا الجمهور الفتحاوي، كما نحتاج لأن يطل الرئيس والقيادات الفتحاوية عبر الإعلام المقاوم كفضائية الأقصى والأقصى مباشر، هذه الخطوات السلسة السهلة على بساطتها وإمكانية تنفيذها لها مفعول السحر في تسريع خطوات إتمام المصالحة وعودة اللُحمة.
وليتضاعف النجاح ويتعزز الفعل الإيجابي، على الأطراف إدراك خطورة الوضع الراهن، ومدى عمق أزمة المستقبل الفلسطيني أمام تسونامي التغيير في المنطقة، ولهذا فتداعيات الفشل خطيرة وكارثية على القضية الفلسطينية، فنحن الآن في سفينةٍ واحدة إما أن ننجو أو نهلك.
حركة حماس مدركة لهذا الموقف جيداً لهذه قدَّمت وستقدم تنازلاتٍ كبيرةٍ جداً لصالح المصالحة، وحذارِ من أن تُفهم هذه التنازلات بشكلٍ خاطئ، أو أن تفسر على أنها مبادراتُ ضعف، أو تستغل لمحاولة إخراج الحركة من المشهد السياسي، فحركة حماس تعيش اليوم أزهى عصورها وأقوى فتراتها، وهذا ليس كلاماً انشائياً وإنما حقيقة يدركها كل متفحص للواقع الفلسطيني.
فحماس تريد تعزيز الموقف السياسي الفلسطيني، ومنح الرئيس عباس مخرجاً مشرفاً في نهاية حياته السياسية، كما أنها تعمل على إنجاح ترتيب المشروع الوطني الفلسطيني لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ولتعزيز مواجهة التحديات الإسرائيلية الخطيرة.