عشق فلسطين الأرض والوطن والإنسان والثورة، ورسمها صورا ورسائل صحفية عبر فيها بصدق وإخلاص عن حبه ووده لفلسطين التاريخ والجغرافيا.
لقد كان فارس الصورة وأسدها الصحفي الشهيد فضل شناعة ( رحمه الله ) على خط الدفاع وخطوط المواجهة يرصد بكاميرته الجرائم(الإسرائيلية) والاجتياحات المتكررة للمدن والقرى الفلسطينية في قطاع غزة، ويصور الانتهاكات والاعتداءات الصهيونية بحق شعبنا الفلسطيني، لم يكن يعرف جفنه النوم ما أن يسمع صوتا لصاروخ أو قصفا لموقع هنا أو هناك تجده على الفور في المكان يجول في كاميرته ليصوّر فظاعة الجرائم الصهيونية بحق شعبنا الفلسطيني .
ست سنوات مرت على استشهاد فارس الصورة الصحفي الهمام فضل شناعة، فقد تعرض الصحفي شناعة لأكثر من مرة لاستهداف من قبل العدو الإسرائيلي، إلا أنه واصل المهمة ولم يأبه بالإصابة أو جراحه، وواصل المسيرة وواصل أداء الرسالة وصدح بصوته عاليا معلنا مواصلة نقل الحقيقة .. مازالت كلمات الشهيد شناعة ومواقفه وابتسامته وحيويته حاضرة بين الزملاء الصحفيين .. لقد كان الشهيد شناعة محبوبا ومخلصا في عمله، ومثل خبر استشهاده- وهو يعمل على توثيق الاجتياح الإسرائيلي لمنطقة جحر الديك وسط قطاع غزة في السادس عشر من ابريل عام 2008م - صدمة للجميع وصعقة لهم.. بكاه الجميع من الصحفيين وبكاه المواطنون الذين فقدوه، حيث عبر عن المواطن الفقير والمجروح من خلال عمله وعبر عن آمال الشباب والشيوخ وحتى الأطفال كان يلتقط لهم الصور الصحفية لينشرها عبر العالم لتعبر عن معاناتهم وحياتهم الصعبة في غزة.
تأتي الذكرى السنوية لاستشهاد الزميل الصحفي شناعة والهموم تلف الجسم الصحفي الفلسطيني وهو يبحث عن نفسه وسط أكوام الهموم والمتاعب، ويبحث عن أوراقه الضائعة، ويبحث عن النقابة الفعالة التي تعبر عن طموحاته وتطلعاته نحو السمو بالصحفي الفلسطيني والارتقاء به نحو الأفضل، هذا الصحفي الذي يحصد سنويا العشرات من الجوائز العربية والدولية والعالمية..
الهموم كثيرة في قلب الصحفي الفلسطيني ولا وقت عنده كي يتحدث عنها، فهو يتفرغ لنقل آلام ومعاناة أبناء شعبه ويتفرغ لنقل صور الجرائم الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني الصامد، يتفرغ الصحفي الفلسطيني لنقل جرائم العدو بحق الأرض الفلسطينية، وجرائم العدو بحق الإنسان الفلسطيني والأسير واللاجئ والتراث والتاريخ الفلسطيني.
الذكرى السنوية لاستشهاد فارس الصورة فضل شناعة يجب أن توحدنا جميعا خلف نقابة فعالة تحمل همّ الصحفي الفلسطيني ورسالته السامية .. نقابة ترسم الآمال من أجل الارتقاء بالصحفي الفلسطيني الذي يتعرض يوميا للاعتداء عليها من قبل العدو الإسرائيلي ويتعرض للقهر والسجن، وترصد لنا إحصائيات العام الماضي تسجيل عشرات الانتهاكات بحق الصحفي الفلسطيني من قبل الاحتلال الإسرائيلي والأجهزة الأمنية للسلطة، حيث رصد تقرير صدر عن المكتب الإعلامي الحكومي بغزة (232) انتهاكاً إسرائيليا بحق الصحفيين خلال عام 2013، تمثلت بالاعتداء الجسدي والاستهداف بالرصاص المعدني وقنابل الغاز السام، والاعتقال، والاحتجاز، وتمديد أحكام إدارية وغيره...
كما شملت الاعتداءات أيضاً منع وعرقلة عدد من الصحفيين والإعلاميين سواء من السفر للعلاج أو المنع من تغطيتهم لقضايا الاستيطان، والمسيرات المناهضة للجدار ولفعاليات نصرة المسجد الأقصى، والتضامن الشعبي مع الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام منذ أشهر، كما تم اعتقال عدد من الصحفيين، حيث رصد التقرير أكثر من( 87) حالة اعتقال واحتجاز بينهم صحفية واحدة، ولا يزال هناك 14 صحفياً على الأقل يخضعون للاعتقال في السجون الصهيونية، كما استمر الاحتلال خلال عام 2013م في استخدام شكل من أشكال الاعتقال التعسفي غير المبني على تهمة واضحة ومحددة ألا وهو تحويل (14) صحفياً وإعلامياً إلى الاعتقال الإداري وتثبيت الحكم عليهم، واعتداءات واقتحامات، كما أصيب (121) صحفياً ومصوراً بإصابات مباشرة وغير مباشرة من الضفة والقدس المحتلتين بينهم (3) صحفيين من قطاع غزة و(3) صحفيات في الضفة والقدس و مدينة حيفا المحتلة، كما تم استهداف الصحفيين بالرصاص المعدني وقنابل الغاز السام والضرب بالهراوات واستخدام الألفاظ السيئة والسب والشتم، والتهديد بالقتل بشكل مباشر أبو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كما اقتحمت قوات الاحتلال منازل الصحفيين ومكاتبهم وسط مداهمة وتفتيش وتحطيم معدات العمل الصحفية كالكاميرات وأجهزة الحواسيب، والجوالات وغيرها ..
في ذكرى فارس الصورة الشهيد فضل شناعة نطير أسمى التحايا لروحه ودمائه الطاهرة الزكية، ونبرق بالتحية لكافة أرواح شهداء الصحافة الفلسطينية، أشكر صحفيي فلسطين على دورهم الكبير في فضح جرائم العدو الصهيوني بحق أبناء شعبنا الفلسطيني .. لن تسقط الكلمة ولن تسقط الكاميرا وسيبقى القلم يكتب لفلسطين بالدم .. رحم الله الشهيد الصحفي فضل شناعة وأسكنه فسيح جناته.