أرض كنعان_فلسطين المحتلة/ اعتدنا طوال السنوات الأخيرة على هدايا عيد الأم التقليدية التي لا تخرج غالباً عن عطور وتحف وما يلزم الأم من مستلزمات، إلا أن عام 2002 كان حمل شكلا غير تقليدي للهدية.
قبلَ 12 عاماً وفي مثل هذا اليوم قرر الأسير عنان زاهي الشلبي على أن تكون هديةَ عيد الأم لهذه المَرة مختَلفة جداً عن سابِقاتها ! جهز نفسه وأعد وصيته لعملٍ كانَ من المتوَقع أن يكونَ الأخير في حياته.
ففي فجر يوم الخَميس الموافق 21-3-2002 صلّى " عنان " آخر صلاةٍ على أرض مخيم عسكر الجديد شرق مدينة نابلس، وكان عمره في حينه 19 عاماً، لينطَلق اتجاهَ هدفه العسكريّ بعدما كانَ قد كتبَ وصيته و تّلاها في تسجيلٍ مُصور معلناً نيته تنفذَ عملية استشهادية.
وذكر في وصيته أن هذه العملية إهداءُ لِأمه و لِأمهات الشهداء و الأسرى ! ولكن هدية أمه تحولت إلى معاناة يعيشها كل لحظة في حياته، حيث زج جسده بين جدران السجون الصهيونية ويحكم عليه بالمؤبد مدى الحياة.
الأسير عنان عمره (30 عاماً) و يدخل عامه اليوم الجمعة 13عاماً في الأسر تمضي السنين و الأيام و تمر صفقةٌ تتلوها صفقة ! و أمه تبحث بينَ حواشي الصفقات على اسمِ ابنها.
أم الأسير عنان الشلبي- في الستينات من العمر-، لا تزال تسعى لأن تحتضن نجلها عنان ولو لدقائق في أي زيارة له والدمع يزرف من عينيها، وهي ترى ابنها الذي أراد أن يعبر لأمه عن مدى حبه لها ولفلسطين التي زرعتها فيه منذ كانَ في أحشائها.
تحولت الهدية إلى تعب وشقاء له ولامه وهو يراها تتردد من سجن لآخر تريد زيارته وقد ألمها التعب والمرض.
كان عنان خجول من أمه وهو يراها تتعذب في زيارتها له، حيث أرسل لها اكثر من مرة رسالة يقول لها " لا تيجي ع الزيارة بكفي تتعبي حالك ", و تارةً يُرسلُ إليها " حرموني زيارات لمدة شهرين ، لا تيجي ع الزيارة ريحي حالك هالشهرين " !
ولم تبالي أم عنان ما يرسله لها ابنها فتقولُ في نَفسها " هو يَكذبُ لراحتي " فتمضي رغم رسائله المتكرر أنّ لا تأتي لِتعلنَ لَه مراتٍ ومرات وفي كل زيارةٍ له " راحتي بشوفتك يما " !
خجولٌ هوّ للحظة من دَمعِ أمه ... أرسلَ لها رسمةَ عينٍ دامعة وكأنه يقول " أنا لا أبكي سِجنٍ قد دَخلته ولكنّي أبكي على قلبِ أمي الذي جرحته".
يذكر أن الأسير الشلبي اعتقل بتاريخ 21-3-2002، وحكم بالسجن المؤبد مدى الحياة لنشاطه في كتائب شهداء الأقصى وكان أيضاً ملتحق بجامعة القدس المفتوحة "سنة أولى".