Menu
07:25أسعار صرف العملات في فلسطين
07:14الرئيس عباس يعلق على الزلزال بمدينة إزمير التركية.. ماذا قال؟
07:13طقس فلسطين: إنخفاضات متتالية على درجات الحرارة
21:22تفاصيل جديدة عن منفّذ هجوم نيس بفرنسا
21:20الأوقاف بغزة تغلق مسجدين في محافظتي غزة ورفح
21:19حماس تُعلن تضامنها مع تركيا بعد الزلزال الذي تعرضت له مدينة "إزمير"
18:37وفاة شاب غرقًا في خانيونس
18:26حشد تطالب شركة جوال بتخفيض أسعار الخدمات للمشتركين
18:11زلزال قوي يضرب ولاية إزمير التركية
18:10الحركة الإسلامية بالقدس تدعو لإحياء الفجر العظيم ورفض أوامر الهدم
18:07اشتية: على أوروبا ملء الفراغ الذي تركته أميركا بتحيزها لإسرائيل
18:00بالصور: حماس تدعو للانضمام إلى حملة مقاطعة البضائع الفرنسية
17:58خلافات لبنانية إسرائيلية بشأن ترسيم الحدود البحرية
17:57لا إصابات في صفوف الجالية الفلسطينية بتركيا جراء زلزال إزمير
17:55إصابة شاب بالرصاص المعدني والعشرات بالاختناق في مسيرة كفر قدوم الأسبوعية

ناجي شراب يكتب : التنازلات "المعقولة"

يبدو أن الوحيد المتفائل في إمكانية الوصول إلى إنجاز تفاوضي أو إلى تسوية سياسية خلال تسعة شهور هو وزير الخارجية الأمريكية جون كيري، وقد يكون لهذا التفاؤل مبرراته التي قد يحتفظ بها، لكن من منظور تفاوضي له سبب أو أكثر، وهو معرفة مسبقة باستعداد كل طرف لتقديم تنازلات وصفها بالمعقولة، وإدراك أن الولايات المتحدة قد تؤدي دوراً أكبر، لكن السبب الأكثر قبولاً هو أن البيئة التفاوضية العربية والفلسطينية أكثر نضجاً للوصول إلى اتفاق تفاوضي.
وهنا يقفز إلى الذهن أكثر من تساؤل: ما المقصود بالتنازلات المعقولة؟ وما التنازلات التي يمكن أن يقدمها الطرفان الفلسطيني و"الإسرائيلي"؟ وما القضايا التي يمكن أن تتم فيها التنازلات المعقولة؟ وما مدى وحدود أي تنازل لكل طرف؟ والإجابة عن هذه التساؤلات تحتاج إلى وقفة تحليلية موضوعية، وتحتاج إلى صراحة في الموقف التفاوضي، لكل طرف.
وكما هو معروف في الأدبيات أن المفاوضات هي فن إدارة التنازلات، وهو ما يعني أنه لا توجد مفاوضات بدون تنازلات، لكن حدود هذه التنازلات تتوقف على قوة كل طرف، وما يملك من أوراق، وفي طبيعة التنازلات هل هي شكلية إجرائية لا تمس جوهر عنصري الأمن والبقاء لكل طرف، أم أن التنازلات تتعلق بقضايا جوهرية وقد تشكل مساساً بعنصري الأمن والبقاء.
قد يختلف مفهوم التنازلات من طرف لآخر، فوزير الخارجية الأمريكية يسميها التنازلات المعقولة. وتعرف المفاوضات أيضا بإمكانية التوصل لحلول وسط، وهو ما يعني أيضاً أن أي طرف لن يحصل على ما يريد بشكل كامل ومطلق، وإلا تحولت المفاوضات إلى استسلام وهزيمة كاملة وهذه لا تحدث إلا في أعقاب الحروب وهزيمة طرف بالكامل. ما أثر هذه التعريفات والمفاهيم في الواقع التفاوضي القائم.
بداية أشير إلى أكثر من ملاحظة: الأولى وهي أن ضعف الموقف الفلسطيني لا يعني بالضرورة تقديم تنازلات، بالعكس، عامل الضعف قد يصبح ورقة قوة يمكن أن توظف جيداً. والملاحظة الثانية أن المفاوضات التي تتم ليست مفاوضات حرب، أي أننا نستبعد مفاوضات بهزيمة كاملة، الموقف التفاوضي الفلسطيني ليس ضعيفاً إلى درجة التنازل، بل إن المفاوضات وإن بدت أنها تتم في بيئة تفاوضية لا تعمل لمصلحة الفلسطينيين، فإن كثيراً من المعطيات التفاوضية تعمل لمصلحتهم، ومنها الواقع السكاني، والتحولات العربية والإقليمية، والتحولات في موازين القوى دولياً، وقد أذهب للقول إن فشل المفاوضات قد لا يصب في مصلحة "إسرائيل"، ف"إسرائيل" كدولة وليس كحكومة تعاني تراجعاً في صورتها دولياً، ولا توجد ضمانات لاستمرار تحالفاتها الدولية وخصوصاً مع الولايات المتحدة على حالها، ولا أقصد بذلك تفكك التحالف الأمريكي "الإسرائيلي" بل أقصد التحول في مكانة الولايات المتحدة كقوة عالمية أحادية. إذاً، توجد حاجة مشتركة للتفاوض والتسوية تخوفاً من بدائل الفشل التي لا تعمل لمصلحة الطرفين، وهذا ما قد يفسر لنا الموافقة على استئناف المفاوضات، وفي هذه الدائرة يسجل نجاح وزير الخارجية الأمريكي، وحتى تنجح المفاوضات تحتاج إلى تنازلات، وهنا العمل الشاق والضغوط التي قد تبذل على كل طرف، وحدود ما يمكن أن يقدمه من تنازل.
والتنازل لن يكون شكلياً وإجرائياً، بل هو تنازل جوهري وحقيقي ويتعلق بقضايا الصراع نفسها كاللاجئين والقدس تحديداً، وهاتان القضيتان جوهريتان لكل طرف وقد تمسان عنصري البقاء والأمن، "إسرائيل" تصر على الاعتراف بيهوديتها وهو ما يعني رفضاً مطلقاً لعودة اللاجئين، وإعادة تقسيم القدس، وفلسطينياً لا أحد يملك سلطة التصرف بحق العودة، والقدس، ولكن وفقا للميراث التفاوضي السابق، والموقف من المبادرة العربية، والقناعات والمدركات التفاوضية يمكن القول إنه توجد مدركات بصعوبة التسليم بالموقف المطلق، وهنا قد تبدو بعض المرونة التي يسميها جون كيري تقديم تنازلات معقولة، وقد تطفو مقترحات التوطين، والتعويض، والحلول الإقليمية وخصوصاً مع الأردن ومصر.
والمقترحات الدولية لإدارة القدس، وسيادة مفهوم السيادة الوظيفية بالنسبة للقدس. بعبارة أخرى إنه واستناداً لمواقف تفاوضية سابقة مع توفر القرار السياسي يمكن الوصول إلى حلول وسط بالنسبة لهذه القضايا الجوهرية، والذي قد يساعد على ذلك هو الاعتراف بالدولة الفلسطينية في إطار حدود عام 67، وفي اعتقادي أن المفاوضات قطعت شوطاً بعيداً في موضوع الدولة الفلسطينية والقبول بها "إسرائيلياً" في ظل ضمانات أمنية ليس صعباً الوصول إليها، والقبول بمبدأ مقايضة الأراضي لإدراك الجانب الفلسطيني باستحالة إزالة الكتل الاستيطانية الكبيرة في إطار هذا التصور التفاؤلي يمكن فهم التفاؤل الأمريكي. ويبقى القول إن هذه المفاوضات إذا لم تنجح فلن تتم مفاوضات في المستقبل القريب وهو ما يعني خلق واقع سياسيي جديد وخيارات جديدة قد تكون خارج سيطرة أي طرف.
* أستاذ العلوم السياسية - غزة