أرض كنعان - غزة - شكلت مسيرات العودة على الحدود مع قطاع غزة، صدمة وحالة ارباك للاحتلال الإسرائيلي، وبالرغم من كافة التهديدات والضغوط التي تمارس لإيقاف مسيرات العودة، إلا أن الشباب الفلسطينيين يصرون على الاستمرار في المطالبة بحقوهم دون الاكتراث لتلك التهديدات حتى يتم تلبية حقوقهم المشروعة التي تتمثل في الحفاظ على حق العودة ورفع الحصار كاملا.
ويحاول الاحتلال الإسرائيلي بشتى أساليبه التضييق على أهالي قطاع غزة، والتصدي لمسيرات العودة على كافة حدود قطاع غزة، في محاولة فاشلة منه لردعها عن تحقيق أهدافها.
مساعي لإجهاض المسيرات
ويرى الكاتب والمحلل السياسي حسام الدجني أن إسرائيل ليس أمامها سوى خيارين، وهو أن تمارس القتل والبطش والتغول ضد الشعب الفلسطيني، وتبقى بصورتها تلك أمام العالم خاصة في ظل زيادة زخم مسيرات العودة، أو القبول والبحث عن حلول لمشاكل الفلسطينيين في قطاع غزة المحاصر، وإعادة الاعتبار للمشروع السياسي وإنهاء حصار غزة وتوفير كافة متطلبات أهالي القطاع.
وفيما يتعلق بخشية إسرائيل من تأثير مسيرات العودة بغزة على الأوضاع بالضفة الغربية المحتلة، يقول الدجني في حديث للرأي:" غزة والضفة شعب واحد متماسك، والضفة ستتحرك، وفي حال تحرك شباب الضفة المحتلة فإن ذلك سيكون بداية لرفع الحصار عن غزة، وإنشاء مطار وميناء بغزة"، موضحا أن ما يحدث من مسيرات بغزة واحتجاجات بالضفة يحرج الرئيس محمود عباس الذي رفع شعار" لا لعسكرة الانتفاضة".
ونقلت صحيفة الخليج أون لاين أن مصر والسعودية تسعيان لإيقاف مسيرات العودة على حدود قطاع غزة، حتى لو كلف ذلك أن تقوم القاهرة بتقديم مبادرة لحركة حماس لفتح معبر رفح البري بشكل كامل للتخفيف من وطأة الحصار المفروض على سكان قطاع غزة.
وفي رده على ذلك، يؤكد الدجني أن الاحتلال الإسرائيلي تضرر كثيرا من مسيرات العودة على الحدود، وأنه يدفع بأصدقاء الشعب الفلسطيني لإنهاء تلك المعضلة، مشيرا إلى أن العنوان اليوم هم الشباب الثائر فهم يقودون المرحلة.
ووفق ما ذكره فإن المطلوب انهاء الحصار المفروض على غزة منذ أكثر من 11 عاما، وأن تتوسع غزة باتجاه حدودها وتحقيق مطالب الشعب المشروعة، والتي تتمثل في إقامة ميناء ومطار وتوفير كافة احتياجاته.
استنزاف للاحتلال
من جهته يرى المحلل السياسي مصطفى الصواف، أنه في حال استمرار مسيرات العودة على ما هو عليه، فإن الاحتلال سيواصل اعتداءاته على الفلسطينيين على الشريط الحدودي مع قطاع غزة، موضحا أن تصرف الاحتلال مرتبط بقدر ما بتحرك الجماهير في الداخل المحتل وأراضي الـ 48 وغزة.
ويقول الصواف:" الاحتلال يتصرف بشكل دموي وقاتل، وهو لا يفرق بين محاولة تعرضه للخطر الشديد، وبين أن يواجه مجتمعا سلميا يطالب بحقوقه بشكل سلمي"، مضيفا:" تبين ذلك من خلال استهداف الصحفي ياسر مرتجى، رغم أنه كان معلوما لدى الاحتلال بأنه صحفي من خلال درعه الواقي".
وحول تأثير مسيرات العودة على الاحتلال والسيناريوهات الإسرائيلية للتعامل معها، يؤكد أن مسيرات العودة أربكت الاحتلال وأصابته بحالة من الاستنزاف العسكري، وخاصة التخوف من إمكانية اقتحام السياج الفاصل على الحدود مع قطاع غزة.
"وتلجأ إسرائيل للولايات المتحدة التي تلجأ بدروها هي الأخرى لدول عربية صديقة لها من اجل المطالبة بوقف مسيرات العودة والمواجهات مع الاحتلال"، يقول الصواف.
ويبين المحلل السياسي أن الفلسطينيون يسعون للعودة والتحرير وكسر الحصار ورفعه عن القطاع، أما ان يكون ثمن وقف ذلك الحراك-فتح معبر رفح ومن ثم تحدث عملية إرهابية في سيناء ومن بعدها يتم اغلاق معبر رفح، فهذا ما لا يقبله الفلسطينيين، منوها إلى أن الاحتلال يخشى أن تتحرك الضفة الغربية مثلما تحركت مسيرات العودة بغزة.
سيناريوهات وتخوفات
ويتفق الكاتب والمحلل السياسي اياد جبر مع سابقيه، بأن إسرائيل تحاول بشتى السبل إيقاف المسيرات، وأن ذلك اتضح من خلال استخدامها القوة المفرطة في مواجهة المتظاهرين العُزل على الحدود مع غزة، موضحا أنه في ظل حالة الصمود الفلسطيني أمام التصدي الإسرائيلي، بدأت الاخيرة في استخدام حلفاؤها العرب ليلعبوا دور الوساطة.
ويقول جبر:" إن العرض العربي الذي قُدم لحماس بشأن وقف المسيرات مقابل فتح المعبر لم يكن الا بطلب من الاحتلال، وهذا أحد سيناريوهات الاحتلال المقبلة في التعامل مع مسيرات العودة".
ولا يستبعد جبر أن تقدم إسرائيل على تقديم بعض الحلول الانسانية والاقتصادية لغزة مقابل وقف المسيرات، وقد تكون الحلول ايضاً من خلال المؤسسات الدولية الفاعلة في غزة وليس فقط عن طريق وسطاء عرب.
وفي السياق ذاته يرى أن خيار الحرب ليس مستبعداً، خاصة وأن اسرائيل لديها بدائل كثيرة لافتعال أزمات مع غزة، وتحويل المواجهة من انسانية سلمية الى مواجهة مسلحة، والمسلحة اقل حرجاً لإسرائيل على المستوى الدولي.
وحول تخوف إسرائيل من إمكانية انتقال مسيرات الغضب والعودة للضفة، يضيف جبر:" مسألة الضفة هي الاخطر بالنسبة لإسرائيل، وانتقال عدوى المسيرة من غزة الى الضفة هو سيناريو مرعب لإسرائيل وللسلطة الفلسطينية لأن فقدان السلطة للسيطرة على المظاهرات في الضفة سيجعل المستوطنات الاسرائيلية في مواجهة مباشرة مع الكتلة البشرية العربية في الضفة الغربية"، مؤكدا أن المواجهة في الضفة تمثل تهديد حقيقي لإسرائيل أكثر من غزة بسبب الاحتكاك المباشر بين العرب.
ويردف قوله:" المواجهة إن حدثت في الضفة وهذا وارد ستشكل ارهاق حقيقي للجيش الاسرائيلي لأن نقاط التماس مع العرب في الضفة كثيرة، وبحاجة لعدد كبير من القوات والاليات"، كون التقديرات الاسرائيلية تحدثت عن خطورة هذا الامر وحذروا منه لأنه يمثل تهديد حقيقي لوجود الاحتلال في الضفة الغربية، ويمكن ان يكون نهاية لمشروع اوسلو القائم في الضفة الغربية.
وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي قد هدد بقصف واستهداف مواقع ومقرات ومصالح لحركة حماس في قطاع غزة حال استمرت مسيرات العودة الكبرى عند السياج الأمني شرقي القطاع.