أرض كنعان - وكالات /
توعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بوقف تمويل الدول التي صوتت في الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار يدين اعتراف واشنطن بالقدس عاصمة لـكيان الاحتلال الإسرائيلي، مستنكراً أنهم يأخذون مئات ومليارات الدولارات ثم يصوتون ضده.
وتلقى دبلوماسيون في وقت سابق رسائل مكتوبة من مندوبة واشنطن الدائمة لدى الأمم المتحدة، السفيرة نيكي هيلي، حذّرتهم فيها من مغبّة التصويت لصالح قرار بشأن القدس، إلا أن الأمم المتحدة رفضت التعليق على "التهديدات" التي وجهتها هيلي، إذ قال المتحدث باسم أمينها العام، ستيفان دوغريك: "لقد اطلعنا على تقارير صحفية، ونحن لا نعلق على كيفية إدارة دولة عضو لأعمالها".
ووصف خبراء سياسيون تهديدات ترامب بأنها "بلطجة معلنة" غير مسبوقة من رئيس أقوى دولة في العالم، خاصة وأن "أمريكا كانت تمارس ذات التهديدات ضد الدول الأعضاء بالأمم المتحدة سراً.
تصريحات وتهديدات "ترامب" عزلت واشنطن، عدا عن أنها وسعت الالتفاف الدولي حول القضية الفلسطينية بعدما همشت في السنوات الأخيرة، فضلاً عن كونها أحرجت الأنظمة العربية.
وعن السياسة التي يسعى ترامب لتطبيقها خلال إدارته للولايات المتحدة، يقول هاني البسوس المحلل السياسي "للرسالة":" ترامب متطرف في آرائه ويخالف السياسة الأمريكية ويسوقها نحو التطرف والعنصرية (..) يريد من العالم اتباع سياسته كونه يعتبر أمريكا هي الأعظم".
ويؤكد البسوس على أن ترامب يحاول تجسيد مفهوم "القطب الواحد" الذي يتمناه لكنه لن ينجح في استعادة ذلك خاصة وأن هناك أربعة أقطاب قوية: "روسيا، الصين، الاتحاد الأوروبي، وامريكا" كل واحد لديه إمكانياته الاقتصادية والعسكرية، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن العالم يأخذ منحنى آخر، وهذا ما أثبتته الموجة الإعلامية في العالم بشأن قراره الاعتراف بمدينة القدس المحتلة عاصمة لإسرائيل.
وعن كيفية استثمار تهديدات ترامب لصالح القضية الفلسطينية، يرى المحلل السياسي أن العالم متعاطف مع الحق الفلسطيني خاصة الجمعية العامة للأمم المتحدة "لذا لابد من استثمار ذلك للضغط على أمريكا".
وأوضح البسوس أنه يجب على السلطة الفلسطينية تشكيل لجنة دبلوماسية للتواصل والتنسيق الدائم مع دول العالم لكسب مواقفهم في المنظمات الدولية، لافتا إلى أن تراكم ضغوط الدبلوماسيين السياسيين تشكل ضغطا على أمريكا.
كما غرد ياسر الزعاترة المحلل السياسي عبر تويتر قائلاً: "ترامب يهدد بوقف المعونة لمن يصوت ضد قراره بشأن القدس، فهو يظن العالم حلبة مصارعة، أو سوقا للعقارات، كل تهديداته لن تجدي نفعا". ويرى الزعاترة أن الرد على ترامب لا يكون إلا بانتفاضة شاملة، تجعله والإسرائيليين يدركون أي قرار أرعن اتخذ.
ويقرأ عبد الحميد صيام الخبير بشؤون الأمم المتحدة، تهديدات الرئيس الأميركي أنها "سابقة في العلاقات الدولية"، جاء ذلك خلال مقابلة له على قناة الجزيرة. وقال: "التهديد بقطع المساعدات يعبر عن العزلة التي تعانيها واشنطن وقد ظهرت بشكل واضح في مجلس الأمن عندما صوتت 14 دولة ضد قرارها، كما صوتت 176 دولة بالجمعية العامة لصالح قرار بشأن تقرير المصير للشعب الفلسطيني".
ويرى صيام أن التهديد الأميركي كان يمكن أن يقبل لو كان في إطار علاقات ثنائية مع دول تربطها معها مساعدات، لكن أن يكون علنياً ولـ 193 دولة أممية، فإنه يشكل سابقة ويعبر عن العزلة الكبيرة التي تعيشها واشنطن اليوم. وأوضح أن تهديد ترمب يعبر عن سياسة أميركية جديدة في التعامل مع الأمم المتحدة.
وتجدر الإشارة إلى أنه وفق إحصاءات عام 2016 التي قدمتها "الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية"، المعروفة اختصاراً بـUSAID، للـ15 سنة الماضية، فقد تلقت الضفة الغربية وقطاع غزة 416.7 مليون دولار، موجهة بالكامل للدعم التنموي رغم وجود 18 مليوناً للدعم الأمني، وقالت واشنطن: إنه "مخصص لبناء السلم المدني".
وذكرت الاحصاءات أن 133 مليون دولار خصصت للحاجيات الإغاثية العاجلة، و86 مليونا للخدمات الاجتماعية، و11 مليونا للحكومة والمجتمع المدني.
وكان الدعم الأمريكي للضفة والقطاع متفاوتا خلال السنوات الأخيرة، إذ وصل عام 2013 إلى مليار دولار، بينما لم يتجاوز 85 مليوناً عام 2006.