Menu
15:19السفير العمادي يعلن موعد والية صرف المنحة القطرية 100$ للاسر الفقيرة بغزة
12:44فورين بوليسي: محمد دحلان يد الإمارات الخفية في اتفاقيات السلام ودوره مرتبط بالانتخابات الأمريكية وتجاوز لعبة الانتقام
12:43توضيح من التنمية بغزة حول موعد صرف شيكات الشؤون والمنحة القطرية
11:34الجزائر: فرنسا استخدمت عظام مقاومينا في صناعة الصابون
11:31قيادي بـ "الجهاد": لم نشعر بأن هناك جدية بتنفيذ مخرجات اجتماع بيروت رام الله
11:30وفاة شاب من غزة  في مخيمات اللجوء في اليونان
10:39تسليم أوّل جواز سفر أمريكي عليه "إسرائيل" كمكان الولادة لأحد مواليد القدس
10:37الاتحاد الأوروبي يعلق على تدهور صحة الأسير الفلسطيني الأخرس
10:34الاسير جمعة ابراهيم آدم يدخل عامه 33 في سجون الاحتلال
10:33مقتل مواطن خلال شجار بحي الزيتون جنوب مدينة غزة
10:31العثور على جثة فتى عليها آثار عنف بالنقب
10:30أبرز عناوين الصحف الفلسطينية
10:26قوات الاحتلال تقتحم قري وبلدات في القدس ونابلس
10:19الوضع الصحي للأسير ماهر الأخرس خطير للغاية وجهود مكثفة لإنقاذ حياته
10:17"الاحتلال الإسرائيل" يبدأ غدًا المرحلة الثانية من خطة الخروج من الإغلاق الشامل
فاجعة إحتراق الطفلين "تالا وفتحي"

فاجعة إحتراق الطفلين "تالا وفتحي"

 الموت حرقا وسط ظلام غزة، مأساة تتكرر بفعل تقصير أكثر مما يمكن أن تلقى على حكم القدر، فلا الحصار (رغم كل ما تسبب به) هو المسؤول عن متوالية الموت العبثي، ولا يد عامل شركة الكهرباء المكلف بقطع النور عن منازل المعدمين، مسؤلا عن احتراق طفلين لم يدركا من عمرهما ما بلغته سنين الحصار.
امس الثلاثاء كان الموعد مع عائلة البغدادي لتسدد الفاتورة القصوى ثمنا لما يجري، حياة طفليها، بعد ان كانت اسرة غزية اخرى سبقتها بثلاثة من اطفالها تفحموا كما الحطب في ظروف مماثلة.
عيونٌ حائرة ودموعٌ غزيرة وفكرٌ مشتت، هذا هو حال الأم المكلومة والأب المُنهار، وهما يتفقدان ما تبقى من ذكريات جميلة مع طفليهما اللذين أحرقتهما "شمعة موقدة" وأحرقت معهما قلوب من شاهد والدي الطفلين، وهما يمسكان بحطام ما تبقى من غرفةً جمعت احلامهم بحياة كريمة.
 ضحايا انقطاع الكهرباء، هكذا باتت غزة تشير بآلم لعشرات المواطنين الذين فقدوا اطفالهم واحبتهم في خضم بحثهم عن بصيص نور، في ظل انقطاع الكهرباء الذي اصبح احد ثوابت يوميات اهل القطاع، دون ان يثير التفاتة ذوي الشأن.
في مخيم البريج وسط قطاع غزة، وما أن اقتربت عقارب الساعة من الثامنة ونصف مساءً، كان العشرات من الفلسطينيين يهرولون بالشوارع بحثاً عن الماء من هنا وهناك، لعلهم ينجحون في إنقاذ حياة فردٍ في غرفة اشتعلت فيها النيران، لكن الفاجعة الكبرى كانت من نصيب الأب الذي اقتحم الغرفة بحثاً عن أطفاله، فإذ به يجد طفلته البالغة من العمر 8 شهور وقد اشتعلت بها النيران، فانتزعها عن الأرض وقد احترق جسدها الغض حتى التصق جلدها بيديه فأنقذها من الموت، وأحياها القدر لتعيش، كما الذي ينعش قلبه جهازٌ طبي يحاول إنقاذه قدر المستطاع فيأخذ به قدره إما إلى الموت أو الحياة التي لن يكون فيها إلا "شقياً".
 "أنقذتها وعلق جلدها بيدي، فألقيت بها إلى ابن عمي" بهذه الكلمات والدموع تنهال على وجهه الشاحب، وصف الأب "عبد الفتاح البغدادي" (23 عاماً) الحالة التي كان عليها حين أنقذ حياة طفلته "تالا" البالغة من العمر 8 شهور، مضيفاً، غداً سيتم تحويلها لمستشفى داخل الخط الأخضر لا أعرف هل ستعيش أم تلحق بشقيقها، هل ستعيش أم أن حياتها ستكون شقاءً أكبر.
ويضيف عن ظروف الحادثة، قائلاً  كانت الكهرباء مقطوعة عن الحي، وأطفالي نائمين وخوفاً من استيقاظهم، أقدمت زوجتي على إشعال شمعة ووضعتها على "الكوميدينا" فإذا بالطفلة "تالا" تحاول التدريج بقدميها الرقيقتان والوقوف من خلال الإمساك بـ "الكوميدينا" فانقلبت الشمعة على الفراش الذي يؤوي الأطفال، واشتعلت النيران في الغرفة.
ويتابع، أنا أعمل في محل لبيع المشروبات الساخنة للسائقين العمومين، والناس كانت تناديني وتقول لي بيتك يحترق، فوصلت إلى بيتي ووجدت الغرفة التي بها أطفالي تحترق، فأنقذت تالا، وفشلت في إنقاذ طفلي فتحي "3 سنوات"، الذي كان نائماً على السرير والنار تنهش جسده الضعيف، فألقيت بغطاء عليه لكي أتمكن من إنقاذه لكنها اشتعلت به أكثر فأكثر، وحاولت التقدم نحوه لمسافة قريبة جداً ولكن النيران التهمت يدي، وبعد نحو 15 دقيقةً من احتراقه تمكن شبان من الحي من كسر شباك للغرفة يطل على أحد الشوارع، وإلقاء الماء بكثافة داخل الغرفة وعلى السرير ذاته الذي كان "فتحي" محترقاً عليه، حتى تمكنوا من انتشاله، ولكنه كان قد فارق الحياة تماماً.
 ويعيش والد الطفلين "عبد الفتاح" في محيط دوار أبو رصاص في مخيم البريج وسط القطاع، ويعمل موظفاً في وزارة الأوقاف بالحكومة المقالة، وكان توظف فيها بأمر خاص من رئيس الوزراء المقال "إسماعيل هنية" الذي زار بيته قبل 4 أعوام عقب وفاة والدته نتيجة حقنها "إبرة" بطريق الخطأ مما أدى لوفاتها، وعلى إثرها تم توظيفه لإعالة ذويه الأكبرهم سناً، حيث ان لديه 6 من الأشقاء والشقيقات من بينهم اثنان من ذوى الاحتياجات الخاصة.
ويحمل المواطن "عبد الفتاح البغدادي" مسؤولية جريمة حرق أطفاله إلى "السياسيين المنقسمين على أنفسهم ويتحمل الشعب أعباء أخطائهم. وفق تعبيره"، ويقول:"حكومتي غزة والضفة هم المسؤولين عن الشعب، وهم اللي حرقوا أبنائي مش حدا ثاني، وعليهم ان يتحملوا مسؤولية شعبهم".
وقالت مصادر طبية  أن الطفلة "تالا" تعيش على الأجهزة الطبية وأن 90% من جسدها تعرض لحروق شديدة جداً، وأن إنقاذ حياتها "بيد الله"، وأنه لا يمكن فعل أي عمل طبي خاص لها في الوقت الحالي.
 وشيع الآلاف من المواطنين في مخيم البريج الطفل "فتحي"، فيما خرجت مساء أمس (عقب الحادثة) مسيرات غاضبة طالبت "بإسقاط هنية"، وقامت قوات أمنية كبيرة من الحكومة المقالة بإطلاق النار في الهواء لتفريقها، ومع استمرارها، أقدمت عناصر من الشرطة على اعتقال افراد من المشاركين فيها، واعتدت على آخرين بينهم صحفي كان يصور المنزل المحترق.
وشهدت منطقة دير البلح القريبة من مخيم البريج، منذ أشهر حادثة مماثلة حيث احترق 3 أشقاء موتاً في أحداث مشابهة، فيما شهدت شبكات التواصل الاجتماعي مطالبات واسعة للمسؤولين في غزة للاستقالة من مناصبهم أو تحمل المسؤولية وتوفير حياة أفضل للمواطنين وخاصةً فيما يتعلق بخدمات الكهرباء.

نقلاا عن جريدة القدس المحلية