من حنين عابدين- لا تزال المسلسلات التركية الاجتماعية، بالرغم من "الإفراط المبتذل" في التسابق على عرضها من قبل الفضائيات العربية، كما يرى البعض – لا تزال قادرة، بالرغم من مرور السنوات على "مسلسل نور و مهند"، على اجتذاب المتابعين من الجنسين و من مختلف الأعمار، الأمر الذي يطرح أسئلة لدى المهتمين، بينها ما إذا كانت المسلسلات تطرح قضايا و حلولا بطريقة لم يهتد إليها منتجو المسلسلات العربية بعد، أم أن الظاهرة ليست سوى "موجة عابرة" ...
في لقاءات منفصلة أظهرت أجوبة من تمت مقابلتهم أن الدراما التركية "تجتاح" معظم البيوت وبدأت تجتذب حتى الأطفال، فيما أحالت بعض الأجوبة حجم الإقبال على مشاهدتها إلى الأمهات ربات البيوت، وأخرى إلى اعتماد المسلسلات قصصا و حكايات تتشارك مع واقع وثقافة المجتمعات العربية في العديد من القضايا، بفارق أن الدراما التركية " أكثر جرأة" في تناول قضايا لا تقترب منها الدراما العربية، وإن اقتربت فـ"على استحياء" .
قال المواطن "محمد.س" وهو أب لأربعة أطفال، أن زوجته "المدمنة" على الدراما التركية تواظب و البنات على مشاهدة معظم المسلسلات، حتى أن الطفلة الصغيرة بعمر 8 سنوات تتابع غالبيتها وباتت أقل انجذابا لأفلام الكرتون ( الصور المتحركة )، فيما تؤكد زوجته أن مبعث انجذابها للدراما التركية يعود إلى أسباب متنوعة، بينها المناظر السياحية للبلد، والديكورات الجميلة والمبهجة، والملابس الأنيقة و الشوارع النظيفة و..حتى ماركات وموديلات السيارات، إضافة إلى اللهجة السورية "المحببة" التي تشعرها وكأنها أمام مسلسل عربي .
من جهتها، قالت الأم "زينة.م"، وهي أم لطفلتين أكبرهما في الصف الثاني الأساسي، أن الأخيرة المواظبة على مشاهدة "مسلسل فاطمة"، "أصبحت فنانة" في وصف أبطال المسلسلات التركية و في إعادة سرد أحداث الحلقات لزميلاتها، لافتة إلى أن انجذاب طفلتها الكبير صار يبعث لديها المخاوف حيال حياتها المدرسية، بينما ترى المواطنة ميرفت أحمد أن أحد أسباب ميل الناس لمشاهدة المسلسلات التركية، سيما النساء، يتمثل في غياب "الرومانسية" عن حياتهم ، وهو سبب أشارت إليه "منى التميمي"، موضحة أن الرجال ( كما تعرضهم الدراما التركية ) يساعدون زوجاتهم و يتشاركون معهن في الأعمال المنزلية، و يتجنبون عند حدوث شجار معهن أي ألفاظ جارحة، بل ويبادرون بالاعتذار .
الصحفي والناقد الفني يوسف الشايب الذي أرجع رواج الدراما التركية إلى جرأتها و تناولها قصص الحب ودمجها بين الواقع الخيال بطريقة مبتكره لا تشعر المشاهد بالملل، قال أن ذلك يعود إلى استعانة منتجي الدراما بكتاب سيناريو متميزين، وهو سبب – كما قال - ساهم في إحياء التراث التركي وجعله وسيلة للترويج السياحي، إلى جانب أنها تميزت بالقاء الضوء على بعض القيم المتصلة بالعائلة كصلة الرحم وكيفية تربية الأطفال، فضلا عن استعانتها بالمناظر الطبيعية الخلابة التي تتمتع بها تركيا؛ مقابل الإنتاج الدرامي العربي الذي أوصل جمهوره إلى حالة من الملل .
في الإطار، أشارت المواطنة آيات عبدالله إلى أن بعض المسلسلات التركية الناجحة، حولت تركيا لدى الكثير من مشاهديها إلى "حلم جميل"، بالرغم من سلبيات مثل كثير من المجتمعات، لافتة فيما يخص انجذابها إلى المسلسلات التركية، إلى أن الأخيرة – بعكس الكثير من المسلسلات العربية - تنتهي على نحو غير مألوف لدى المشاهدين .