Menu
11:06"واللا" العبري : نتنياهو خان ترامب ورفض مساندته علنا في الانتخابات الاميركية
10:13أردان يكشف سببًا رئيسيًا لفشل الأمم المتحدة في حل الصراع الفلسطيني مع الاحتلال
10:10صحة غزة: تسجيل 248 إصابة بفيروس "كورونا" وتعافي 198 حالة
10:06مستوطنون يطردون رعاة الأغنام شرق عين الحلوة في الأغوار الشمالية
10:05الاحتلال يغلق موقع أثري ويقتحم بلدة سبسطية شمال نابلس
10:00زعيم المستوطنين في الضفة يطالب باعلان جهاز الوقائي "منظمة ارهابية "
09:58الصحة تُعلن عن شفاء عشراوي من كورونا
09:54كان العبرية : السلطة ستتسلم اموال المقاصة وتعيد التنسيق حال فوز بايدن
09:53الأورومتوسطي: حريق مخيم لاجئين باليونان نتيجة حتمية للظروف السيئة
09:51إخماد حريق كبير شرق غزة
09:50استمرار عمل معبر رفح في اليوم الأخير لفتحه استثنائيًا
09:48102 يوماً على إضراب الأسير الأخرس
09:46الاحتلال هدم 218 منزلاً فلسطينيّاً منذ بداية 2020
09:44"الأوقاف" تقرر إغلاق 3 مساجد في غزة والشمال وخانيونس
09:42اعتقالات ومداهمات واسعة في مدن الضفة

الانتفاضة :قراءة إسرائيلية لنصف عام من العمليات

أرض كنعان_الضفة المحتلة/ستة أشهر مضت من عمر الانتفاضة فشل خلالها الخبراء والباحثون الصهاينة عن إيجاد الطرق الناجعة لإيقافها، وبات من البديهي لهم أنها انتفاضة صعبة المراس وتختلف عن سابقاتها، وهو ما دفع مراكز الأمن الصهيونية لاستنفار خبرائها العسكريين في محاولة للخروج من هذه الأزمة بأقل الخسائر.

الخبير الإسرائيلي في معهد “هرتسيليا” البروفيسور “بوعاز غانور” كتب دراسة تحليلية للأحداث تحت عنوان “حصاد انتفاضة الأفراد” حاول من خلالها تشريح الأحداث للوصول إلى الحلول، وهو ما حاول قسم الترجمة والرصد في “المركز الفلسطيني للإعلام” أن يرصده في هذه الدراسة التي ركزت على عدد من المحاور والقضايا.

انتفاضة مختلفة

و يقول غانور “أُعطيت هذه الأحداث والعمليات التي تواجهها إسرائيل، منذ تشرين 2015 الكثير من العناوين والألقاب “انتفاضة ثالثة، انتفاضة السكاكين، انتفاضة الأولاد، انتفاضة الأفراد، انتفاضة الأقصى، “إرهاب شعبي”، إرهاب السكاكين، “عمليات الذئاب الأفراد”، ومن هذه المسميات يمكن القول أن الصحفيين والمحللين والباحثين تعريفهم هو الصائب ويعكس الظاهرة بشكل سليم، فتعريف الظاهرة ليس مسألة نظرية وكلامية فقط، والإجابة عن الأسئلة: هل نحن أمام انتفاضة أو موجة؟، هل من ينفذون العمليات هم “ذئاب” أفراد ومستقلون؟، أم أن الحديث عن ظاهرة منظمة؟، هل خلفية العمليات تتعلق بأحداث المسجد الأقصى أم هي نتيجة احتجاج شعبي على خلفية الوضع الاقتصادي أو القومي – كل ذلك لن يساعد فقط في تعريف الظاهرة بشكل صحيح، بل سيُمكن أيضا من إيجاد صيغة العمل المطلوبة لمواجهتها بشكل ناجع أكثر”.

موجة خطيرة

ويوضح البروفيسور في دراسته أن الظاهرة التي تواجهها إسرائيل الآن هي موجة خطيرة من عمليات “الإرهاب” على حد وصف الكاتب، ويضيف “موجة لها مميزات واضحة وتختلف عن موجات العنف السابقة التي عرفناها، فهي تعتمد على السلاح الأبيض – الطعن والدهس – وفي الآونة الأخيرة إطلاق النار، كما أن عدد الأشخاص الذين يشاركون في هذه الموجة قليل مقارنة بعدد الفلسطينيين في الانتفاضات السابقة، فقد شارك في موجة العمليات الحالية أقل من 300 شخص، الحديث هنا لا يدور عن آلاف أو عشرات الآلاف، لا يجب التقليل من خطورة موجة العمليات أو التحدي الذي تفرضه على الأجهزة الأمنية والمجتمع الإسرائيلي، لكن لا يجب أيضا إعطاءها أبعاد نهاية العالم”.

ويطرح غانور العديد من التساؤلات أهمها: هل الحديث يدور عن موجة بادرت إليها التنظيمات الإرهابية أم هي ظاهرة بدون تدخلها الفعلي؟ هل العمليات الإرهابية هي نتيجة التوتر الديني حول المسجد الأقصى؟ أم غياب الحكم أو أسباب شخصية تتحول إلى عنف وإرهاب؟ هل العمليات هي نتيجة قرار عقلاني للمنفذين أم ثورة مشاعر غير مسيطر عليها؟ إلى أي حد هذا يميز المجتمع الفلسطيني، أم أن الأحداث في “إسرائيل” ترتبط بالإرهاب العالمي للذئاب الأفراد بتأثير أحداث “الربيع العربي؟.

ويقول إنه يجب على الأجهزة الأمنية الإسرائيلية ومتخذي القرارات الإجابة على هذه الأسئلة ووضع الأدوات الملائمة واتخاذ الخطوات العملية الناجعة من أجل علاج الظاهرة.

وتناسى الكاتب غانور أن الشعب الفلسطيني في كل مراحل مقاومته ضد الكيان، هو يدافع عن حقه المغتصب وعن كرامته وعن مقدساته، وأنه الضحية وليس المعتدي، وما يقوم به شبان الانتفاضة هو رد فعل على الاحتلال وممارسات جنوده ومستوطنيه.

أفراد أم منظمات

ويشير غانور إلى أنه؛ يجب التمييز بين نوعين من العمليات “عمليات بمبادرة شخصية” وبين “عمليات منظمة”، التمييز يتعلق بسؤال تدخل منظمات “الإرهاب” في المبادرة للعملية والتخطيط لها وتنفيذها، “العملية المنظمة” هي عملية تنظم من قبل تنظيم “إرهابي”، وعادة ما تكون نتائج هذه العمليات خطيرة وأكثر دموية من العمليات التي تنفذ دون تدخل تنظيمي.

في المقابل، العمليات الذاتية أو المحلية يكون عدد المصابين فيها أقل ومستوى التخطيط أدنى، وعادة يتم استخدام السلاح الأبيض أو المصنوع محليا وعدد المصابين يكون محدودا، عمليات المبادرة الذاتية قد تنفذ بإلهام أو على خلفية التحريض لمنظمة “إرهابية”، ولكن المنظمة لا تتدخل في التنفيذ، في بعض الحالات قد يعتبر المنفذون أنفسهم رسل للمنظمة “الإرهابية” التي يتضامنون معها، لكنهم ليسوا أعضاء فيها ولم يتم تدريبهم ولم يحصلوا على المساعدة لتنفيذ العملية.

ويشير غانور إلى دور المنظمات الفلسطينية فيقول “هناك من يحاول الإشارة إلى الصلة المباشرة أو غير المباشرة بين منفذي “موجة الإرهاب” الحالية وبين “منظمات الإرهاب” ، إنهم يربطون بين العمليات وبين التحريض الذي يدعو الشبان الفلسطينيين ويحثهم على تنفيذ العمليات، تقوم المنظمات بنشر توجيهات حول كيفية التحضير وتنفيذ العملية بشكل ناجع (نوع السلاح وكيفية تحويله إلى سلاح أكثر فتكا وأي طرق يجب استخدامها)، لكن هذه الأعمال لمنظمات الإرهاب لا تحول المبادرة الذاتية والمحلية إلى عمليات منظمة، وكذلك التأييد من قبل منفذ العملية لتنظيم “إرهابي” معين، لا يعني أنه عضو ويعمل باسم هذا التنظيم”.

ما هو الدافع؟

ويتساءل الخبير غانور “إذاً ما الذي يدفعهم للقيام بهذه العمليات والى أي حد يمكن القول إن القرار عقلاني أم مشاعر لا يمكن السيطرة عليها؟ رغم التنوع الكبير لمنفذي موجة الإرهاب الحالية – رجال، نساء، أولاد، الذين يأتون من مناطق مختلفة ويستخدمون طرق عمليات مختلفة، يمكن القول إن هناك مميزات مشتركة وخاصة للموجة الحالية، التي تميزها عن موجات سابقة”.

ويذكر غانور أهم مميزات الانتفاضة فيقول؛ الميزة الأولى هي أن العمليات نتيجة لمبادرة خاصة ومحلية وليست عملية منظمة، ميزة أخرى هي الجيل الصغير للمنفذين ومنهم الكثير من الأولاد، عدد كبير من المنفذين عبروا عن رغبتهم ونيتهم تنفيذ عملية في الشبكات الاجتماعية – الفيس بوك، تويتر وغيرها، في بعض الحالات نبع قرار تنفيذ العملية من– قريب قُتل في عملية، وأحيانا تنفذ العملية كنوع من التقليد لعملية سابقة أو انتقام على خلفية الإهانة – حيث يُهان المنفذ أو أحد أقاربه أو معارفه، أو على خلفية أحداث تعتبر إهانة قومية أو دينية (مثلا التعدي على الأقصى)،وفي كثير من الحالات قرار تنفيذ العملية يكون استجابة لغريزة المغامرة المغلفة بالبطولة والوطنية.

وهنا يُبرز الخبير غانور العقلية السادية الصهيونية التي تميز بها الكيان؛ يريد الخبير أن يكون الشعب الفلسطيني كما ورد في الإصحاح  ((لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ، بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضًا))، إذا اعتبرنا ذلك صحيحا، فإن احتلال فلسطين ذنب لا يغفره إلا الرحيل عنها.

تجفيف المنابع

ويوضح  الكاتب أن مواجهة الانتفاضة الحالية تحتاج إلى خطوات مانعة، لتجفيف الأرض التي ينمو فيها “التطرف والعنف والإرهاب”، خطوات مانعة تهدف إلى إفشال عمليات “الإرهاب” قبل حدوثها، وخطوات عملية تهدف إلى إنهاء العمليات بسرعة وتقليص الأضرار، فقد أتت الانتفاضة الحالية  نتيجة التحريض المتواصل من قبل المنظمات الفلسطينية، والجمود السياسي هو وسادة مريحة لزيادة الشعور بغياب المخرج واليأس القومي الاجتماعي والاقتصادي في المجتمع الفلسطيني، كل ذلك يؤدي إلى التنفيس عن مشاعر الكراهية والانتقام من خلال العمليات!.

ويأمل غانور أن تتمكن إسرائيل من التأثير في هذه العمليات من خلال خلق أفق سياسي وأمل وإصلاحات اقتصادية وأطر التعاون مع جهات مختلفة في المجتمع وفي السلطة الفلسطينية، لا تستطيع “إسرائيل” فعلياً وقف التحريض من قبل المنظمات، إسرائيل بحاجة إلى شركاء فلسطينيين يعملون داخل المجتمع الفلسطيني انطلاقا من القناعة الذاتية وليس بشكل إلزامي، و مطلوب هنا عمل مكثف من قبل المؤثرين على الرأي العام في الساحة الفلسطينية لحرف مسار ورسائل التحريض، نوع من التحريض المعاكس والمخطط له، وفي شبكة العلاقات السيئة بين القيادة الإسرائيلية والفلسطينية لا يمكن حدوث شيء كهذا.

إلا أن ما تجاهله الكاتب أنه لا يوجد حل للمقاومة والانتفاضات المتلاحقة إلا باستعادة الحق السليب للشعب الفلسطيني، فموضوع الإصلاح الاقتصادي  والسياسي محاولة تضليل، قد مجَها الشعب الفلسطيني وكشف زيفها، والكيان يعمل ليل نهار مع أجهزة السلطة على أعلى مستويات التنسيق الأمني مع النشاط الذي تقوم وقامت به تلك الأجهزة على ما يسمى تجفيف الينابيع بكل أشكالها المختلفة، ومع كل هذا نجحت العشرات من العمليات وما زالت.

إحباط إسرائيلي

في ظل غياب خطوات المنع لم يبق لإسرائيل سوى الإحباط على حد وصف الكاتب، ويضيف “في الوقت الذي استطاعت فيه الأجهزة، الأمنية وعلى رأسها “الشاباك” إحباط  عدد من عمليات “الإرهاب المنظمة”، فإنها تقف حائرة أمام موجة العمليات الحالية، حيث كانت المعلومات الدقيقة  دائما عامل أساسي في قدرة “إسرائيل” على إحباط العمليات الإرهابية، وفي عمليات المبادرة الذاتية أو المحلية وهذه الأدوات لا تصلح، لا يوجد شركاء في عملية التخطيط، وقدرة الأجهزة الاستخبارية على التحذير من العملية محدودة جدا.

وذكر الكاتب إن جهود “إسرائيل للإحباط من خلال الردع (هدم البيوت وطرد العائلات وعدم إعطاء تصاريح العمل وما أشبه) قد تكون طرق فعالة أحيانا في تحقيق الهدف المرجو، ولكن في أحيان أخرى قد تساعد على تعزيز الأجواء المؤيدة للعمليات، كان في استطاعة “إسرائيل” تحسين وسائل الإحباط لو أنها وجدت طريقة لتجنيد الدوائر القريبة من منفذ العملية المحتمل – الوالدين، أبناء العائلة أو الأصدقاء من أجل الكشف المبكر والتحييد. لكن يبدو أن الطريق لتحقيق هذا الهدف تتطلب استخدام الجزر وليس فقط العصي”.

خطوات عملية

وأوضح غانور أن إسرائيل اتخذت خطوات عملية كثيرة لتقليص أضرار العمليات، بدءاً بتسهيلات حمل السلاح ومروراً بزيادة انتشار الشرطة في المناطق الحساسة وفرض قيود على حركة وعمل الفلسطينيين في “إسرائيل”، وانتهاء بتشديد العقوبات ضد من يستخدمون المتواجدين غير القانونيين، و يبدو أن نجاح هذه الخطوات كان محدوداً وهي لم تؤد الى إنهاء أو تقليص موجة العمليات.

و يختم غانور دراسته بالقول “تستطيع إسرائيل اتخاذ خطوات عملية فعالة أخرى إحداها إعادة تفعيل الحرس المدني كوسيلة لمحاربة الإرهاب كما في سنوات السبعينيات، حيث يتم تجنيد مواطنين ليقوموا بإجراء جولات مسلحة في الأحياء السكنية، شيء يشبه العمل الشرطي لكن من قبل متطوعين يتم تدريبهم لهذا الأمر، يمكن القول إن خطوة كهذه لن تؤدي إلى إنهاء موجة الإرهاب الحالية، لكنها قد تكون إجابة فعالة على عمليات المبادرة الذاتية والمحلية، وتزيد من الردع وتسمح بالتدخل السريع والمهني عند الحاجة، الأمر الذي سيزيد الشعور بالأمن ويقلص الخوف في أوساط الجمهور”.

الدراسة التي كتبها غانور إنما تمثل الواقع الصهيوني المضطرب، فإسرائيل باتت كالمريض الذي يعاني من نقص المناعة المكتسبة؛ لا يتحمل أي مرض حتى ولو كان خفيفا، والواضح أن الذي أوصل الكيان إلى هذه النقطة هي الضربات التي تلقاها وما يزال من المقاومة الفلسطينية، فعملية مقاومة الاحتلال تمر عبر مراحل متلاحقة، قد تكون مرحلة أقوى من مرحلة، بعكس تفكير أصحاب النفس الضيق أو الذين اعتادوا على الاستسلام.