أرض كنعان/حذّر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان من تصاعد عمليات القتل خارج نطاق القانون التي تنتهجها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي
الفلسطينية، والتي شهدت ارتفاعًا ملحوظًا خلال الأياموالأشهر القليلة الماضية.
وأوضح المرصد في بيان له السبت أن جنود الاحتلال يسارعون إلى إطلاق النار بدونوجود خطر حقيقي يتهدد الحياة وقتل
الأشخاص رغم القدرة على اعتقالهم، داعيًا دول العالم ومجلسحقوق الإنسان إلى الضغط على "إسرائيل" لوقف هذا الاستهتار بالأرواح.
وقال إن تسجيلات الفيديو لإحدى كاميرات الحراسة في محطة القطارات المركزية بمدينة "العفّولة"،والتي نشرتها المواقع الإلكترونية المختلفة
تظهر بشكل واضح مدى الاستهتار الذي مارسته قواتالشرطة أمس الجمعة حين أطلقت النار على سيدة فلسطينية تحمل الهوية الإسرائيلية
بزعم محاولتهاطعن أحد الحراس في المحطة.
فيما يظهر من خلال الفيديو أن الفتاة لم تقم بأي اعتداء، وحتى على افتراض أن الاعتداء جرى في وقتسابق أو في موضع آخر غير الذي
يظهره الفيديو، فإن الواضح أن قوات الشرطة كانت تستطيع اعتقالالفتاة، وأنها لم تكن تشكل خطرًا حقيقيًا لحظة إطلاق أربع رصاصات على
جسدها.
وأكد شهود عيان على الحادثة للمرصد أن الفتاة، والتي تدعى إسراء عابد (29عامًا)، كانت خائفة جدًاوأصابها الذعر حين وجدت نفسها بين
مجموعة من الجنود الذين يصوبون بنادقهم اتجاهها وكانوا يصرخونعليها بصوت عال طالبين منها نزع حجاب كانت تلبسه على رأسها وإلقاء
حقيبتها، فيما رفضت هي ذلكورفعت يديها للأعلى وأخذت ترجوهم عدم إطلاق النار.
وفي السياق ذاته، أقدم شرطي إسرائيلي على قتل الشاب ثائر أبو غزالة من القدس، بعد قيامه بطعنمجنَّدة إسرائيلية بآلة حادة في رقبتها
وثلاثة آخرين كانت إصابتهم طفيفة، وتمكن أبو غزالة بعد ذلك منالهروب من المكان، غير أن ضابطًا إسرائيليًا لاحظه فأطلق عليه النار ليشل
حركته.
وذكر المرصد أن شرطة الاحتلال أعلنت أن مقتل الشاب جاء نتيجة هذه المطاردة، غير أن صورًا نُشرتللشاب وهو ملقًا على الأرض بعد قتله
أظهرت أن الإصابة التي تلقاها كانت مباشرة في الرأس، وظهرموضع الرصاصة على الأرض بجانب رأسه، ما يعطي مؤشرًا على أن رأسه
كان على الأرض حين أطلقتالرصاصة عليه، أي أن قتله كان بشكل عمد بعد أن تم شل حركته.
ولفت إلى أنه في يوم الأحد الماضي قتلت قوة من شرطة الاحتلال الشاب الفلسطيني فادي سميرمصطفى علون (19عامًا) من قرية العيسوية
بزعم طعنه طفل إسرائيلي يبلغ من العمر (15 عامًا) ثم لاذبالفرار.
ولكن شهود عيان أكدوا للمرصد أن مجموعة من المستوطنين كانوا لاحقوا الشاب علون أثناء سيره فيمنطقة المصرارة بالقدس، حيث كان
المستوطنون تجمهروا حينها في شوارع البلدة القديمة بالقدساحتجاجًا على قتل مستوطنيْن إسرائيلييْن صباح ذلك اليوم.
وأضاف "يبدو أنهم عندما رأوا الشاب علون أرادوا الاعتداء عليه، فهرب منهم باتجاه شارع (حاييم بارليف –شارع رقم 1)، وعندها وصلت
سيارة شرطة إسرائيلية أطلق أحد أفرادها سبعة أعيرة نارية باتجاهه، ما أدىإلى استشهاده على الفور".
وأظهرت تسجيلات فيديو نشرتها مواقع إلكترونية إسرائيلية قيام المستوطنين بملاحقة علون، والاعتداءعليه بالضرب في منطقة المصرارة
ثم ضربه بعد استشهاده وسحله على الأرض، ثم أخذ أفراد الشرطة جثمانه.
وأوضح المرصد الأورومتوسطي أن هذه الأفعال تمثل مخالفة لـ "مبادئ المنع والتقصي الفعالينلعمليات الإعدام خارج نطاق القانون والإعدام
التعسفي والإعدام دون محاكمة"، والتي اعتمدها المجلسالاقتصادي والاجتماعي في العام (1989)، والتي حظرت عمليات الإعدام خارج
نطاق القانون والإعدامالتعسفي والإعدام دون محاكمة.
وأشار إلى أن هذه المبادئ تنص على أن استخدام الأسلحة النارية بحق الأشخاص لا يجوز إلا إذا كانهناك تهديد وشيك بالموت أو الإصابة
الخطيرة؛ أو لمنع ارتكاب جريمة بالغة الخطورة، مع عدم وجودبدائل لإنهاء هذا الخطر المحدق.
ولفت إلى أن أفراد جيش الاحتلال خالفوا هذه التعليمات ليس فقط في الحوادث المذكورة، ففي17/8/2015، قتل جنود إسرائيليون من
حرس الحدود الشاب محمد بسام عمشة (25 عامًا) من سكان كفرراعي قضاء جنين، أثناء مروره على حاجز "زعترة" شمال نابلس
بزعم أنه كان يحمل سكّينًا وحاول طعن أحدالجنود على الحاجز.
غير أن شهود عيان كانوا لحظة قتل الشاب عمشة أكدوا أنهم لم يروا معه أي سكين، وفي اليوم التاليلاستشهاده، اقتحمت قوة إسرائيلية بيته
وادعى ضابط المخابرات المسؤول عن الوحدة التي اقتحمتالمنزل أن بحوزته صورًا تبين محمد وهو يحمل السكين، وحين سأله والده أن يظهر
له الصورة، رفض الضابط ذلك.
وبين المرصد الحقوقي الأوروبي أن هذه الحوادث تحتاج إلى تحقيق جدي، بموجب اتفاقية جنيف الرابعة،وبموجب المبدأ رقم (5) من "مبادئ
المنع والتقصي الفعالين لعمليات الإعدام خارج نطاق القانونوالإعدام التعسفي والإعدام دون محاكمة".
وطالب سلطات الاحتلال بإجراء تحقيق شفاف وحقيقي في الأحداث المذكورة في هذا البيان، وفيالحوادث الأخرى المشابهة، وتقديم المسؤولين
عنها للمحاكمة.
وقال إن" تقاعس الجيش الإسرائيلي عن إجراء هكذا تحقيقات والوصول لنتائج حقيقية ومحاسبةالفاعلين، يعطي الضوء الأخضر لمزيد من
انتهاكات حقوق الإنسان والاستهتار بحياتهم".
ودعا الدول الأطراف في اتفاقية جنيف إلى القيام بتحرك فاعل للضغط على سلطات الاحتلال، وكفالةاحترامها لنصوص الاتفاقية، ولا سيما الحق
في الحياة، والذي يعد خرقه بشكل تعسفي "انتهاكًا خطيرًاللاتفاقية، وجريمة حرب"، بموجب ميثاق روما الناظم للمحكمة الجنائية الدولية.