Menu
20:42الحية يكشف تفاصيل زيارة وفد حماس للقاهرة
20:25كهرباء غزة تصدر تعليمات ونصائح مهمة للمواطنين استعدادا لفصل الشتاء
20:24بيان من النيابة العامة حول الحملات الالكترونية
20:21قائد جديد لشعبة التخطيط في الجيش الإسرائيلي
20:20الاحمد: ننتظر رد حماس منذ بداية أكتوبر.. ولا اجتماع للأمناء العامين قبل إصدار مرسوم الانتخابات
20:18ابو حسنة: استئاف العملية التعليمية لطلبة المرحلة الاعدادية بمدارس الاونروا بغزة بدءا من الاثنين المقبل
20:14صحيفة اسرائيلية: كهرباء غزة و"التنسيق الخفي" بين إسرائيل ومصر وقطر والفلسطينيين..!
20:13السلطة الفلسطينية تنوي مقاضاة إسرائيل لترخيصها شركات اتصال بالضفة
20:12بري: ليس وارداً بأن تفضي مفاوضات الترسيم للتطبيع.. والحكومة اللبنانية سترى النور قريباً
20:10الأوقاف بغزة تغلق ثلاثة مساجد بخانيونس بسبب ظهور إصابات بفيروس كورونا
20:09بعد مشاركته في لقاءات القاهرة.. حماس: عودة القيادي الحية إلى غزة ودخوله للحجر الصحي
14:08لهذا السبب .. "حزب الله" يعلن الاستنفار و يستدعي عددا من عناصره
14:06تنويه مهم صادر عن الجامعة الاسلامية بخصوص فيروس "كورونا"
14:05مالية رام الله تعلن موعد ونسبة صرف رواتب الموظفين
13:38وزارة الصحة: 8 وفيات و450 إصابة بفيروس كورونا و612 حالة تعافٍ

يونس أبو جراد يكتب : "نيسان"، لا نسيان!

لم تشفع لشعبنا مبادرة "سلام الشجعان"، التي أعلنها الرئيس عرفات أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، في جنيف في الثالث عشر من ديسمبر لعام 1988م، والتي لم تكن في حقيقتها سوى "سلام الخذلان" لفلسطين أرضاً وشعباً.

القيادة الفلسطينية، وعلى رأسها عرفات الذي ختم كلمته تلك بدعاء: "اللهم أنت السلام ومنك السلام، وإليك يرجع السلام، فأحيينا ربنا في السلام، وأدخلنا دارك دار السلام"، كلهم كانوا شهوداً على جرائم الحرب والإبادة التي طالت شعبنا، وهم يعرفون جيداً استحالة تحقيق "السلام العادل" بين الجلاد والضحية لانتفاء شروط تحقيقه مع العدو الصهيوني؛ لأنَّ وجوده في أرض فلسطين قائم على الاستيطان الإحلالي.

شهر نيسان (أبريل)، شهرٌ مثقل بالحزن، يرتدي منذ عقودٍ ثوب الحداد على أرواح من قُتلوا -وسيُقتلون- على يد العدو الغاشم، وهو واحد من اثني عشر شهراً تضج بالجرائم الصهيونية، وفيه أيام تتوشح السواد مثلما يحدث في ثلاثمائة وخمسة وستين يوماً في السنة، فالعدو لم يترك يوماً إلا حوله إلى لعنة ووصمة عار وشاهد على نازيته وبربريته، وما أكثر الشهود من مقابر جماعية، وقرى أبيدت، ولاجئين تشتت بهم السبل، وجرحى وأسرى ويتامى وأرامل، وما أقل العدل، وما أضعف العدالة!

 دير ياسين .. الطفلة التي ذبحوها!

ثلاثة رموز للإجرام الصهيوني المرتبط عضوياً بالعقيدة الصهيونية، كانوا عند الساعة الثانية من فجر التاسع من نيسان (أبريل) سنة 1948م، على مشارف قرية دير ياسين العربية الفلسطينية، ليرتكبوا جريمتهم النكراء، وتتلطخ أيديهم الآثمة بدماء الطفلة الفلسطينية البريئة.

مناحم بيغن الذي كان يترأس عصابة الأرغون. وعصابة شتيرن التي تعرف باسم "ليحي" برئاسة إسحاق شامير، وعصابة الهاغاناة التي كان يترأسها دافيد بن غوريون. اجتمعت تلك الذئاب لتنقضَّ على قرية وادعة آمنة، كانت تستعد لصلاة الفجر، فذبحوها وهي ساجدة، خنقوا مآذنها فاختفى صوتها الندي، وتوقفت أنفاسها بعدما أبادوها.

لقد كانت مذبحة مروعة، راح ضحيتها أكثر من (254) إنساناً فلسطينياً بريئاً. ولكنها لم تكن سوى "إنجاز عبقري" تفاخر به مناحم بيغن في كتابه "الثورة" قائلاً: (بدون دير ياسين ما كان ممكناً لإسرائيل أن تظهر إلى الوجود). أما منظمتا إتسل وليحي فقالتا: (لقد كانت المجزرة في دير ياسين واجباً إنسانياً).

تلك الجريمة التي وثقها "جاك رينيه"، رئيس بعثة الصليب الأحمر الدولي في فلسطين، والذق قام بنفسه بزيارة دير ياسين وفحص القبر الجماعي، وشاهد الجثث، ووضع تقريراً عن ذلك باللغة الفرنسية.

وللمرة الألف تسأل مأساة دير ياسين القيادة الفلسطينية: هل ثمة وجودٍ "لسلام الشجعان" على هذه الأرض، والدولة الصهيونية تبقر بطنها، وتذبح إنسانها؟ أليس من "الواجب الإنساني" أن تتوقفوا فوراً عن خداعنا وخداع أنفسكم بهذه الهرطقات التي طرأت على العقل السياسي الفلسطيني، فنخرت في فكر الشعب، وأتلفت بعضاً منه لصالح المشروع الصهيوني؟

 ثلاثة أقمار تنطفئ في فردان

في العاشر من شهر نيسان (أبريل) لسنة 1973م، نفّذ جهاز الموساد الصهيوني عملية "ربيع فردان"، نسبة إلى الشارع الذي كان يقطنه القادة الثلاثة رحمهم الله، وقد أسفرت العملية عن استشهاد القادة (كمال ناصر، كمال عدوان، وأبو يوسف النجار وزوجته).

كمال ناصر ضمير الثورة، سياسي، وشاعر، من مواليد بيرزيت عام 1924م، انتخب عضواً في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عام 1969م، وتولى رئاسة دائرة الإعلام والتوجيه القومي، ومجلة فلسطين الثورة. ترك مجموعة من الأعمال الأدبية والشعرية والنثرية. عندما سمع دوي الرصاص قريباً من بيته، هرع إلى سلاحه، وترك قلمه على أوراقه، حيث كان يكتب مقالاً عن صديقه الشاعر المرحوم عيسى نخلة، لكنَّ ثلاثين رصاصة أفرغت في جسده، حالت دون نهاية وفيّةٍ للمقال، ونهاية لمشروع تحرير فلسطين الذي حمله الشهيد رحمه الله أمانةً في عنقه.

 

كمال عدوان، ولد في بربرة عام 1935م، اختير عضواً في أول مجلس وطني فلسطيني عام 1964م، وكان عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، وتولى مسئولية جهاز الإعلام فيها.

وفي المؤتمر الثالث لحركة فتح، الذي انعقد في 1/1/1971م، جرى انتخابه عضواً للجنة المركزية لحركة فتح، وجرى تكليفه بالإشراف على القطاع الغربي (المسؤول عن المهمات والأنشطة السياسية والعسكرية في الأرض المحتلة) واستمر في قيادة تلك المهمة حتى لحظة استشهاده.

محمد يوسف النجار (أبو يوسف)، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير. كان دائماً يؤكد على رفض القرار (242) ويصر على القتال حتى النصر.

عندما سمعت زوجته دويَّ الرصاص، أسرعت للبحث عن مسدسه، لكنَّ وحدة الموساد كانت قد سبقتها، فأطلقت الرصاص، فتصدت لهم بجسدها في محاولة للدفاع عن زوجها القائد، لكن الرصاصات اخترقت جسدها، وجسد "أبو يوسف" رحمهما الله.

ثم جاءنا من رفاق السلاح من يتحدث عن "سلام الشجعان"، واليوم –بالكاد- يتحدثون أو يحصّلون "سلام الخرفان"!

يُذكر أنَّ القيادة الفلسطينية التي عادت إلى "غزة-أريحا" على ظهر اتفاقية عرجاء اسمها "اتفاقية أوسلو"، بعدما انحرفت عن درب الشهداء الأبرار، أطلقت أسماء القادة الثلاثة على مفترقات طرق، وطرق رئيسة، ومستشفيات، وقاعات جامعية، ثم ذهبت بعدها لاستكمال مشروع الاستسلام والتخاذل، والنتيجة بعد عشرين عاماً من المفاوضات كانت خيبةً من مسافة صفر!

 أسد فلسطين مضرّج بدمه

ليس عجباً أن يصبح ذلك الطفل الذي كان يقف أمام مخبز الطابون، ليشم رائحة الخبز الشهيّ دون أن يشبع منه، قائداً لحماس بعد شيخها؛ شيخ الإنسانية أحمد ياسين. كان الدكتور عبد العزيز الرنتيسي يجمع في صدره قلبين، قلب طبيبٍ للأطفال، وقلب أسدٍ غاضبٍ لا يهادن محتلاً لوطنه، حتى لو كان دمه ثمناً للفكرة التي آمن بها، والوطن الذي دافع عنه.

لقد اختار الطبيب الثائر أن يعيش مجاهداً، مدافعاً عن وطنه وشعبه حتى الرمق الأخير، وحين سألوه فيما إذا كان يخشى طائرات شارون أجابهم: "إنَّه الموت، بالأباتشي أو بالسرطان، وأنا أفضل الأباتشي". وقد كان أن اغتالته الطائرات الآثمة يوم السابع عشر من نيسان من سنة 2004م. كم كنت جواداً أيها الفارس النبيل، وأنت الذي رددت هذا البيت حتى ارتبط بعطائك وشهادتك: الجود بالمال جود فيه مكرمة ** والجود بالنفس أسمى غاية الجود!

يا أسد فلسطين، لم يعد يسودنا إحساس بالقهر والحزن، لقد تعلمنا كيف نقهر حزننا، ونقاتل واقفين حتى النهاية. تعلمنا كيف نجعل الكلمة الصادقة النابعة من القلب العاشق لفلسطين صنو الفعل الصائب، والتنفيذ العملي لما نؤمن به.

 أما بعد:

كيف لا تزال "القيادة الفلسطينية" مقتنعة بخيار التسوية، وبحلول السلام في فلسطين، والدولة الصهيونية تذكرنا كل يوم باستحالة ذلك، فلا العقيدة الصهيونية، ولا التاريخ الأسود الذي خلفه العدو، ولا الواقع المرير الذي نحياه يومياً، تبشر أنَّ ثمة أمل في أن يعيش "الطرفان"، "الجيران" -على حد تعبير عباس- في تبات ونبات!

فهل سنحاكِم مجرمي الحرب، ومتى سنقاضي الدولة الصهيونية على ما اقترفته من جرائم يندى لها جبين الإنسانية، وهل انضمامنا للمحكمة الجنائية الدولية سيتساوى مع عدمه؟ الأسئلة أكثر من أن تعد، والإجابة واحدة: لا بديل عن المفاوضات إلا المزيد من المفاوضات!

وصدق شاعرنا عبد الرحمن بارود حين قال:

يا حمامَ السلام، عُدْ يا حمامُ    

لا يفلُّ الحسامَ إلا الحسامُ!