أرض كنعان/ غزة/ إنها العاشرة مساءً عندما بدأ المجاهدُ "أبو السعيد" في ارتداءِ بدلته العسكرية، وحملِ سلاحه، وقد ودع أبنائه وزوجته، وخرج من منزله متجهاً نحو نقطة رباطه المتقدمة، وعندما وصل إلى المكان المتفق عليه، طلب من أفراد مجموعته الانتشار في النقاط المتفق عليها سابقاً، لتبدأ رحلة "ليلة رباط في سبيل الله عز وجل"، ولكل ليلة قصة وحكاية.إنها ليلة من ليالي "العشر الأواخر من رمضان" فيها الأجرُ العظيم والثواب الكبير، فكيف إن كانت جهادٌ ورباطٌ في سبيل الله عز وجل، فالأجرُ مضاعف والثواب أكبر.
حالُ المجاهدين
يتناوب المجاهدون القساميون على الحراسة والعبادة، فمنهم من يصلي ويدعو الله أن ينصر المجاهدين ويسدد سهامهم ورميهم إلى صدور أعدائهم، وأن يفك قيد الأسرى الأبطال، وأن يختم لهم بشهادة في سبيل الله.ومنهم من يمسك بمنظار عسكري يراقب الحدود والنقاط المتقدمة وسير الآليات العسكرية الصهيونية، تحسباً لأيّ غدر صهيوني بحق شعبنا الفلسطيني المجاهد، والانتباه لتحرك آليات الاحتلال ورصدها وإبلاغ الأخوة أولاً بأول.وتحت شجرةٍ تجد مجاهداً أخراً يدعو الله، بأن يمكن الله للإسلام والمسلمين في كافة بقاع الأرض، وأن ينصر الله عباده المؤمنين ويرد كيد عدوهم إلى نحورهم.وهناك بالاعتماد على ضوء أحد الكشافات الصغيرة، تجد المجاهد "أبو حمزة" ممسكاً بمصحفه، يتلو آياتِ الله بكل خشوعٍ وتدبر، ويكررُ آيات الجهاد والاستشهاد في سبيل الله تعالى.وتجد هناك جنوداً من القسام قد فرغوا وقتهم للحراسة وتفقد السلاح والعتاد العسكرية والتأكد من جاهزيته، استعداداً لأي اشتباك مع العدو الصهيوني الذي يتحين الفرصة للإيقاع بالمجاهدين.
أرواحنا وهبناها لله
" أرواحنا .. أولادنا .. أهلنا .. دماؤنا .. كلها لله" فلقد وهبنا كل شيء في سبيل الله، فالله اشترى .. وقد ربح البيع بإذن الله" بهذه الكلمات بدأ القائد الميداني "أبو السعيد حديثه"ويضيف: لقد ودعنا أهلنا وكل من خلفنا، من أجل هدف واحد، ألا وهو رضا الله عز وجل، وأن نكون مجاهدين مرابطين في سبيل الله تعالىأما المجاهد "أبو المعتصم" فيقول: لقد غبنا الليلة عن المساجد، ليس تقصيراً في حق الله، بل لنيل أجر عظيم، وهو أن نكون عيوناً ساهرة على راحة شعبنا الفلسطيني وحمايته من الاحتلال وأعوانه.ويضيف: نقضي ليلة الرباط ما بين التناوب على الصلاة والدعاء وقراءة القرآن، وما بين الحراسة والرباط على الثغور، ونحن على أتم الجاهزية وفي حالة ترقب، لنحافظ على أمن شعبنا المجاهد.ويعيش المجاهدون القساميون أجمل اللحظات الإيمانية في ظل العشر الأواخر من رمضان، ما بين عبادة وحراسة، وما زال شعارهم " وإنه لجهاد جهاد .. نصرٌ أو استشهاد"