أرض كنعان/ القاهرة/ من داخل خيمة اعتصامه بميدان نهضة مصر، أمام جامعة القاهرة، وعلى وقع الهتافات الرافضة لعزل الرئيس محمد مرسى، والمطالبة بإقالة الفريق أول عبدالفتاح السيسى، وزير الدفاع، حديث مع وزير التموين المستقيل باسم عودة، حيث أكد ان مكتب وزير الدفاع حاول الاتصال به لعرض حقيبة التموين عليه فى الحكومة الجديدة، لكنه رفضها.
وأضاف عودة: «لن أتعاون مع من انقلبوا على الشرعية وإرادة المصريين»، وتابع: «تصريحات السيسى التى كان يعلن فيها احترامه للشرعية وإيمانه بالتغيير عبر صناديق الانتخابات لم تكن سوى خطة خداع استراتيجى لما وصفه بالانقلاب العسكرى، فالسيسى متأثر بشخصية جمال عبدالناصر، لكنى أقول له البلد تغيرت».
• ما هى السيناريوهات المتوقعة من وجهة نظرك للمرحلة المقبلة؟
ــ مصر تمر بفترة صعبة للغاية يتم فيها إهدار إرادة الشعب على مرأى ومسمع من الجميع، فما نعيشه هو انقلاب عسكرى، نرفضه جملة وتفصيلا، وليس له مسمى آخر، وكنا نظن فى البداية أن المختطف هو السيد رئيس الجمهورية، ولكن بعد سلسلة من الإجراءات الديكتاتورية والفاشلة بالقبض على رموز سياسية ودينية وانتهاك حرمة المنازل وغلق قنوات فضائية ومنع صحيفة الحرية والعدالة، من الصدور، واحتماء البلطجية واعتدائهم على المواطنين وهم خلف سيارات الشرطة ومدرعات الجيش، وهو ما رأيته بعينى، عرفنا أن الوطن هو المختطف، وليس مرسى.
• تعاملت مع الفريق أول السيسى من خلال لقاءاتكم بمجلس الوزراء.. فى تقديرك ما الذى أدى لتغيير العلاقة بين الرئيس والفريق؟
ــ ما رأيته من إجراءات أثناء انقلاب 3 يوليو يوضح وجود مخطط تم الإعداد الجيد له منذ فترة، فالواضح أنه كانت هناك اتصالات واتفاقات بين جهات اقليمية ودولية وكيانات داخل مصر، بحيث ينتهى البيان الذى تحدث فيه وزير الدفاع عن ميثاق شرف إعلامى، وبعدها بلحظات تنطلق قوات أمن تقتحم القنوات الفضائية الاسلامية، وليست الدينية، لأن الفضائيات المسيحية تعمل بحرية، ويتم فى نفس الوقت اعتقال رئيس أكبر حزب سياسى، فى حين أن الحزب الذى حصل على 3 % فقط فى آخر انتخابات برلمانية يكلف بتشكيل الحكومة.
• البعض يرى أن الموقف الأمريكى كان داعما للإخوان. وأنتم تروجون عكس ذلك؟
ــ يجب الا نتخلى عن المنطق والعقل فى التفكير، فأمريكا واسرائيل تلعبان ادوارا تكمل بعضها البعض، فانظر إلى اسرائيل كيف تقيم الانقلاب وستعرف ما هو الموقف الأمريكى، فالصحف العبرية احتفلت بالانقلاب العسكرى، وامريكا من المستحيل أن تكون مدافعة عن الحريات فى مصر، لأن محمد مرسى كان يرغب فى خلق إرادة وطنية للدولة وهو بلا شك لم يكن يحظى بترحيب أمريكى.
وعلى سبيل المثال انا فى وزارة التموين التقيت مرتين بالمستشار الزراعى للسفارة الأمريكية، وكان دائما يرى أنه ليس من الصحيح أن نعتمد على القمح المصرى، وأن الصحيح ان الدولة تعتمد على توريدات القمح من الولايات المتحدة، ولحين وجودى فى الوزارة دفعنا 9.5 مليار جنيه للمزارعين، قيمة القمح الذى اشتريناه منهم. والحمد لله، البعض تحدث أن مصر مقبلة على مجاعة فى شهرى يناير وفبراير، وأثبتت الايام أن كل هذا كانت مجرد شائعات وأمنيات مغرضة، فالحكومة فى ظل ظروف صعبة ودولة عميقة وتحركات من بعض المؤسسات، لإفشالها استطاعت ان تصمد وتحسن بعض الخدمات.
• بماذا تفسر حل أزمة البنزين وعدم انقطاع الكهرباء بعد عزله مرسى مباشرة ؟
ــ الاهم من الاجابة عن هذا السؤال، هو أننى لدى قلق شديد على الخدمات وجودة رغيف العيش وسعر اسطوانة البوتاجاز وقلق على توافر السلع التموينية بالجودة والتوقيتات التى ينتظرها المواطن، وهذا القلق ليس اوهاما بل تخوفات حقيقية.
• وما سبب هذه التخوفات؟
ــ أن منظومة الرقابة التى قمنا ببنائها فى الوزارة بدأت تتراجع لصالح مجموعات الفساد والمصالح الشخصية، والجميع يعلم قبل الثورة من الذى كان يحصل على ترخيص مستودعات البوتاجاز ومحطات البنزين ومخابز العيش، فقبضة الدولة ستتراجع لصالح مجموعات المصالح.
• د. حازم الببلاوى أعلن انه عرض على الإخوان المشاركة فى حكومته هل حدث.. وما حقيقة عرض حقيبة التموين عليك؟
ــ الدكتور الببلاوى لم يتصل بى ولكن من قام بالاتصال بى كان مكتب وزير الدفاع حيث حاول الوصول لى من خلال الاتصال بمكتبى ولكنى فى ظل هذا الظرف التاريخى، رفضت لأن الإنسان مبدأ والرجل موقف وانا لا يمكن ان أقبل أن أتعامل مع مجموعة انقلبت على الشرعية واغتصبت البلد.
• ألا ترى تناقضا فى عرض الوزارة عليك فى حين يردد الإعلام الرسمى أنكم إرهابيون؟
ــ تعاهدنا مع انفسنا ألا نرد على اتهامنا بالإرهابيين ولكن سنترك الفعل هو الذى يعبر عنا فالجميع يرى من يقال عنهم إنهم ارهابيون فى قلب مدينة نصر بجوارهم وزارة الدفاع، ومبنى الشئون المالية للقوات المسلحة، لم يتم مس ورقة شجر، ولم يمس احد منا هذه المنشآت بأى سوء.
• هل ترى تشابها بين ما حدث فى 2013 وسيناريو 1954؟
ــ واضح بدرجة كبيرة ان الفريق أول عبد الفتاح السيسى متأثر بما حدث فى عام 54 وبشخصية جمال عبدالناصر، ولكنى اقول له ان البلد تغير، ومصر 2013 ليست مصر 1954 وبالتالى الشعب لن يستسلم والملايين ستظل فى الميادين ولا يمكن ان نسمح ان نرجع مرة اخرى.
• ما هى الخيارات المتاحة أمامكم الآن؟
ــ لا يوجد امامنا سوى الضغط السلمى بكافة الوسائل مهما استشهد منا ومهما تم الاعتداء علينا ومهما تم تشويهنا فى الاعلام.
• ما هى الحالة التى تقبلون معها الجلوس على مائدة تفاوض؟
ــ عودة الدستور، لأنه هو الذى يحكم بين جميع الأطراف، فضلا عن ذلك، فالإعلان الدستورى الذى صدر، مؤخرا اعترض عليه الجميع ممن شاركوا القوات المسلحة، وعندما يرجع العمل بالدستور نتحدث وقتها، فالقوات المسلحة انقلبت على انتخابات هى أول من شهدت بنزاهتها وعدالتها وجميع الانتخابات تمت وقت أن كانوا يقودون المرحلة الانتقالية ويؤمنون اللجان. وللأسف ما حدث من انقلاب كان عملا مخططا ومنظما وأنا أعرف القوات المسلحة جيدا وتعاملت مع الفريق اول السيسى لمدة 6 أشهر فالقوات المسلحة «مش بتاعة احداث فجائية ولكن تقوم بالدراسة والتخطيط والترتيب والتدريب والتنفيذ».
• ما هو موقفكم من إجراء مصالحة وطنية؟
ــ نحن مع المصالحة الوطنية وهى مطلب أساسى وضرورى لكل المصريين ولكى تتحقق لابد من إطار يرسمها، وهذا الاطار هو الدستور المصرى.
• من الذى يقوم نيابة عنكم بتنفيذ هذه المصالحة إذا كنتم لا تعترفون بالحكومة الجديدة وتعتبرون ان القوات المسلحة انقلبت عليكم؟
ــ الدستور يقول لنا من ينفذ ذلك، أو نختار لجنة من شخصيات وطنية مرموقة ومحايدة وتجمع كافة الفرقاء وهو نفسه ما كان قاله الرئيس محمد مرسى، يوم 2 يوليو، ووجدنا بعد ذلك ان خطاب السيسى بعد الانقلاب اخذ مقاطع كاملة من خطاب الرئيس.
• منذ شهر تقريبا قال السيسى إنه من يريد التغيير عليه بصناديق الانتخابات بما يعنى انه لم تكن لديهم نية لما تصفه بالانقلاب؟
ــ كافة تصريحات السيسى المتعلقة بحماية الديمقراطية والتغيير عبر الصناديق كانت خداعا استراتيجيا.
• فى النهاية.. ما هو موقف مخزون السلع الاستراتيجية وكم يكفى؟
ــ آخر قرار اتخذته قبل ترك الوزارة بعد الانقلاب هو مد صرف السلع التموينية لشهر يونيو لمدة اسبوع إضافى، حتى يتمكن المواطنون الذين اعاقتهم الاوضاع السياسية المضطربة للبلاد من الحصول على مستحقاتهم التموينية وحتى آخر يوم لوجودى فى مكتبى فى 2 يوليو كنت اتابع وصول السلع التموينية لكافة المحافظات، وفيما يتعلق بمخزوننا من القمح جيد جدا ويكفى حتى ديسمبر المقبل، والسكر حتى نهاية 2013، والزيت كافة تعاقداته مستقرة.
