بقلم: أ.د. محمّد حافِظ الشّريدة
قالَ اللّهُ تَعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ تَتجلّى في هذه الآية الكريمة مَعشر الإخوَة المسلمين المَنزلة العاليَة وَالمكانة السّامِية لمدينة القُدس عاصِمة فلِسطين وَالقِبلة الأولى للمؤمنين وَالتي خَصّها اللّه رَبّ العالَمين بالمسجد الأقصى ثاني مَسجد بُني في الأرض للعابِدين وَثالث المساجد التي تُشدّ إليها رِحال عبادِ اللّه الصّالحين!
فَمِن الأقصی: كانت رِحلة الإسراء بِخاتَم الأنبياء محمّد ﷺ! وَمِنه تمّ المِعراج إلى السّموات وَإلی سِدرَة المُنتهی وَبِحادثة الإسراء ارتبَطت القُدس بالعالَم العربيّ وَالإسلاميّ! وَأصبح الدّفاع عن فلِسطين دفاعاً عن هذا الدّين.. وَالتّقصير في ذلك أكبر تَفريطٍ في جَنبِ الإسلام وَالمسلمين!! وَكأنّما أُريدَ بالإسراء الشّريف وَالمِعراج المُنيف: إعلان وراثَة مَن جاء بهذا الدّين الحَنيف ﷺ لِرسالات مَن قَبلَهُ مِن المُرسلين عليهم الصّلاة وَالسّلام أجمعين!
إضافَة لذلك: فإنّ الإسراء إلى الأرض المُباركة فلِسطين: فيه رَبطٌ بَين البُقعتين المُبارَكتَين: الجزيرة العربيّة وَالدّيار الشّاميّة حيث تمّ هذا الارتباط مرّة في عَهد سُليمان عليه السّلام حين جَمع بين مُلْكِ فلِسطين وَمُلْكِ الحِجاز وَاليَمن وَكان هذا الرّبط إحدی ثَمرات الحُكم الإسلاميّ الرّشيد الذي أقامَه سُليمان بن داود عليهما السّلام في فلِسطين في الشّمال وَاليَمن السّعيد في الجنوب وَمرّة أخری حين أسرى اللّهُ تعالى بِرَسوله ﷺ من مَكّة المكرّمة إلى بَيت المَقدِس!
وَمِن المَعلوم: أنّ رَسولنا محمّداً ﷺ هو خاتَم النّبيّين وَرِسالته خاتمة الرّسالات وَأمّته آخِر وَخير الأمَم وَلن تَتحرّر فلِسطين مِن جَديد: إلّا على أيدي مُجاهدين أشاوِس أُسود سِيماهم في وُجوهِهم مِن أثَر السّجود! نَعم لن تَتحرّر أرض المَحشَر وَالمَنشَر: إلّا بِرَفع رايَة اللّه أكبَر لا رايَة السّرطان الأحمَر أو الشّيطان الأكبَر نَعم لن تتَحرّر فلِسطين إلّا إذا أخرِسَت أصواتُ العَلمانيّين وَسَقطت رايَة اليَسار وَاليَمين! فقد فتَح الإسلامُ بَلدنا فلِسطين وَحرّرها من الصّليبيّين وَلن تعودَ لنا إلّا بهذا الدّين.. وَلا فَرق بين طاغوتٍ عربيّ وَأجنبيّ!
وَنُعلِنُها صَريحةً مُدَوّيَةً في كلّ نادٍ وَعلى رؤوسِ الأشهاد وَفي جميعِ البِلاد نَعَم لأحكامِ الشّريعة الإسلاميّة لا لِلعَلمانيّة وَالقوميّة وَالرّأسماليّة وَحُثالة السّيداوِيّة اليَساريّة! نَعَم ستَبقى فلِسطين إسلاميّة إلى أن يَرِث اللّهُ الأرضَ ومَن عَليها.. وَلن يَنجح الاحتِلال في سَرِقتها أو تَفريغها مِن أهلِها وَلَن يَنجَح كذلك أشباهُ الرّجال: الذين يَتَبنّون غير أحكامِ الإسلام وَيَدّعونَ أنّهم رُموز الوَطنيّة في طَمس هوِيّتَها الدّينيّة!!
قالَ رَبّ البَرِيّة: ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا﴾ سَيَتِمّ تَحريرُ أرضِ فلِسطين على أيدي الأبطالِ الصّناديد.. لا على أيدي العَلمانيّين العَبيد دُعاة التّغريب المَناكيد.. وَإِنّ غَداً لِناظِرِهِ قَريب فَقَرّ عَيْناً أيّها المُرابِط الحَبيب!!