استطاع عدد من الفلسطينيين في أوكرانيا مغادرتها وآخرين الخروج من المدن التي تشتد فيها المعارك، فيما اضطرت أعداد للبقاء حيث يقيمون في ظل تسارع التوغل الروسي في عدة مدن أوكرانية.
وأعلنت أوكرانيا صباح الخميس الماضي، أن روسيا بدأت غزواً واسع النطاق لأراضيها، وذلك بعيد إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إجراء عملية عسكرية خاصة في إقليم دونباس، فيما قالت "إنه عملية عسكرية واسعة النطاق للدفاع عن الانفصاليين الموالين لموسكو في شرق هذا البلد".
واشتدت وطأة النزاع الروسي الأوكراني في ساعات صباح اليوم السبت، حيث بدأت القوات الروسية مهاجمة العاصمة كييف من عدة اتجاهات، بينما ذكر الجيش الأوكراني أنه تصدّى لهجوم روسي على قاعدة عسكرية فيها.
ويبلغ عدد الجالية الفلسطينية في أوكرانيا نحو ٢٥٠٠ شخصاً، ومؤخرًا قال رئيس الوزراء محمد اشتيه "أنهم جميعاً بخير".
ظروف صعبة
لكن عدد من أبناء الجالية أفادوا في بأنهم يواجهون ظروفًا صعبة في عدة مدن خاصة كييف وتلك القريبة منها على بعد عدة كيلومترات، خاصة منها ما يتعلق بعدم قدرتهم على توفير المواد الغذائية بسبب سحبها بالكامل من المحال التجارية، وأخرى متعلقة بعدم توفر المحروقات الكافية لإيصالهم بالسيارات إلى مدن أقل خطرًا.
وقال الطبيب الفلسطيني يحيى الشيخ المقيم في العاصمة كييف "إن الأوضاع في كييف صعبة للغاية مع بدء دخولها، إلا أن أوكرانيا لا تزال تمسك بزمام الأمور ولم تسقط المدينة".
وأضاف "كل القصف الأن في العاصمة وبشكل كثيف، وبالرغم من سيطرة الأوكرانيين إلا أن الخطر كبير، ونحن لا نملك سوى البقاء في المنازل".
وأشار إلى أن الفلسطينيين في كييف يبلغ عددهم حوالي 560 فلسطينياً، عدد منهم غادر وأخرين لا زالوا فيها، ويلتزمون بمنازلهم لأنه لم يعد أمامهم بد من ذلك.
وفي مدينة خاركوف القريبة من العاصمة، أفاد عمرو عمرو من أبناء الجالية الفلسطينية أن القوات الروسية موجودة في ضواحي المدينة، قائلًا: "هناك خطر حقيقي حولنا، ولا نستطيع الخروج من المدينة لعدم توفر البنزين، والكميات المتوفرة لا تكفي لإيصالنا لنهاية الطريق بحال غادرنا المدينة".
وأضاف "لا يوجد محطات لتعبئة المحروقات، بالإضافة لذلك هناك شح تام في المواد الغذائية، نظرًا لسحب السكان لجميعها من كل المحال في الساعات الأولى لبدء الحرب".
ووصف أوضاع الفلسطينيين في المدينة "عددنا ما بين 450 إلى 500 فلسطيني، وهم حتى الأن في ذعر وخوف".
وأشار إلى أن القوات الروسية متواجدة في المدينة، بالإضافة إلى أن الخطر القادم يكمن في أن هذه المدينة قريبة جدًا من العاصمة كيف، وتبعد عنها 40 كم.
كما قال عمرو: "حتى لو توفرت المحروقات لمغادرة المدينة فإننا بحاجة لطريق أمن وهذا غير متوفر، لا يوجد أي طريق مؤمن لا من الأمم المتحدة ولا من أي منظمة، لذلك نحن مضطرون للبقاء بمنازلنا، ونزل الملاجئ حين القصف".
الساعات القادمة حاسمة
من جانبه، قال مسئول الجالية الفلسطينية أشرف عباهرة المقيم في مدينة أوديسا الأوكرانية : كجالية في المدينة عددنا 420، وهناك أخرين يقيمون في مناطق قروية لا نعرف هل غادروها أو لا".
وأشار إلى أن مسئولي الجالية شكلوا منذ اللحظة الأولى للحرب الباردة بين الطرفين لجنة طوارئ لمتابعة أوضاع أبناء الجالية في معظم المدن الأوكرانية، وهناك من خرج من أوكرانيا بإرادته، وهناك من غادر مدن فيها خطر كبير إلى مدن أقل خطر".
وأضاف "هناك عدد تم إخراجه أمس الجمعة إلى دولة مولدوفا القريبة لأوكرانيا بالحدود معها، وسبق أن تم إخراج أخرين، إلا أن أعداد أخرى لا تزال في أماكنها".
وأفاد بأن 13 فلسطينيا من الداخل خرجوا اليوم بالإضافة لاثنين من رام الله وعائلة من 5 أفراد بريًا إلى مولدوفا، بالرغم من خطورة الأوضاع ووسائل المواصلات.
ووصف الأوضاع بالمدينة بالقول "فارغة لا أحد فيها وهي كمدينة أشباح، وبحمد الله غادر عدد إلى بر الأمان، إلا أن ما يقارب 250 لا زالوا فيها".
وذكر أن هجوم خيرسون نيكولاي يشتد وأن الساعات القادمة سيحسم الأمر بالتصعيد من عدمه، خاصة في ظل وجود قصف بأطراف المدينة، لكنه توقع "أن يكون هناك دخول للقوات في ساعات المساء القادم أو صباح غدٍ حسب التقييمات حولنا".
وأكد أن كافة الفلسطينيين بالمدينة وفي غيرها وخلال التواصل معهم من خلال الجالية، ملتزمون بمنازلهم وتتوفر الملاجئ في العمارات السكنية التي يقيمون فيها، بالإضافة لوجود تواصل عبر عدة أرقام للاطمئنان ومعرفة تطورات الأوضاع طرفهم أولًا بأول.
وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قد توقع قبل ساعات أن يقتحم الجيش الروسي كييف خلال الليل، داعياً الأوكرانيين إلى حماية العاصمة.
وفي مقابل ذلك، أكدت روسيا بدء هجومها على كييف، إلا أن وزارة الدفاع فيها قالت "إن الجيش الروسي عزل كييف من ناحية الغرب"، مشيرة إلى أنها لن تقصف المناطق السكنية في العاصمة.
ولكن الحرب لا زالت تشتد في العديد من المدن الأوكرانية، وذكرت وزارة الدفاع الروسية أنها قتلت أكثر من 200 عنصر من الوحدات الخاصة الأوكرانية، خلال معاركها للاستيلاء على مطار غوستوميل، فيما قتل أخرين في قصف مدن أوكرانية عدة.