بقلم / موسى الفرعي
فلسطين كما قال شاعرها الكبير محمود درويش ” أم البدايات .. أم النهايات “، وفي العصر الحديث وظل الإرهاب الممارس على ترابها المبارك والكائن الأهم والأكثير تأثيرا عليه الإنسان، في ظل ذلك كله فلسطين مؤشر الكرامة العربية والإسلامية، ووحدة قياس المروءة والرجولة والإنسانية، وأي مساس بها هو انتهاك لكل ذلك، وها هو العدوان الصهيوني الغاشم يعاود ممارسة ما يتقنه وهو الإعتداء على العزّل والأبرياء وانتهاك حرمات البيوت وقتل الأطفال والنساء وتهجير أهل المكان، ولكن المقاومة الشريفة تمارس دورها أيضا بتلقين الكيان الصهيوني درسا جديدا، ها هي تدافع حتى الرمق الأخير وتقذف الرعب في قلوب المعتدين.
وليس جديدا أن يعلن الغرب المدعي للحريات وحقوق الإنسان مساندته ودعمه للكيان الصهيوني في حربه ضد الإرهاب كما صرح نائب الرئيس الأمريكي، وذلك لأن الحوار بينهم لا بد أن يكون بين صدر ورصاصة شريطة أن يكون الصدر صدرا عربيا، وإلا فإن كل شيء عدا ذلك هو إرهاب، ليس غريبا على بعض البلاد الأوروبية وفرنسا مثالا على تزوير الأوجه وتقنيع المبادئ فإن الإساءة في العرف الفرنسي للأنبياء والمقدسات حرية تعبير يقاتل من أجلها، أم الإرهاب الإسرائيلي وقتل الأطفال والأبرياء وتهجير الناس من منازلهم فتلك في عرفهم حرية حياة كاملة لكنها ملكية خاصة بإسرائيل، ليس غريبا كل ذلك وبكل تأكيد نستثني البعض ممن تجري الإنسانية في عروقهم ممن خرجوا ينددون ويتظاهرون انتصارا للإنسانية، كل ذلك أمر طبيعي إلى حد كبير حين ندرك أن المصالح لدى أولئك تأتي في مقدمة الأشياء، وأن الوسيلة تبرر غايتهم حتى وإن تهشمت الآدمية تحت أقدامهم، ولكن أين الأنظمة العربية المطبِّعة مع الكيان الصهيوني من كل ذلك، حتى وإن تشابهت الغايات والوسائل أين هم من العروبة والدين أين هم من الإنسانية.
وأحسب أن ما يحدث في فلسطين العزة والكرامة وفي غزة بالتحديد يحمل تنبيها سماويا لإصلاح ما أفسدوه وذلك بالإنسحاب من هذا التطبيع المخزي، فهو شيء يعتذرون به لأبناء جلدتهم ودينهم ولسانهم، وحجة لدى فرعونهم تبرر الغياب والانسحاب، إن الهدف الصهيوني من كل هذا الدمار والدماء هو أن نتنياهو يسعى وراء مكسبين الأول تفتيت الداخل الفلسطيني ولكن الله أخزاه فتوحدوا واتفقوا وأصبحوا يقذفون الرعب في قلوب إسرائيل كلها، والثاني ترجيح كفته في الانتخابات الإسرائيلية ولكنه كان سببا لما تشهده إسرائيل واليهود من نتائج جهاد الدفع الذي حصدت إسرائيل نيرانه ووابله، وفي ظل هذه الصورة المليئة سماؤها بالصواريخ والأرض المحترقة ثمة جانب ولا أشرف منه.
وهو تحرك الشعوب بالمظاهرات المتضامنة مع الحق الفلسطيني المقدس في كل بقاع الأرض العربية الإسلامية والغربية أيضا، وصورة أخرى تحمل الآلاف من الذي يسعون إلى الحدود الأردنية ومثلهم آلاف في كل بلد عربي وإسلامي، كل ذلك يثبت أن الشعوب العربية ما زالت نقية مليئة بالمروءة والرجولة ولو فُتحت الحدود أمامهم لما بقي حجر صغير من آثار الكيان الصهيوني، لما بقي نقش ولا ذاكرة يمكن أن تحتفظ بوحشيهتم، وأما الإنسانية فقد تنصلت منهم في الحضور والغياب، فالمجد والبقاء لفلسطين أما القتلة البرابرة فلهم الزوال وزلزلت الأرض تحت أقدامهم بإذن الله، ولا عزاء للمتصهينين المطبعين.. لا عزاء للجبناء.
كاتب عُماني