شيّعت مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة أمس علمًا من أعلامها، وقامة من قاماتها، الباحث والمؤرخ عدنان أبو تبانة عن عمرٍ يناهز (56 عامًا)، قضاها بين صفوف العلم وزنازين الاحتلال الإسرائيلي.
وتعرض القيادي في حركة حماس أبو تبانة للاعتقال لأكثر من 16 مرة، قضى خلالها ما يزيد عن 10 سنوات في سجون الاحتلال.
وكان اعتقاله الأول في عمر الثامنة عشر، عام 1994، خلال سنته الأولى في دراسة التاريخ الإسلامي في جامعة النجاح الوطنية، مع بدايات انخراطه في العمل الطلابي، فهو يعد من أبرز مؤسسي الكتلة الإسلامية في جامعة النجاح.
أبو تبانة اعتقل من قبل أجهزة السلطة الفلسطينية خمس مرات، في مدة لا تقل عن ثلاث سنوات، قضى في إحداها خمسة أشهر في زنزانة انفرادية، تعرض خلالها لشتى أنواع التعذيب النفسي والجسدي، كما اعتقل أبناؤه الأربعة لدى أجهزة السلطة.
وكان أبو تبانة شغوفًا ملحًا في طلب العلم، فحصد شهادة الماجستير من جامعة النجاح، ووشهادة الدكتوراه في ذات التخصص من جامعة العالم الأمريكية.
التحق قبل أربع سنوات في جامعة القدس المفتوحة لدارسة التربية الإسلامية، وتخرج في زمن قياسي بدرجة الامتياز، وكان ينوي التسجيل لدراسة الماجستير في الشريعة الإسلامية.
وللباحث الراحل عدة كتب أبرزها كتاب "الأنس الجليل في تاريخ القدس والخليل"، وعديد الدراسات عن تاريخ "الهدَن" في التاريخ الإسلامي.
وكان أبو تبانة من أبرز رجال الإصلاح في الخليل، وناشطاً في المؤسسات والجمعيات الخيرية والثقافية، إذ أسس جمعية الفالوجة الخيرية، وساهم في تأسيس منتدى الخليل الثقافي.
عرف عنه أنه من أكثر الحريصين والداعين للوحدة الوطنية، رغم اكتوائه بنار الانقسام وتعرضه للسجن والتعذيب من قبل أجهزة السلطة.
ونشر قبل وفاته بأيام عن مسامحته لكل من ظلمه أو أساء له، عدا أحد أفراد الأجهزة الأمنية الذي بصق في وجهه أثناء رفعه آذان المغرب في شهر رمضان داخل سجون السلطة الفلسطينية.
عز الدين نجل أبو تبانة يقول لــوكالة "صفا"، إن والده هاتفه قبل وفاته بأيام، مستبشرًا برؤيا فسرها باقتراب الفرج وزوال المحنة في 25 الشهر الجاري، والذي كان تاريخ وفاته.
وتوفي أول أمس الخميس متأثراً بإصابته بفيروس كورونا في أواخر الشهر الماضي، ما أدى إلى تعرضه لجطة دماغية تلاها نزيف على الرئتين.
وشيّع جثمان الراحل أمس، بمشاركة آلاف المواطنين من مسجد عثمان بن عفان وسط الخليل، رافعين رايات حماس وهاتفين بعبارات التهليل والتكبير