بقلم / حسن عصفور
لم يعد هناك من “غموض” فيما يتعلق بمسار العملية الانتخابية وفقا لمراسيم الرئيس محمود عباس، لا من حيث المضمون أو تراتبية التنفيذ، سوى هل ستتم فعلا أم يتم الهروب منها تحت “ذرائعية ما”، خاصة ما بعد المرحلة الأولى التي تختص بالمجلس التشريعي، الذي لا زال مجهول النسب السياسي، أهو لدولة غير معلنة يتم التعامل معها سرا، أم دولة ستعلن تحت الاحتلال بديلا واقعيا لسلطة وجودها بات ضررا وطنيا.
رغم تأكيدات حركة فتح ، انها ستحترم حركة الترابط بين الانتخابات الثلاث، تشريعية ورئاسية ومجلس وطني، لكن تصريحات البعض منهم تذهب وكأن الأمر ليس بتلك السلاسة ولا يوجد شرطية التنفيذ، خاصة التخبط الذي برز مؤخرا حول كيفية تعاطيهم مع تركيبة المجلس الوطني، عددا وآلية انتخابية، عدا أن مفهوم انتخابات الرئاسة أيضا مصابة بالتباس.
ويبدو أن “لقاء القاهرة الفصائلي” سيبحث وفق ما يبحث، تمديد زمن التشاور، كون الساعات الـ 72 المخصصة للنقاش لن تغلق “العقد” السياسية – القانونية، التي وضعها الرئيس عباس، سواء في المراسيم الانتخابية أو قرارات مصادرة القضاء، وغياب وضوح النظام السياسي المراد تكوينه، ومجلس وطني غير معلوم التركيب والوظيفة.
وحاولت حركة حماس ان تشن حملة إعلامية استباقية لترهيب وفد فتح، خاصة لجهة المحكمة الدستورية، وأيضا لجهة انتخابات التشريعي والمجلس الوطني، بعد ان وضعت سابقا شروطها للمرشح الرئاسي (شخصية توافقية ضمن مواقف سياسية وطنية)، ولأول مرة تجد شعار المرحلة الأولى لانتخابات المجلس الوطني بديلا لعبارة انتخابات المجلس التشريعي، وهي رسالة حمساوية واضحة، ان الهدف الرئيسي لها، أو المحطة المركزية هي منظمة التحرير وليس “السلطة”.
تكتيك حماس بالتركيز على المحطة الأخيرة وتحديدها، يأتي تقديرا موضوعيا لأن الانتخابات التشريعية لو حدثت، لن تمنحها القوة التي كانت لها في الانتخابات السابقة، ولن تحصل، أي كانت قوتها أو مفاجأة الانتخابات، بما كان لها من حضور أو مقاعد نيابية شكلت الغالبية المطلقة زائد، وهي قبل غيرها تدرك عدم حقيقة استخدام فزاعة فوز حماس لتطويق الانطلاقة السياسية الفلسطينية.
وخلافا لترويج مراكز أبحاث دولة الكيان، أو الإعلام العبري والأمريكي وبعض الأوروبي، وربما بعض أوساط الرئيس محمود عباس، فحماس لن تفوز أبدا بأغلبية برلمانية، وبالتالي لن تتمكن من تشكيل حكومة، أي حكومة دون “شراكة” مع فتح أو “كتل “علمانية” أخرى، لأن قانون القوائم النسبية لن يمنح أي كتلة انتخابية من الحصول منفردة على الأغلبية في البرلمان.
خلافا لكل التقديرات التي يتم ترويجها، فإن الخاسر الأول من الانتخابات القادمة، لو حدثت بلا أي مطبات مفاجئة، سيكون حركة حماس ذاتها، بعد تعديل القانون الانتخابي، وستجد ذاتها في “حصار ديمقراطي” داخل البرلمان وبالتالي داخل “النظام الجديد، وهو ما تعلمه جيدا قيادة حماس، ولو أنها لا تعلم فهي لا تستحق الاستمرار يوما مضافا.
الانتخابات التشريعية المقبلة ستنهي كل مكتسبات الحركة من انتخابات 2006، حتى لو انها حصلت على المركز الأول في ترتيب الكتل الفائزة، لكنها ستكون مجبرة لو اردات البقاء الحكومي، على التحالف مع فتح بشروطها وشروط الرئيس عباس، ومنها دعم ترشيحه للرئاسة ومساومة “تاريخية” في تشكيل الوطني، وفقا لنتائج المرحلة “الأولى” كما أسمتها حماس.
حماس لا فرصة لها في المشاركة بالحكومة دون فتح وعباس، فيما حركة فتح لديها كل الفرص لتحقيق ذلك، ما يضع حماس في “مأزق تاريخي”، إما البقاء على هامش السلطة أو الرضوخ لشروط فتح وعباس، وهنا ستدخل نفقا سياسيا مظلما وجدا.
هل تكون الانتخابات بداية نهاية لمحطة حمساوية والشروع بمحطة جديدة…قبولها بالنتائج سيعرض حكمها وحكومتها في قطاع غزة لزلزال سياسي – وظيفي، قد تجد نفسها مجبرة على حمايته بقوة السلاح بعد أن خدعت الجميع بأنها الفائز الأكبر…
حماس أمام معضلة لا تزال تهرب منها…ولكن بعد لقاء القاهرة ستدرك أن طريقها نحو عهد الخسارة السياسية قد بدأ…
حماس قبل غيرها الخاسر الأكبر حتى لو فازت بالترتيب الأول…
ولا زال في الأمر بقية!
ملاحظة: يد إسرائيل الطويلة على سوريا وسط “ضجيج” التهديد الإيراني وبعض تحالفه يكشف أن حبل “الجعجعة” قصير…الصمت خيرا!