قوبل إعلان الديوان الملكي المغربي موافقته على تطبيع العلاقات مع الكيان الإسرائيلي برفض شعبي وحزبي واسع، من كافة أطياف المجتمع المغربي، المشهود له بنصرته ودعمه المطلق للشعب والقضية الفلسطينية.
ولم يشفع ادّعاء العاهل المغربي الملك محمد السادس أنّ "موقفه الداعم للقضية الفلسطينية ثابت لا يتغير، وأن عمل بلاده من أجل ترسيخ مغربية الصحراء لن يكون أبداً، لا اليوم ولا في المستقبل، على حساب نضال الشعب الفلسطيني من أجل حقوقه المشروعة" في التخفيف من حدّة غضب الشارع والأحزاب المغربية.
وبشكل مفاجئ وغير متوقع، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب مساء الخميس موافقة المغرب و"إسرائيل" على تطبيع العلاقات وإقامة علاقات دبلوماسية كاملة بينهما بوساطة أمريكية، مقابل اعتراف أمريكي بسيادة المغرب على الصحراء الغربية.
وعلى إثر الإعلان المفاجئ، سارع الفنان المغربي الشهير رشيد غلام للتعبير عن رفضه لاتفاق تطبيع بلاده لعلاقتها مع "إسرائيل".
وكتب غلام عبر حسابه في موقع "تويتر": "اللهم إني أشهدك أنا رشيد غلام وكل أهلي وذوي أننا لا نرضى هذه الخيانة ونكره صانعيها ومن رضي بها ونلعنهم إلى يوم الدين".
وقال: "نشهدك أن فلسطين قضيتنا ولن نتنازل على حبة رمل منها ونسعى لتحريرها إلى يوم الدين".
واشتُهر الفنان المغربي بأناشيده الداعمة للقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، والتي من أبرزها "أنا اسمي فلسطيني" و"هنا غزة".
كما سارعت فعاليات ونشطاء حقوقيون في مجموعة العمل الوطنية المغربية لمساندة كفاح الشعب الفلسطيني، إلى عقد اجتماع طارئ، مباشرة بعد الإعلان الملكي عن تطبيع العلاقات مع الكيان الإسرائيلي.
ونقلت صحيفة "العربي الجديد" اللندنية عن رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع، أحمد ويحمان، تأكيده رفض مجموعة العمل الوطنية "القاطع لأي شكل من أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب"، معتبراً أن "تبرير التطبيع بقضية الصحراء أمر مفضوح وغير مقبول، وهو خضوع للابتزاز الذي صمد فيه الجانب الرسمي لسنوات، قبل أن يسقط في ربع الساعة الأخير هذه السقطة".
في السياق، أدانت جماعة "العدل والإحسان" الإسلامية المغربية المعارضة مساء الجمعة بشدّة قرار السلطات بتطبيع العلاقات مع "الكيان الصهيوني الغاصب لأرض فلسطين"، مؤكّدة أنّ القرار يتنافى مع المواقف التاريخية للشعب المغربي الداعم لإخوانه الفلسطينيين.
واعتبرت إعلان التطبيع "خطوة غير محسوبة العواقب"، مؤكّدة رفضها مقايضة أي شبر من فلسطين مقابل الاعتراف بسيادتنا على أراضينا" في الصحراء المغربية، داعية الشعب وقواه الحيّة إلى رفض الإعلان "والتصدي له والعمل على إسقاطه بكل السبل السلمية المتاحة".
بدوره، أعلن حزب التقدم والاشتراكية اليساري المغربي المعارض رفضه لخطوة التطبيع مع الكيان الإسرائيلي دون أن يوازيَ ذلك أي تقدم على درب نيل الشعب الفلسطيني لحقوقه.
ويثير إعلان الرباط تطبيع العلاقات مع "تل أبيب" العديد من علامات الاستفهام لدى الشعب والأحزاب المغربية على اختلاف توجّهاتها، لا سيّما أنّ رئيس الوزراء المغربي سعد الدين العثماني أعلن في أغسطس/آب الماضي رفض بلاده أي تطبيع مع "الكيان الصهيوني" وذلك بعد أيام من إعلان الإمارات تطبيع العلاقات مع حكومة الاحتلال الإسرائيلي برعاية أمريكية.
وبهذا الإعلان، يصبح المغرب الدولة المغاربية الوحيدة التي تقيم علاقات مع الكيان الإسرائيلي إثر قطع موريتانيا علاقاتها مع "تل أبيب" في 2010، كما سيصبح رابع دولة عربية توافق على التطبيع خلال 2020 بعد الإمارات والبحرين والسودان.
وكانت مؤسسات مغاربية عدّة نظّمت مؤتمر "مغاربيون ضد التطبيع" في أكتوبر الماضي، وأكّدت خلاله على أنّ " "فلسطين قضيّة الأمّة جمعاء وهي في قلب كلّ مواطن مسلم وحرّ، وأنها في قلوب المغاربة مكانةٌ لا تطاولها أيّة مكانة على الإطلاق".
وشدّد المشاركون على أن "الكيان الصّهيونيّ كيانٌ محتلّ غاصب وهو معادٍ للأمّة كلّها"، مؤكّدين على أنّ "أيّ اعترافٍ بحقٍّ للكيان الصّهيوني في أرض فلسطين هو اعترافٌ باطلٌ شرعًا وقانونًا (...) وخيانةٌ لله ورسوله والمؤمنين وخيانةٌ للقدس والمسجد الأقصى المبارك".