من وسط الجموع الغفيرة، انتفضت والدة الشهيد الطفل علي أبو عليا، تقبل جبينه قبل حمله على الأكتاف لمواراته ثرى قريته الواقعة شمالي رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة.
تلك هي آخر نظرة من الأم التي انفجرت بكاء على فلذة كبدها الذي رحل مبكرا عن عينها، والذي لا يزال الأقرب لقلبها.
"الله يرضى عليك يا علي .. فش بعد علي.. حنون"، هذه العبارات التي رددتها أمه بعد دفن ابنها وانهالت بكاءً.
الطفل علي الذي قضى شهيدا برصاص الاحتلال في قرية المغير، أفجع قلب أمه، وهي ذاتها التي ودعت نجلها الأكبر قبل أعوام مفارقا الحياة إثر مرض عضال.
وبصوت أشبه بالهمس، يقول بسام شقيق الطفل الشهيد: "ما بقدر أوصف الشعور اللي أنا عايشه"، ثم خيم السكوت على المكان.
يتابع بسام أن ما جرى مع شقيقه كان استهدافا مباشرا برصاصة قناص إسرائيلي، رغم أن علي كان بعيدا عن المواجهات.
ويؤكد أن علي لم يشارك في إلقاء الحجارة على قوات الاحتلال، وإنما تواجد في المكان بغرض المشاهدة، وما حصل كان بشكل متعمد.
أما قسام أبو عليا ابن عم الشهيد فيقول، إن "الشهيد حاله كحال أي طفل طموح يحب الحياة ويسعى للتعلم أسوة بزملائه وأبناء جيله".
ويضيف أن علي كان محبوبا د لوالديه وهو المقرب لهما بين أشقائه، بل كانت عاطفة والديه الأشد له، الأمر الذي آلم الأسرة وأفجع قلوبها.
ويرى أبو عليا أن قتل طفل بهذا العمر وبدون سبب ودون تشكيل خطورة على أحد، تعدى كل حدود الإجرام، وخرج عن طور الإنسانية.
ويصف أبو عليا شعور أقرباء الطفل وأصدقائه بالصدمة والحدث الذي لا يكاد يصدق، والذي اختطف طفلا بريئا من أحضان أسرته.
واستشهد الطفل أبو عليا (13 عاما) برصاص قناص خلال مواجهات مع شبان القرية أول أمس الجمعة، وقد أصيب بالرصاص الحي في البطن وأدخل العناية المكثفة واستشهد بعد ساعات من إصابته.
وكان المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام نيكولاي ميلادينوف طالب الاحتلال بالتحقيق بسرعة وبشكل مستقل في قتل الطفل ابو عليا، واصفا ذلك بـ "المروّع وغير المقبول".