بقلم/ أحمد أبو زهري
الفيلم يحتاج لتأمل عميق في المحتوى، صور، ومقابلات، ورسائل، وأسرار، وتوقيت، وهذا ما يفرض مشاهدته أكثر من مرة دون تسرع في التقييم، أو اجتزاء لمحتوى دون الأخر، لان المادة مركبة في سياق معين لتحقق أهداف مختلفة، وهذا ما دفعني لإعادة بعض المشاهد مرة أخرى، فحينما تسمح الكتائب بالكشف عن تفاصيل مشابهة فإن ذلك يتم بشكل مدروس، وما يسمح بنشره يكون محاطا بجملة من الاحتياطات الأمنية والميدانية، حتى لا يتم استهداف تلك المناطق، لادراك الكتائب أن العدو يتابع عن كثب ويحلل كل حرف.
أولا: التوقيت
اختارت الكتائب عرض الفيلم في وقت تتشابك فيه الاحداث والتطورات، وتتزامن أيضا ذكريات ما بين الأليم والعزيز منها، فتوافقت مع الذكرى 15 لدحر الاحتلال، وذكرى اتفاق أوسلو المشؤوم، والتقارب العربي مع إسرائيل من الامارات والبحرين، والعروض الدولية لمقايضة السلاح برفع الحصار، والتهديدات بالحرب.
ثانيا: الرسائل:
حزمة من الرسائل يمكن التقاطها، ومنها للعدو بأن لا يختبر قدرات المقاومة وألا يعول على نزع السلاح وأن الحصار فشل في تحقيق أهدافه، وللداعمين من الجمهورية الإسلامية وغيرهم بأن ما يقدمونه هو محط تقدير وكان له دور في تعزيز الصمود المقاومة، وللعرب المطبعين أن الحقوق تنتزع بفعل المقاومة وأن تطبيعهم سيزيد شعبنا ومقاومته تمسكا بالأرض، ولمن يحاصرون شعبنا ويقطعون خطوط الامداد من العرب بأن معية الله حاضرة والكتائب أوجدت البدائل، وقبل كل ذلك تطمين شعبنا على قدرة وقوة ارادة المقاومة.
ثالثا: المقابلات
كان ظهور هنية لافتا ومهما من ناحيتين أولها لاهميته السياسية ومكانته على رأس الهرم في التنظيم، وثانيها في طبيعة التصريحات أو التفاصيل التي أفصح عنها حول العروض والوساطات الدولية وحجم المؤامرة التي تستهدف السلاح في الآونة الأخيرة، وتأكيده لرفض الحركة فتح حوار مع الأمريكان بسبب تزامن ذلك مع مؤامرة تقاد ضد شعبنا، كما أن ظهور قادة وخبراء تصنيع للحديث حول تجربة العمل لها دلالات مختلفة منها اثبات قدرة الكتائب على تدوير هذه المخلفات، واثبات وعي هذه الفرق المتخصصة، وإبراز دور هؤلاء في توفير البدائل برغم خطورتها.
رابعا: الصور
حالة من التعمية مارستها الكتائب لمحاولة إخفاء الكثير من الأشياء في محيط المرابض، وشاحنات النقل، وورش العمل، وغيرها، مع قناعتي أنها أماكن أعدت بشكل مؤقت لهذا الغرض خشية من الانكشاف أمام العدو، ولخداعه وافشال مساعيه في إمكانية تعقب تلك المناطق، فليس بالضرورة أن تكون هذه الأماكن هي المعتمدة في العمل، فقد اعتدنا على سلوك الجهاز العسكري أنه كثير الحسابات ولا يغامر وخطواته هادئة ومتزنة.
خامسا: الأسرار والحصريات
كان منها الكشف عن نشاط وحدة الكومندوز البحري في مهمة البحث داخل المدمرتين ومشاهد نقل القذائف وتفاصيل حول كيفية الاستفادة منها، بالإضافة لاستخراج المواسير المعدة لسرقة المياه من القطاع، وإعادة تدوير القذائف، برأيى لم يكن ذلك عبثا فالكتائب تقول أنها نبشت الأرض وحفرت في الصخر، وتسللت في عمق البحر، وواصلت الليل بالنهار لتسليح نفسها ورفع قدرتها ولم يعيقها شيء، لكن بالطبع ليس كل مانشر هو كامل المشهد فالستار يخفي الكثير، مع قناعتي بأن كشف التفاصيل لن يكون له تداعيات أمنية لان الامر مضى عليه زمن طويل وكافة المهام أنجزت.