باتت الشوارع الرابطة بين مدن وقرى الضفة الغربية المحتلة، محفوفة بخطر عصابات المستوطنين التي تتصيد المركبات الفلسطينية في محاولة منها لإيقاع أكبر قدر من الخسائر البشرية والمادية فيها.
وفي غضون ثلاثة أيام، سجلت شوارع الضفة سلسلة اعتداءات قامت بها مجموعات من المستوطنين، طالت أكثر من عشر مركبات، ونتج عنها إصابات بين الركاب بعضها وصفت بالخطيرة.
وآخر هذه الاعتداءات ما وقع في شارع حوارة الرئيس جنوب مدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة فجر الأحد، حين استهدفت مجموعة من المستوطنين عدة مركبات مارة أو متوقفة، وحطموا زجاجها.
وتشير خارطة الاعتداءات الأخيرة إلى تركزها في المنطقة الواقعة ما بين محافظتي رام الله ونابلس، وتحديدا من بلدة ترمسعيا شمال رام الله إلى حاجز حوارة جنوب نابلس، مرورا بمفترق جيت على شارع حوارة.
ويوم الجمعة، أصيب أربعة مواطنين بجروح بعد أن رشق مستوطنون مركبتهم بالحجارة بالقرب من ترمسعيا، ووصفت جراح أحدهم بالخطيرة وهي لسيدة حامل في شهرها التاسع.
وقال مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة غسان دغلس أن هناك اعتداءات يومية تقع بهذا المحور، لكن الكثير منها لا يتم توثيقه أو الإبلاغ عنه.
ويضيف: "من الواضح أن هناك تصعيدا خطيرا بهذه الاعتداءات تقف وراءه مجموعة جديدة من المستوطنين متخصصة بتحطيم السيارات وإغلاق الطرقات".
وبيّن أن المعطيات تؤكد أن ما يجري هو عمل منظم وليس عشوائيا، تقوم به عصابة يتوزع أفرادها على عدة مستوطنات بين رام الله ونابلس.
أهداف واضحة
ورغم أن هذه المجموعة لم تترك توقيعا كما جرت العادة مع عصابات "فتية التلال" و"تدفيع الثمن"، إلا أن هدفها واضح، وهو إخلاء شوارع الضفة من المركبات الفلسطينية ليلا لتكون حكرا على المستوطنين، كما يرى دغلس.
ويضيف: "شعارهم المرفوع هو فرض الحصار على العرب وإطلاق يد المستوطنين".
وتشير الدلائل إلى أن هذه العصابات تحظى بدعم من قوات الاحتلال التي تسهل عملهم وتوفر الغطاء لهم.
ويقول دغلس: "لو أرادت قوات الاحتلال الوصول للمعتدين فيمكنها ذلك بسهولة من خلال الرجوع لتسجيلات الكاميرات، لكنها تتعمد التغطية عليهم".
كما تستفيد هذه العصابات من الغطاء القانوني الذي يوفره لها القضاء الإسرائيلي.
ويلفت إلى أن عائشة الرابي استشهدت قبل عامين بحجر ألقاه مستوطنون على مركبتها جنوب نابلس، ومع ذلك تم إخلاء سبيلهم، وكذلك يتم العمل لتبرئة مرتكبي جريمة إحراق عائلة دوابشة.
مواسم الإجرام
وتتزايد وتيرة اعتداءات المستوطنين في شوارع الضفة عقب عمليات المقاومة أو بالتزامن مع قيام الاحتلال بإزالة بؤر استيطانية.
وقال المواطن ساري عبد الله أنه نجا من الموت بأعجوبة عندما تعرض لاعتداء المستوطنين قبل نحو شهرين بالقرب من مفترق جيت.
وأوضح أنه كان عائدا لبيته بطولكرم ليلا ومعه أفراد أسرته، وعندما وصل إلى مفترق جيت على شارع حوارة الرئيس باغتته مجموعة من المستوطنين، ورشقوا مركبته بحجر كبير أصاب مقدمة المركبة، وتمكن من الإفلات منهم بصعوبة.
وأشار إلى أن شوارع الضفة لم تعد آمنة بعد تزايد اعتداءات المستوطنين، وأن التنقل فيها ليلا يمثل مجازفة محفوفة بالمخاطر.