على عتبة منزله في مخيم جباليا شمال قطاع غزة، يجلس سائق الأجرة نضال عميرة، يتابع حالة حظر التجول التي فرضتها وزارة الداخلية ضمن إجراءات مكافحة انتشار فيروس كورونا، وعينه ترقب أي خبر يدل على موعد إنهاء الإغلاق.
السائق عميرة ورغم قناعته بالإغلاق كضرورة ضمن إجراءات الحد من كورونا، إلا أنه يكتوي بحاجة عائلته لقوت يومهم، الذي لم يجلبه إليهم منذ بدء الحجر قبل قرابة الأسبوعين، وتوقف العمل على السيارة التي تجوب شوارع مخيم جباليا.
واضطر عميرة لاستدانة مبلغ من المال من أحد أقربائه ليصرف على عائلته التي زادت حاجتها ومصاريفها في ظل الحجر، وحاجة أطفاله السبعة لمؤونة في ظل الإغلاق.
عمال دون أجر!
حال بائع المرطبات في سوق الشيخ رضوان محمد وشح لا يختلف كثيرا عن سابقه، ففي ظل الإغلاق يعيش الرجل ضائقة مالية بسبب حاجته لدفع قسطه الشهري بعد بناء منزله.
وقال وشح : "نترقب قرارات الحكومة الجديدة التي تسمح لنا بإعادة افتتاح المحال للبيع، فمع استمرار الإغلاق تتأزم الأوضاع المادية ونعجز عن شراء احتياجاتنا في ظل منع التجول".
ويرى أن العمال الذين يعتمدون على دخلهم بشكل يومي، لا يقوون على الإغلاق لمدة طويلة، "فبعد أسبوعين من فرض حظر التجوال بدأت البيوت تتكشف، والمواطنون يعانون".
بدوره، أكد وكيل وزارة العمل في غزة موسى السماك أن عمال المياومة الذين تضرروا من جائحة كورونا سيكونون على رأس أولويات وزارته في الإغاثة وصرف المساعدات.
وقال السماك إن حكومته أضافت 70 ألف عامل من المتضررين جراء الإغلاق، للاستفادة من 100 دولار لكل فرد.
وأوضح أنه جرى توزيع آلاف المساعدات الغذائية على العائلات، "وكانت الأولوية لأسر العاملين الأكثر عددا والأشد فقرا".
وذكر المسؤول أن لدى وزارته قاعدة بيانات كاملة خاصة بعمال المياومة، بعد فتح باب التسجيل الإلكتروني للعمال في أبريل/ نيسان الماضي.
وأضاف "سجل لدينا 138 ألف عامل، تلقى 10 آلاف منهم مساعدات في أبريل الماضي".
وبيّن السماك أن وزارته عملت على فلترة الأسماء وإضافة العمال المتضررين والأكثر احتياجا للاستفادة من المساعدات العينية والنقدية التي تقدمها الحكومة.
في حين دعا رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين سامي العمصي، الحكومة، لتسخير إمكانيات لتعويض عمال المياومة المتضررين جراء الإغلاق.
وقال العمصي: "عامل المياومة في حال عمل بيومه سيأخذ أجره، إن لم يعمل فلن يحصل على قوت يومه، وهذا حال أغلب عمال قطاع غزة".
وأكد أن 160 ألف عامل تضرروا بشكل مباشر وغير مباشر في جميع القطاعات، "وبالتالي نحن نتحدث عن 160 ألف أسرة حرمت من الدخل اليومي، وهو ما يضع قطاع العمال في مأزق كبير".
وقدّر العمصي خسائر العمال في أول 10 أيام من الإغلاق، بقرابة 27 مليون دولار، مطالبا الحكومة بضرورة إنشاء صندوق لدعم عمال المياومة، "ولذلك يجب أن يكون العامل هو المستفيد الأكبر من حملات الإعانة والإغاثة".
وأشاد بخطوة الحكومة، بإضافة آلاف العمال للاستفادة من المنحة القطرية، مطالبا بمشاريع تنموية وإغاثية بدلا من استنزاف الأموال في المساعدات الإغاثية التي لا تعطي الاقتصاد المحلي نموا.
ضمن اهتمامات الحكومة
من جهتها، ذكرت المتحدثة باسم وزارة التنمية الاجتماعية في غزة عزيزة الكحلوت، أن وزارتها وضعت عمال المياومة على قائمة اهتماماتها منذ اليوم الأول للإغلاق.
وأكدت الكحلوت أن عمال المياومة من ضمن خطة الطوارئ التي تشرع بها وزارة التنمية، بجانب القطاعات الأخرى.
وقالت: "لدينا قاعدة بيانات كاملة لعمال المياومة، وحاليا نسلم طرود إغاثية للكثير من عمال المياومة، وأضفنا آلاف العمال للاستفادة من المئة دولار ضمن المنحة القطرية".
وعلى خلاف العمال المتضررين، أعرب بائع الخضار في سوق النصيرات تيسير رمضان، عن ارتياحه لعمله خلال فترة الإغلاق خلال الأسبوعين الماضيين.
وقال رمضان: "هناك إقبال كبير من المواطنين على شراء الخضراوات في ظل إغلاق الأسواق، وهو ما يزيد من أرباحنا".
وأضاف: "نتخذ إجراءات الوقاية كاملة، وهناك مواعيد محددة للبيع نلتزم بها، وهي شروط وزارتي الاقتصاد والزراعة للاستمرار في البيع".
ووفق تقرير لنقابة العمال، انخفضت طاقة وانتاجية المصانع بشكل كبير، "فيعمل حاليا 100 مصنع فقط من أصل 2000 مصنع في قطاع غزة، كانت تشغل قبل الإغلاق بسبب كورونا، 21 ألف عامل تعطل معظمهم عن العمل".
وذكر التقرير أن قرابة 20 ألف سائق يعملون على تحميل الركاب تعطلوا عن العمل بسبب الجائحة، ونحو 3 آلاف عامل في الغزل والنسيج، وقرابة 30 ألف مزارع، فضلا عن تعطل 4 آلاف صياد بسبب إغلاق البحر، و600 عامل يعملون في المولات التجارية، وآلاف الباعة المتجولين، وأصحاب البسطات، وعمال المحال التجارية بمجالات متعددة.