تعيش عائلة أمل محمود هلَعًا على مدار الساعة مع استمرار اعتداءات المستوطنين عليهم في قرية "بيت سكاريا"، كان آخرها خط شعارات متطرفة على جدران منزلهم وتخريب مركبتهم.
في المرة الأخيرة، خرج طفل أمل ذو السنوات الست باكرًا إلى ساحة المنزل، وما لبث أن عاد مرعوبًا بعد رؤيته آثار اعتداء المستوطنين على جدران المنزل ومركبة العائلة.
حال عائلة أمل كحال 650 مواطنًا يعيشون في قرية بيت سكاريا، ويتعرضون للعديد من التضييقات والانتهاكات التي تهدف إلى ترحيلهم قسرًا عن أرضهم.
وتقع قرية زكريا أو "بيت سكاريا" في قلب تجمع مستوطنات "غوش عتصيون"، المقام على أراضي المواطنين جنوبي بيت لحم جنوبي الضفة الغربية المحتلة، منذ عام 1967م.
وتضم القرية أربعة تجمعات "خلة البلوطة، وخلة عفانة، والشفا، ووادي شخيط"، ويحيط بها 12 مستوطنة ضمن أول التجمعات الاستيطانية المقامة على الأراضي الفلسطينية.
فصول المعاناة
وتعد القرية ضمن المناطق المصنفة "ج"، وهي مناطق تخضع لسيطرة الاحتلال المدنية والعسكرية، وتبلغ مساحتها نحو 9000 دونم، صادرت سلطات الاحتلال منها 2000 لتوسيع المستوطنات المحيطة وشق طرق استيطانية.
وتقول أمل محمود لوكالة "أرض كنعان"، إن أهل القرية يعاملون معاملة الدخلاء، ولا يتوفر لهم أدنى قدر من الحقوق الأساسية للحياة الكريمة.
وتضيف أن "المستوطنين يجوبون شوارع القرية بكل ثقة وأمن، في المقابل يعيش أطفالي رعب اعتداء أحدهم كلما طرق الباب أو سمعنا أصواتًا حول المنزل".
وأصيبت أمل في قدمها عقب اعتداء مستوطنين وإلقائهم حجارة على المارّة وطلاب المدارس، أثناء اصطحابها لابنتها من مدرستها.
وعلاوة على الاعتداء المستمر، تهدف آليات الاحتلال منازل بعض المواطنين، كحال نعمان أسعد، الذي هدم منزله بنفسه بعد تسلّمه إخطارًا بهدمه خلال مهلة 96 ساعة في فترة عيد الأضحى المبارك.
ويقول نعمان لوكالة "أرض كنعان"، إنه يعيش في مسكن بغرفتين فقط مع عائلته ووالديه وعائلة نجله.
ويضيف "نظرًا لضيق المكان اضطررت لبناء غرفتين جديدتين، وسرعان ما هدمتهما آليات الاحتلال بحجة عدم الترخيص".
ويشدد على أن محاولات الاحتلال لدفعه لمغادرة القرية لن تجدي نفعًا، مؤكدًا نيته إعادة بناء منزله المهدوم.
ويتابع "في عام 1967 كان جدي يبني، في حين كان الناس يغادرون القرية. لن أرحل".
تضييق مستمر
ويواصل جنود الاحتلال والمستوطنين التضييق على أهالي قرية بيت سكاريا، ضمن سياسات ممنهجة للضغط على عليهم لترحيلهم قسراً.
ويقول رئيس مجلس قروي القرية محمد عطا الله لوكالة "أرض كنعان"، إن الاحتلال لا يسمح بترميم منازل القرية المبنية من الطوب والصفيح، ويهدم أي مبنى جديد ويحظر أي إضافة إلى المنازل الموجودة بحجة عدم الترخيص.
ويوضح أن معظم منازل القرية تتكون من غرفتين سكنيتين فقط، وتقطنها أكثر من عائلة، بعدد أفراد يتراوح بين خمسة و10 أشخاص داخل المنزل.
ويؤكد أن القرية تفتقر للمواصلات العامة ولا يوجد طريقة للتنقل إلا من خلال السيارات الخاصة، ولا تمتلك أي مرفق صحي.
وتحتوي القرية على مدرسة أساسية واحدة، ويضطر الطلبة للذهاب إلى مدارس ثانوية خارجها لإتمام تعليمهم، مما يعرضهم لخطر عبور دوار "عتصيون".
ويوضح عطا الله "أن الاحتلال يمنع عبور المشاة على ذلك الشارع، ما يهدد حياة الطلبة في حال تعطلت الحافلة المخصصة لنقلهم، ولم تسعفهم مركبة خاصة لإعادتهم إلى القرية".
كما يوجد في القرية مسجد واحد فقط أوقفت سلطات الاحتلال إتمام بناء مئذنته، ومنعت الأذان فيه بسبب شكوى المستوطنين بزعم انزعاجهم من صوته.
ويلفت عطا الله إلى أن منع الاحتلال البناء في القرية، أجبر الكثير من أهلها على مغادرتها بحثاً عن مكان آمن للسكن، موضحًا أن أي شاب يريد الزواج يكون أمام خيارين، إما الرحيل أو العيش في عريش على سطح منزل عائلته.
ويوضح أن تضييقات الاحتلال لا تتوقف على منع البناء والترميم، بل تتعداها إلى الاعتداء على المحاصيل الزراعية وتقطيع الأشجار من المستوطنين، والاعتداء على طلاب المدارس في طريق ذهابهم أو عودتهم، وإلقاء الحجارة والألعاب النارية على المنازل ليلاً، وخط شعارات عنصرية على ممتلكات المواطنين ومنازلهم.