Menu
12:26"الطاقة" تستعرض مستجدات تطبيق نظام تراخيص المولدات التجارية
11:58غزة: صرف مخصصات ذوي الشهداء والجرحى والأسرى والمحررين غداً الاثنين
11:56الشيخ: نهنئ الشعب الأمريكي على رئيسه الجديد المنتخب
11:53اقتحامات متواصلة للمسجد الأقصى بقيادة المتطرف "غليك"
11:47إعلان مهم للراغبين بالسفر إلى دبي وتركيا
11:30الخارطة الوبائية لمصابي كورونا اليوم في قطاع غزة
11:27يخص الدول الإسلامية.. أول قرار للرئيس المنتخب بايدن..!
11:27تعطل مفاجئ لخط كهرباء مُغذٍ لمحافظة غزة
11:20هيئة الفنادق والمطاعم: تقدمنا بخطة للحكومة في ظل كورونا
11:18البزم: سنفتح صالات الأفراح إذا انخفضت أعداد الاصابات بغزة
11:03الغصين: 158 ألف متضرر من جائحة كورونا بغزة
11:01الاحتلال يحاكم ما بين 500 إلى 700 طفل فلسطيني سنوياً
10:35الرئيس عباس يهنئ جو بايدن بفوزه بالانتخابات الأمريكية
10:30الطيبي يرجح عودة الحوار بين الادارة الامريكية والسلطة الفلسطينية قريبا
10:18بلجيكا تطالب "إسرائيل" بتعويضات عن عمليات هدم منازل فلسطينية

حدث في غزة:رجلان حاولا اغتصاب فتاة داخل سيارة أجرة، فاعتقلتهما الشرطة لشهر واحد فقط

ارض كنعان/ غزة/ تحت "المخدة" يحتفظ المواطن حسن بمبلغ محدد، سيدفعه ذووه -في حال ألقت الشرطة القبض عليه- ككفالة مالية كونه تاجر عقاقير مخدرة، هو يؤمن بأن الأمر كما يعبر عنه بالعامية "ديته 40 أو 50 مليون" أو "شغل يومين في تجارة الترامدول".

حسن الذي لم يبلغ الثلاثين عامًا بعد، لديه أربعة أبناء ويعيش شرق قطاع غزة. اشتهر في الحي بأكمله كتاجر عقاقير مخدرة وسارق للدراجات النارية؛ لذا لا تغرهم لحيته الكثيفة التي أطلقها "لزوم الشغل"، إذا اختفى عن أنظارهم يعلمون حينها أنه في السجن، لكن بعده لا يطول ولا يتجاوز الشهرين.

يقول أحد جيرانه: "هذا الرجل يأخذ راحته "عالآخر" في الحي، وكلما اعتقل يخرج بعد شهرين، عرف لدى غالبية مراكز الشرطة في قطاع غزة و"ضرب صحبة" مع العاملين في المراكز، سُجن مؤخرًا في المنطقة الوسطى، وهذه المرة طال سجنه على غير العادة".

ويعتقد هذا الجار أن حبس حسن في منطقة الوسطى هذه المرة نابع من إصرار الشرطة على وضعه في مكان لا يعرفه فيه أحد.

تمثل حكاية حسن جريمة واحدة من العديد من الجنح والجنايات التي لا يشفي عقابها غليل المواطنين، فهؤلاء متذمرون من خروج المجرم بعد فترة قصيرة بكفالة مالية أو بغيرها، وهم يعتقدون أن المجرمين "أصحاب السوابق" يوضعون في السجن لفترة قصيرة وكأنهم كانوا في نزهة.

أسباب عدة تحول دون وجود رادع قوي مناسب للكثير من الجرائم، منها القوانين القديمة وقلة عدد القضاة وقلة السجون إضافة إلى عدم وجود معامل جنائية تثبت التورط.

"الرسالة" تقف في التحقيق التالي على مدى فاعلية قوة الردع في المجتمع الفلسطيني، وتبحث مع المختصين الآليات للخروج برادع مناسب قانونيا وإجرائيًا.

فراغ تشريعي

يرجع مدير عام الدائرة القانونية بالتشريعي نافذ المدهون ضعف قوة الردع في بعض القوانين الجنائية إلى قدم التشريعات المعمول بها، التي لم تأخذ بعين الاعتبار الجرائم الحديثة كالجرائم الإلكترونية التي بدأت تظهر في المجتمع، فهي جرائم لا تجد في القانون ما يسد الفراغ فيها.

ويشدد المدهون على أهمية إعادة النظر في التشريعات العقابية لوضع جميع الجرائم في النطاق الصحيح، ويستشهد المدهون بما حدث في قضية الكردي والروبي وقال إن العقوبة يجب أن تكون أشد.

وفيما يتعلق بالعقوبات ضد تجار المخدرات قال المدهون إن قانون المخدرات المعمول به قديم تم إصداره في حقبة تاريخية لم تأخذ بعين الاعتبار التطورات الجديدة في مجال العقاقير المخدرة وهذا وضع القاضي أمام فراغ تشريعي، مؤكدًا على أهمية تنفيذ قانون العقوبات الحديث الذي من المفترض أن يعرض قريبًا للقراءة الثانية.

الشرطة جهة منفذة

يبدو الناطق الإعلامي باسم الشرطة الفلسطينية أيمن البطنيجي متعبًا من اللوم الموجه لهم من المواطنين, فهو لا يخفي أن هناك لوما كبيرا لخروج هؤلاء المجرمين من السجون قبل معاقبتهم على أكمل وجه، لكن يصرح أن الشرطة جهة منفذة لا علاقة لها إلا بتنفيذ الأحكام وتطبيقها كما يجب.

ويقول البطنيجي: "نحن جهة منفذة نقوم بالاعتقال والملاحقة وينتهي دورنا عند اتخاذ الإجراءات الجزائية".

ويرد على القول بأن الشرطة مقصرة في تنفيذ الأحكام: "هذا مستحيل ما يحدث فقط في القضايا المتعلقة بالذمم المالية، نمهل المدان مهلة لا تزيد عن أسبوع لتسديد ما عليه من مال".

الناطق باسم الشرطة لا ينكر تخوفه عند زيادة اعتقال تجار المخدرات ووضعهم في سجن واحد فقال أنه من الممكن أن يتعارفوا ثم تصبح الجريمة أكبر تنظيمًا في غزة، ويمتدح السلطات القضائية التي اعتمدت الصحيفة الجنائية بحيث أصبحت ترفق مع المتهم فيعرف سجله السابق وهذا ما يدفع القاضي لعدم التساهل معه.

ويوضح أن الغرامات المالية المفروضة أسهل من الحبس لكن القضاة يميلون إلى الغرامات كون الأماكن المخصصة للاعتقال غير كافية في قطاع غزة.

ويعتقد البطنيجي أن العمل بالقانون الحالي هو السبب في ضعف قوة الردع، وأضاف أنه يستبشر خيرا بقرار المجلس التشريعي العمل بالقانون المصري في معاقبة تجار متعاطي المخدرات والتي قد تصل لحد الأعمال الشاقة المؤبدة أو الإعدام، وعقب قائلاً: "حتى الآن لم يعمل بهذا القانون، واعتقد أنه عند العمل به سيكون الردع أكثر حزمًا والعقوبات أشد".

القضاء يطبق القانون

رئيس محكمة بداية غزة أشرف فارس قال إن القانون المعمول به في قطاع غزة حدد سقف أعلى لكل جريمة ترتكب، والقضاء الفلسطيني يطبق العقوبة الملائمة لهذه الجريمة حسب القانون, مضيفا: " القضاء قد لا يأخذ بالحد الأقصى للعقوبة بل وفق الظروف الاجتماعية والاقتصادية وحالة وسلوك الجاني وحالة المجني عليه، وغيرها من الظروف التي تحقق العقوبة المناسبة".

ويؤكد فارس أن عدم وجود أماكن لتأهيل المتهمين يسبب مشكلة، فوجود هذه المراكز مهم في عملية تأهيلهم وإصلاحهم وهذا هو الهدف الأساسي من العقوبة كي يخرج النزيل مؤهلا مجتمعيًا.

وتابع: "الهدف من العقوبة هي أن تكون رادعة للمتهم ومؤهلة له لأن يكون مواطنا صالحا، وحجز المتهمين في أماكن غير مؤهلة للآدميين ومكدسة بالنزلاء يعمق المشكلة".

ويوضح أن القضاء الفلسطيني يطبق القانون ويراعي جميع الظروف والحالات التي تستوجب العقوبة المناسبة، وقال: "نحن نشدد العقوبة على كل الجرائم التي تعتبر ظاهرة في المجتمع لوقفها ولا نستطيع أن نخرج عن الإطار القانوني، والقاضي عليه رقابة من المحاكم القضائية، تراقب مدى ملاءمة كل الأحكام الصادرة عنه وفي حال مخالفتها للقانون نقوم بتغيير الحكم".

وحذر رئيس محكمة البداية من انتقاد الأحكام والقرارات الصادرة عن المحاكم الفلسطينية خاصة التي تهدف لزعزعة ثقة المجتمع بالقضاء الفلسطيني".

لا عقاب للنساء !!

لم تتخيل السيدة ناهد –45 عامًا– أن مشكلاتها مع كنتها –زوجة ابنها - التي لم تبلغ العشرين من العمر ستصل لحد أن تهاجم الأخيرة منزلها وتكسر أثاثه بعد أن تضربها ضربًا مبرحًا يسبب لها عجزا نسبته 15% كما أثبت الكشف الطبي، والأخطر حدوث ارتجاج في الدماغ.

وصل الأمر إلى المحكمة فقضت بكون زوجة الابن مذنبة لذا توجب حبسها لمدة عام ودفع غرامة 800 شيكل، وبعد مرور أكثر من شهر على القرار لم ينفذ شيء والحجة "أنها ست"، تقول الحماة: "قبل أيام طلقها ابني، لكنى مصرة على أخذ حقي بقوة القانون، الآن رفعت عليها قضية تعويض بسبب الأضرار المادية والجسدية التي تعرضت لها بسببها وآمل أن ينصفني القضاء هذه المرة".

تقول المحامية التي تتوالى المرافعة عنها: "كان يجب أن تعاقب هذه السيدة، ولا قانون يحجب العقاب على الأنثى، فهي مذنبة بقرار من المحكمة وبأدلة وشهود وكان على الشرطة أن تنفذ القرار بحقها".

إقامة سجون

70 عاما مرت على قانون العقوبات لعام 1936 والمطبق في قطاع غزة، وهي كفيلة بأن يُعمل عاجلًا من أجل الخروج بقانون كامل ومستوفي للحاجة في ظل تطور الأمور.

هذا ما يقر به المحامي ناظم عويضة الذي يستشهد بقانون الجرائم الالكترونية التي يعمل المجلس التشريعي على إقراره في ظل تزايد تلك الجرائم في المجتمع الفلسطيني، مؤكدا أن تطبيق القانون هو مهمة القاضي.

ويأسف عويضة لكون القاضي في قطاع غزة يعاني من مشاكل داخل المحاكم وقال: "هناك مشكلة في الأجندة القضائية وعدد القضاة غير كاف لمواكبة حجم الملفات الواردة للمحاكم في القطاع وهذا يتطلب تعيين قضاة جدد بحيث يمكن التغلب على المشكلة ".

ويرى عويضة أهمية أن يتلاءم عدد القضاة مع عدد المنازعات ، وقال: "يجب تشكيل أكثر من هيئة للنظر في الجنايات لا يوجد إلا هيئة واحدة في غزة واحدة دير البلح خانيونس".

ورغم أن عويضة يعتبر الإجراءات العقابية رادعة والمحكمة تشدد في أحكامها إلا أنه يرجع اعتماد الغرامات المالية بشكل أكبر لكون السجون لم تعد تتسع للمجرمين.

القضايا الأخلاقية

سيبقى إقرار قانون العقوبات الفلسطيني الذي يجرم قتل النساء مطلبًا شرعًيا ملحًا بعد تزايد حالات القتل افتراءً بحجة الشرف، فلا أحد ينكر أن عقوبة العذر المخفف في قضايا القتل على خلفية الشرف دفعت الكثير لجعل الشرف حجة يقف وراءها أسباب لا حصر لها.

وبعيدًا عن جرائم القتل، لا تأخذ قضايا التحرش والاغتصاب مجراها القانوني المطلوب، فقبل عام حاول رجلان اغتصاب فتاة جامعية منقبة في سيارة أجرة، الفتاة التي تقطن المنطقة الوسطى تجرأت واشتكت للشرطة التي اعتقلتهما لمدة شهر واحد ومن ثم خرجا بكفالة مالية.

وتعقب لنا المحامية دينا أبو زايدة على القضية: "محاولة الاغتصاب تعتبر جناية، يعاقب عليها القانون بما لا يقل عن سبع سنوات"، مضيفة: "الجرم كان واضحا، فقد خلع المجرمان جلباب الفتاة كما أثبتت التحقيقات، أوقف المتهمان بتهمة محاولة الاغتصاب ولم يمكثا في السجن أكثر من شهر".

لا يوجد معمل !!

رئيس اللجنة القانونية في المجلس التشريعي فرج الغول أكد أنه رغم تشديد العمل في القانون لكن يوجد بعض الثغرات كأن يصعب إثبات الضبطية فيما يتعلق بتجار المخدرات، وعقب بالقول "عدد كبير من القضايا لا نستطيع الضبط لحيازة المخدرات إضافة إلى أن غياب معمل جنائي لفحص المواد المضبوطة يؤثر على عملية العقاب فلا تأتي النتائج مباشرة".

ويوضح الغول أنهم حاولوا التغلب على ذلك باللجوء إلى المعامل المصرية لكنها تأخذ وقتا طويلا وهذا ما يدفع الشرطة لإطلاق سراح المتهم بكفالة وعقب بالقول: "الخروج بكفالة لا يعني تبرئته، إنما الانتظار لحين تأتي النتائج".

وطالب النائب الغول الحكومة بسرعة انجاز المعمل الجنائي الذي رصد له مبلغ مالي مؤخرا.

كما ذكر أن قانون المخدرات والعقاقير الخطرة معروض على المجلس التشريعي وقريبا سيتم الانتهاء من قراءاته ليصبح نافذا ومطبقا على التجار، مضيفا أن ما يميز هذا القانون أنه مشدد الأحكام على قضايا العقاقير المخدرة أما فيما يتعلق بالقضايا الأخرى فقال الغول أنهم بصدد إعداد قانون عقوبات رادع وقوي.

لا عقاب

أداء يمين كاذب أو "شهادة زور" احدى الكبائر التي حذر منها الشرع الحنيف , لكن مرتكبه لا يعاقب !!

ما سبق قضية تولتها محامية فلسطينية لم ترغب بالكشف عن اسمها، تقول للرسالة: "ثبت في الأدلة وأمام النيابة أن الرجل أقسم كذبًا بخصوص دين شرعي وترتب على هذا القسم إنكار حق مالي لآخر".

وتابعت المحامية: "رغم أنه ثبت أمام النيابة كذب الرجل بسبب تضارب شهادته ومع هذا لم توجه له تهمة بل حفظت الشكوى"، وتؤكد أنها الآن بصدد استئناف الحكم أمام محكمة الصلح المختصة بالجنح.

أحكام لا تنفذ

يسرد لنا مدير برنامج الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان لقطاع غزة جميل سرحان ثلاث مشاكل يعاني منها القضاء الفلسطيني في قطاع غزة، أولها: قلة عدد القضاة وهذا ما أدى إلى بطء في الإجراءات القضائية الصادرة والمنفذة، وثانيها: أن القضاة حديثو العهد بالقضاء وخبرتهم محدودة وهم بحاجة إلى دورات تأهيلية، أما المشكلة الثالثة فهي ضرورة الالتزام بالأحكام الصادرة عن المحاكم الفلسطينية وتنفيذه.

وأضاف سرحان: "رصت الهيئة مؤخرًا 10 حالات في عام 2012 امتنعت فيها الشرطة عن تنفيذ قرار المحكمة".

من جهته يؤكد الباحث في الهيئة المستقلة مصطفى إبراهيم أنه لا مشكلة في القانون الفلسطيني إنما المشكلة في الجانب الإنساني , وقال: "هناك صرامة في تطبيق القانون وتطبيق قرارات المحاكم مقارنة بالضفة الغربية التي لم تنفذ فيها قرارات المحاكم في أكثر من حالة".

ضعف الإمكانات المادية للشرطة, وقلة عدد القضاة, وأقدمية القوانين, والانقسام الفلسطيني, واحتكام المجتمع للعرف, وعدم وجود معامل جنائية.. أسباب وقفت في وجه "ردع" المجرمين، لكن هذا لا يقلل من أهمية العمل بجهد أكبر للحفاظ على أخلاقيات المجتمع الفلسطيني الذي لا تصل فيه الجرائم والجنح لما هو موجود في المجتمعات الأخرى.