بقلم: هاني المصري
غدًا الأول من تمّوز، هو الموعد المحدد في برنامج الحكومة الإسرائيلية للبدء بالشروع في الضّم. وحتى الآن من غير الواضح ولا المحسوم متى وما الخطوة التي سيقدم عليها بنيامين نتنياهو في ظل المعارضة الداخلية والخارجية للضم، مع أنّ السيناريو المحتمل أن تبدأ الخطة بضم جزئي ورمزي، من خلال ضم كتلة أو كتل استيطانية، على أمل ألّا يؤدي ذلك إلى تدهور أمني، والإضرار بالعلاقات الإسرائيلية مع كل من الأردن ومصر وأوروبا والأمم المتحدة، وإلى تجميد مسيرة التطبيع العربي بعد أن وصلت اللقمة إلى الفم، وحلّ السلطة أو انهيارها، في ظل إعلان القيادة الفلسطينية أنّ ضمّ شبر يساوي ضم الأغوار والمستوطنات كلها، وأنّ هذا سيجعل الاحتلال مسؤولًا عن احتلاله، وعليه أن يتولى حتى جمع النفايات.
ما الذي يدفع السلطة إلى اتخاذ هذا الموقف غير المتوقع، لدرجة أوقفت التنسيق بكل أنواعه، ورفضت استلام أموال المقاصة، مع أنها أموال فلسطينية والمطلوب منها أن تأخذها إلا إذا ربطت سلطات الاحتلال تحويلها بعودة التنسيق الأمني، فهي تراهن على عدم استعداد إسرائيل للمجازفة بخسارة السلطة لما تقدمه من فوائد جمة لها. ومع ذلك، ما الذي يدفع السلطة إلى هذه الخطوة المغامرة التي تجعلها تسير على حافة الهاوية؟ فهي أمام إما “خسارة كل شيء” أو “ربح كل شيء”.
تراهن السلطة على إمكانية كبيرة لوقف الضم جرّاء المعارضة العالمية القوية له، وذلك يفسّر تجنّبها العمل على إنجاز الوحدة، وممارسة المقاومة الشعبية التي أعلنت عن تبنيها. واكتفت السلطة بقرار التحلل من الاتفاقيات، والتحرك السياسي والديبلوماسي، والتهديد إذا جرى الضم بالتهديد بحل السلطة والمقاومة الشعبية والانتفاضة، لدرجة التلويح من بعض القادة على عاتقهم الشخصي بالمقاومة المسلحة إذا نُفِّذ الضم.
وربما تريد السلطة أن ترسل رسالة إلى الشعب الفلسطيني بأنها فعلت كل ما في وسعها بعيدًا عن المواجهة الشاملة التي لا تريدها ولا تقدر عليها، حيث لا مفر – خشية الجوع والفقر والفوضى – من قبول التعايش مع الواقع الحالي أو الجديد إذا نفذ ضم جزئي رغم مرارته، على أساس أن ليس بالإمكان أبدع مما كان، ولكن من دون منح الغطاء الفلسطيني للمؤامرة الأميركية الإسرائيلية.
وربما ستمضي السلطة، فعلًا، بالمشوار إلى منتهاه، وستسلم مفاتيح السلطة للاحتلال، وتجعله في مواجهة الشعب مباشرة، و”يصير الذي سيصير، فإذا لن تخرب لن تعمر”. وهذا مستبعد كونه يعني مواجهة شاملة، ولا يبدو أن الاستعداد جاريًا في هذا الاتجاه، مع أنه لا ينفع خوض المواجهة بعد اندلاعها، إذ “لا ينفع العليق وقت الغارة”.